شعار قسم مدونات

أبحث عن زوج

blog خاتم الزواج

بعتمة الليل تحادث نفسها، عمري ثلاثون عاماً وما زلت عزباء.. كُثر طَرقوا بابنا لخطبتي.. يحبونني وأستبشر بهم خيراً لكن يذهبون ولا يرجعون، ما الذي ينقصني حتى يتم رفضي! لماذا لا يقبلون بي زوجة لابنهم؟ فلدي وجه جميل، رشيقة القوام، خدان مكتنزان، أسنان ناصعة كالثلج لامعة كاللؤلؤ.

يلقبونني صاحبة المبسم الجميل.. وعيون تحاكي عيون المها.. أنهيت تعليمي الجامعي وملتحقة بقسم الدراسات العليا.. أتمتع بخصال جيدة كما يصفني البعض، وكُثر ممن يسألنني هل أنتِ مرتبطة؟ ودائماً جوابي لا، وها أنا ما زلت أترقب فارس أحلامي ليحملني على صهوة جواده وأنتظر قدري الذي يُدعى رجل، فلا أجده.

العمر يمضي وبناته الثلاثة بعمر الزواج، لا أحد يطرق بابه ليتزوج من إحداهن فقط لأنه وأم البنات من الصم.

بعد مدونتي الأخيرة بعنوان "يوميات مترجم لغة الإشارة" اتصل بي صديقي مراد يشرح لي معاناته أثناء بحثة عن فتاة يرتبط بها ويكمل نصف دينه، يقول لي أنت تعرفني جيداً هل ترى بي علّة؟ قلت: لا أنا أعرفك شاب رياضي وسيم تتمتع بخلق رفيع.. وعلى مستوى عالي من العلم والثقافة وتعمل بوظيفة مستقرة ولا ينقصك شيء.

فيرد علي رغم ما ذكرت عني فلي أكثر من عام أبحث عن فتاة ولم أجد من يرضى بي زوجاً لابنتهم، والكثير ممن طرقت بابهم يرفضونني وما زلت أبحث عن زوجة فلا أجدها.

خليل أصم عمره يناهز الخمسون عاماً متزوج من أمرأة صماء ولديه ثلاث بنات ولم يرزق بالولد الذكر وجميعهن على خلق وجمال.. التقيت به صدفة في أحد المؤتمرات العربية، سألته عن حاله وعن أسرته، فتنهد تنهيدة ممزوجة بحزن عميق مكتظة باليأس وأخذني على جنب حتى لا تفضحنا إشاراتنا الواضحة للعيان، وقال لي: العمر يمضي وبناتي جميعهن بعمر الزواج ولا أحد يطرق بابنا ليتزوج من إحداهن.

واستدرك قائلاً أتعلم السبب؟ أومأت له برأسي مستغرباً مستهجناً بمعنى لا أملك إجابة، فردّ علي فقط لأنني وأمهما من الصم.

جميع ما ذكرت ليس من نسج الخيال فكلها قصص واقعية وصديقي مراد هو من طلب مني أن أكتب هذه المدونة وهو من أوحى لي بعنوانها "مراد ابن لأبوين من الصم".

تم رفضهم ونبذهم فقط لأنهم أبناء لوالدين صم أو أحدهما، وهنا نتساءل وأترك الإجابة والقرار لكم. هل هناك مبرر للرفض؟ هل يحق للأهل اتخاذ قرار الرفض أو القبول نيابة عن الأبناء؟ هل الخوف من العوامل الوراثية مبررة رغم رضى الطرفين سواء الفتاة أو الشاب؟

لماذا توافق بعض الأسر والبعض يرفض؟ هل الصمم مرض معدي؟ ضع نفسك مكانهم.. ماذا ستقول لمجتمعك وما هي الرسالة التي توجهها لهم؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.