شعار قسم مدونات

العدالة ضد رعاة الإرهاب

blogs-الإرهاب

الكل موافق على التنديد والإقرار بالوحشية المطلقة للبرابرة اللذين نراهم كل يوم يقطعون الرؤوس بدم بارد،ويطلقون الرصاص بلا مبالاة، ويتبخترون بغاراتهم على منازل الأبرياء، ورأينا هيئات وأمم تندد وتهدد بفرض العقوبات ولكن هل كل من أقر بوحشية التنظيمات الإرهابية اليوم هو خارج إطار الإرهاب؟
 

صدور قرار يفرض عقوبات وغرامات على كل من رعى الإرهاب يحلق إلى غيمة من التساؤلات، أعني ما المقصود بالإرهاب من وجهة نظرهم؟ فحسب المعايير المتعارف عليها فإن أي استعمال عمدي لوسائل تثير الرعب وتزعزع الأمن بقصد تحقيق أهداف معينه هو إرهاب، بغض النظر عما إذا كان المسؤول دولة أو تنظيم أو هيئة، أي إن الإرهاب لا يقتصر على من يرفعون الرايات السود .
فهل ستتم محاسبة المستعمر الذي مشط وحرق الأراضي؟ وهل طمس الهوية إرهاب؟ لا أدري متى ستتم الإجابة على هذه التساؤلات، ولكن إلى أن يحين ذلك الوقت لا ضير بالعودة قليلا للوراء لاستعراض أحداث غيرت الأحوال:
 

على الرغم من دراية الولايات المتحدة الأمريكية من عدم وجود أي أسلحة في العراق إلا أنها قررت الخوض في الحرب، خلَّف هذا البحث دمارا شاملا طويل الأمد، أدخل الطائفية التي أدت لاحقاً إلى نشوب حرب أهلية في 2007.

في عام 1945، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناجازاكي-اليابان، كان الهدف من إطلاقها إرغام الإمبراطورية اليابانية آنذاك على الاستسلام، دفع ثمن تجربة هذه الأسلحة مئات الآلاف من المدنيين، وهذا الحدث التاريخي يجعل المرء يعيد التفكير بما هو حقيقي وما هو خيالي، لأنه على هذه الأرض يوجد شخص واحد أصدر قرار واحد دفع ثمنه الآلاف من الأبرياء ليرغم شخص واحد آخر على اتخاذ قرار واحد. السؤال هنا: هل العوائل المتضررة لها الحق بمطالبة العدالة اليوم؟ سنعرف الإجابة لاحقاً..
 

تلى هذه الأحداث قبول عضوية الاحتلال الصهيوني في الأمم المتحدة عام 1949، استناداً للمعايير الأخلاقية والإنسانية والعقلية فإنه دعم إقامة موطن قومي وحضارة جديدة اُستخدم فيها وسائل التهجير القسري والتطهير العرقي ما هو إلا دعم واضح لزعزعة أمن المدنيين الفلسطينيين وعدم الاعتراف بحقوقهم وهويتهم الشرعية، ومما يدعو للسخرية أن الكيان الصهيوني كان قد تهرب من تطبيق قرارات أُصدرت لصالح اللاجئين الفلسطينيين من قبل نفس الهيئة التي قبلت عضويتهم لاحقا "فيتامين و". يقدر عدد اللاجئين إثر الاحتلال الصهيوني أكثر من 5 ملايين لاجئ وأضعافه شهداء.
 

أثناء الحرب العراقية -الإيرانية تم تصنيف إيران من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أنها "عدوة لأمريكا" و"راعية للإرهاب"، وتم إصدار قرار يحظر بيع الأسلحة لطهران، وهذا ما شاهدناه على المسرح ولكن خلف الكواليس حدثت قصة أخرى: تم عقد صفقة بوساطة صهيونية باعت فيها الولايات المتحدة الأمريكية أسلحة متطورة لإيران، عرفت هذه القضية لاحقاً باسم إيران-كونترا التي كانت مشروطة بإطلاق سراح أمريكيين محتجزين في لبنان. استمرت الحرب العراقية الإيرانية قرابة الـ 8 سنوات (1980-1988) تخللها انعدام أمني في كلتا الدولتين وراح ضحيتها قرابة المليون روح بشرية، هذا ما يحدث عندما تبرر الغاية الوسيلة.

هل يصنف احتضان اتفاقية تؤكد على أحقية احتلال بسلب حقوق الأبرياء ضمن إطار الإرهاب؟
في عام 1993 تم توقيع اتفاقية أوسلو في مدينة واشنطن، بنود الاتفاقية منحازة بشكل كلي للطرف المدعوم القوي، متناسيين فيه الطرف الأضعف صاحب الحق. ويقف أخيرا على منصة التخريب مهزلة "البحث عن أسلحة الدمار الشامل"، فعلى الرغم من دراية الولايات المتحدة الأمريكية من عدم وجود أي أسلحة إلا إنها قررت الخوض في الحرب -وتم كشف هذه الحقيقة لاحقاً-. باللغة العامية يوصف الموقف "كذب الكذبة وصدقها" خلف هذا البحث دمار شامل طويل الأمد، أدخل الطائفية التي أدت لاحقاً إلى نشوب حرب أهلية في 2007. قلب هذا البحث الحال في العراق رأساً على عقب.
 

هذه كانت إحدى الحمم في بركان الإرهاب الذي ما زال ثائراً، الذي لا يروح ضحيته سوى الأرواح البريئة، فيجب اتخاذ خطوات جدية حقيقية تليق بالأرواح البشرية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.