شعار قسم مدونات

يا حكومتنا الشرعية احرقوا سفنكم كي ينتصر الوطن

blogs - yemen

أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيْتَنَّ لَيْلَةً **** بِفَخٍّ وَحَوْلِي أَذْخَرٌ وَجَلِيْلُ
وَهَلْ أَرَدْنَ يَوْماً مِيَاهَ مُجَنَّةً **** وَهَلْ يَبْدُوْنَ لِي شَامَةٌ وَطَفِيْلٌ
بلال ابن رباح يرسل أمنياته وأشواقه إلى "مكة"، ويتمنى المبيت ولو ليلة واحدة فيها تكفيه أن يظل حول جبالها التي كلما اقترب منها سر بها، وازداد أنسا. 
 

في الدين قرن بين الإخراج من الديار وبين القتل في قوله تعالي "وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ" وفي قوله "إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ" بشارة للحبيب المصطفى بالعودة إلى مكة على أحد وجهي تفسير معاد. كل ذلك له دلالة على تعلق الفطرة بالأوطان، والبشر يألَفُون أرضَهم على ما بها ومشروعية حبها وإصلاحها وبذل الغالي وحتى الأرواح من أجل ذلك، والتخاذل في الذود والدفاع عنها أمر معلوم في الدين.
 

سجل التاريخ اسم طارق بن زياد في أهم صفحاته نظراً للإنجاز العظيم الذي قام به حين فتح الأندلس، أحرق كل السفن التي عبر عليها حتى يُحمِّس الجيش على القتال، وخطب فيهم قائلا "أيها الناس؛ أين المفرُّ؟! والبحر من ورائكم والعدوُّ أمامكم، فليس لكم والله! إلاَّ الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضْيَعُ من الأيتام في مآدب اللئام، وقد استقبلتُم عدوَّكم بجيشه وأسلحته، وأقواتُه موفورة، وأنتم لا وَزَرَ لكم غير سيوفكم، ولا أقوات لكم إلاَّ ما تستخلصونه من أيدي أعدائكم، وإن امتدَّت بكم الأيام على افتقاركم، ولم تُنجزوا لكم أمرًا، ذهبت ريحكم، وتعوَّضت القلوبُ من رعبها منكم الجراءةَ عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية".
 

لا وطن لنا نعيش فيه وأنتم تحكمونه حقيقة إلا إذا كانت وجهتكم القادمة والأخيرة إليه، وليس باتجاه مؤتمرات في دولة شقيقة أو صديقة.

وهناك من المؤرخين من يؤكد صحة روايه إحراقه للسفن ومنهم من يؤكد بطلانها، وحقيقه الأمر أننا نحتاج أن تكون هذه الفكرة بين يدي حكومتنا الشرعية وأن نجد في كل واحد منهم طارق ابن زياد فاتح الأندلس، فمع كل مره تعود إلى أرض الوطن تعلن أن عودتها نهائية إيماننا منها بضروره إدارة المناطق المحررة ولمتابعة المعركة التي يخوضها الجيش الوطني ومعه كل الأحرار من اليمنيين لاستعادة الدولة. ولأن وجودها يضيف ورقة إلى نجاحها السياسي كوجود فعلي لحكومه شرعية تنهي وجود حكومة أمر واقع.

وسرعان ما ينتهي الأمر أن تكون زيارة وإعادة الحكومة اليمنية الشرعية إلى الرياض هناك حيث يجدون الراحة والسكن المناسب متناسين حديثهم بضرورة بقائهم في الوطن، و لا يصحُّ حديثاً إلا أنّ يصبحُّ واقعا. اليمن ليس بحاجة إلى زيارة بين الحين والآخر، بل يحتاج إلى حكومة تعيش همومه تقود صفوف المقاومة لكي نختصر الطريق، فكل يوم يمر دون إحراز تقدّمٍ على الأرض معناهُ معاناة جديدة وفتنة جديدة، وعذاب مضاعف.
 

