شعار قسم مدونات

2 مليون "قنبلة" في غزة!

blogs- غزة

نعم عزيزي القارئ لقد وصل عدد سكان قطاع غزة إلى 2 مليون نسمة، بمعدل طفل جديد كل 10 دقائق و170 كل ساعة و4500 طفل شهريا، ويعد هذا الرقم مهول جدا، وبه يصبح قطاع غزة أكثر بقاع الأرض ازدحاما بالسكان، حيث أن ما نسبته 4661 فرد لكل (1 كم مربع).
 

وفي الحقيقة ليس هذا هو لُبّ الموضوع، فالزيادة السكانية أمر طبيعي في أي مكان بالعالم، لكن المشكلة تكمن في زيادة السكان الهستيرية مقابل ازدياد الأوضاع سوءا وصعوبتها في قطاع غزة يوما بعد يوم بل ساعة بعد ساعة. فالناظر إلى حال غزة ومن عاش فيها وذاق مرارة الحياة فيها يعرف ويفهم جيدا ما أقصده، وهنا سوف أستعرض بنظرة سريعة الحياة هناك من واقع تجربة حية ومعايشة 3 حروب إسرائيلية على القطاع.
 

بحلول عام 2020 لن يكون قطاع غزة مكانا يصلح للعيش، فقد تم التحذير من تلوث الخزان الجوفي للمياه في غزة بما يجعله غير صالح للاستخدام البشري عام 2017

لا أعرف من أين أبدأ، ولكن سأبدأ بما تكتبه يداي لوحدها.. الكهرباء، وما أدراك ما الكهرباء في غزة، التي أصبحت ضيفا ثقيلا مقيما إلى الأبد، فمنذ عام 2008م وبعد قصف الاحتلال لمحطة توليد الكهرباء في القطاع لم ينعم سكان المدينة المظلمة بـ 24 ساعة من الكهرباء المتواصلة، فأقصى يوم ممكن أن تأتي فيه 12 ساعة، أما أدنى يوم: ربما لا تأتيه أصلا ولا يبصر النور في بيته بسبب ازدياد الأزمة وتفاقمها عاما بعد عام. لن أستغرق كثيرا في مشكلة الكهرباء لأنها وحدها بحاجة إلى كتب ومجلدات ولا تكفيها مدونة أو اثنتين أو حتى عشرة.
 

والمشكلة الأدهى والأمر الأكثر خطورة -ولكن الكثيرون لا يعيرونها اهتماما- ألا وهي مشكلة تلوث المياه، حيث دقّ تقرير صادر عن الأمم المتحدة في ديسمبر 2005 ناقوس الخطر بشأن قطاع غزة، بقوله: إنه بحلول عام 2020 لن يكون القطاع مكانا يصلح للعيش، وتم التحذير من تلوث الخزان الجوفي للمياه في غزة بما يجعله غير صالح للاستخدام البشري عام 2017، وهو ما أكده رئيس سلطة المياه الفلسطينية، بأن نسبة المياه الملوثة في مياه غزة الجوفية تصل إلى 97 في المائة بسبب دخول مياه البحر ومياه الصرف الصحي. يعني بحسبة بسيطة 3 في المائة فقط من المياه صالحة لاستخدام 2 مليون نسبة حتى كتابة هذه المدونة.
 

وكما هو معلوم أو غير معلوم للبعض فإن كل شيء سواء كان إنسان، حيوان، جماد أو نبات لا يدخل أو يخرج من وإلى قطاع غزة إلا بمروره عبر الاحتلال الإسرائيلي أو الشقيقة مصر والموافقة عليه من أحد الطرفين، لأن غزة يحدها من الشمال معبر إسرائيلي يتحكم بمقدرات الشعب، ومن الجنوب معبر مصري  لإذلال الفلسطينيين، ولا يوجد منفذ غيرهما للدخول أو الخروج من وإلى القطاع.
 

فترة حكم مرسي كانت الأفضل على قطاع غزة منذ سنوات، أما فترة السيسي الحالية هي الأسوأ على الإطلاق، وأصبحت غزة سجنا كبيرا تحكم القبضة عليه دولة عربية شقيقة واحتلال إسرائيلي غاشم.

ليس هذا فحسب، فقطاع غزة محاصر فعليا منذ عام 2008 من الجانب الإسرائيلي الذي يمنع دخول أو خروج أي شيء حتى وإن كانت إبرة خيط إلا بمزاجه، حتى سفر المواطنين عن طريق الاحتلال وصولا إلى الأردن عبر معبر بيت حانون "ايرز" لا يكون لأي شخص ولا في أي وقت ويلزمك أيها الغزي تصريح وموافقة إسرائيلية ثم موافقة أردنية على ذلك قبل أن تتحرك خطوة من غزة، وإن كنت من الناس المحظوظين فقط يحدث ذلك.
 

ومنذ تلك الفترة أيضا عايشت غزة ثلاث فترات للحكم المصري بدءا بالمخلوع حسني مبارك ثم بالرئيس المنتخب محمد مرسي ثم عبد الفتاح السيسي. ولكن كلمة حق تقال فإن فترة حكم مرسي كانت الأفضل على قطاع غزة منذ سنوات في مختلف الجوانب، وخاصة معبر رفح وسفر المواطنين من خلاله، أما فترة السيسي الحالية هي الأسوأ على الإطلاق، وأصبحت غزة سجنا كبيرا تحكم القبضة عليه دولة عربية شقيقة واحتلال إسرائيلي غاشم، وكأنهم اتفقوا على ذلك.

علاوة على كل ذلك ما زال هناك انقسام فلسطيني دمر وفرق وشتت الشعب وضيّع حقوقه بين "حانا ومانا"، والضحية غزة وشعبها المسكين. -هذه حقيقة أتحدى أن يواجهني فيها أحد- كل هذه الأسباب والمشاكل والصعوبات وغيرها لم يتسع المجال لذكرها ستجعل سكان قطاع غزة عبارة عن 2 مليون قنبلة موقوتة ربما تنفجر في وجه أي أحد وفي أي وقت عندما "يبلغ السيل الزُبى"، وينفذ الصبر الذي مهما طال فإن له حد ونهاية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.