مطلوبٌ من الحكومة أن ينتقلوا الآن إلى موقع القيادة الصحيحة، ويرتبوا الصفوف بالميدان انطلاقاً من مأرب أو سيئون أو المهرة أو عدن، فالشعب ينتظر بفارغ الصبر، ومعاناة الداخل لا يرقى إليها وصف، والتعامل بغير ذك سوف يحير منهم معنا وفي صفنا من الأشقاء والأصدقاء.

يحتاج الشعب إلى حكومة تتحمل الظلام والحر همتهم وتعمل على إزالة مناظرالبؤس والحرمان التي تبدو على وجوه المواطنين منذ أن تضع قدمك على الأرض اليمنية. وأن تقف وقفة ضمير تجاه المدنيين والأطفال والنساء والشيوخ والتي خرجت علينا تسريبات لصور ومشاهد من مأساة تعيشها محافظة الحديدة اليمنية .. وغيرها من المحافظات.

لا وطن لنا نعيش فيه وأنتم تحكمونه حقيقة إلا إذا كانت وجهتكم القادمة والأخيرة إليه وليس باتجاه مؤتمرات في دولة شقيقة أو صديقة. العالم لا يمكنه أن يفعل شيء من أجل استعادة الدولة مالم تفعلونه أنتم، ولسان حالكم يقول يوم من الدهر لم تصنع أشعته شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا.
 

والاعتراف الدولي بكم لا يكفي مع أنه لن يستمر إذا بقيتم تراوحون مربع العجز، وظلت المواجهات العسكرية تراوح مكانها في مختلف الجبهات، فإن العالم سيغير طريقة تعامله معكم، إن لم يكن قد غيرها، وسيبحث عن حلول تعنيه وتتجاوزكم وقد بدء يتجاوز المرجعيات القائمة التي نعتقد أنها مسلمات لا يمكن تجاوزها بعرض خطته الأخيرة.
 

من المحتم أن النجاح السياسي لن يوتي أكله حتى يسبقه نجاح عسكري في معركة حضارية، بين قوى تريد عودة الماضي واهمة، وقوى ترغب في استقبال الشروق آملة.

فهناك دول عظمى متحالفة لايستهان بقوتها مصممون على إنجاح تسوية سياسية تنهي الحرب رغبة منها بذلك، ولا يردعها عن طموحاتها إلا حسم المعركة وتحقيق نصر ناجز، ولأن استمرار المعركة لوقت أطول يتيح المجال أمام كل المتربصين بالوطن فنحن نعيش في فضاء يقاد العالم العربي اليوم فيه بنظرية سياسية إدارية عالمية، ونُخدع مرات ومرات بهذه السياسة، وتنطلي علينا الألاعيب الدولية دون أن نعي حقيقة ما يجري إلا بعد فوات الأوان.
 

من المحتم أن النجاح السياسي لن يوتي أكله حتى يسبقه نجاح عسكري في معركة حضارية، بين قوى تريد عودة الماضي واهمة، وقوى ترغب في استقبال الشروق آملة، عادة ينتصر الأمل على الوهم ومع خصم أخذ بكل أسباب السقوط ولا يتبقى إلا أن نأخذ بكل أسباب الظفر ومعنا حبل من الله وحبل من أشقائنا في دول التحالف العربي وجميع أبناء الشعب بمختلف توجهاتهم السياسية، وما زال النعمان والزبيري يبذرون الضوء في دماء اليمنيين، فيستلهم اليمني منهم روح النضال والمقاومة.

نمر على شفرات السيوف ونأتي المنية من بابها **** ونأبى الحياة إذا دنست بعسف الطغاة وإرهابها
ونحتقر الحادثات الكبار إذا اعترضننا بأتعابها **** ونعلم أن القضا واقع وأن الأمور بأسبابها

فالوطن حضن واستقرار وسياج الأمان لأبنائه الصادقين المخلصين المدافعين الباذلين أرواحهم في سبيل عزتهم وتحريره. "واللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ"

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.