في الجزائر 40 مليون مدرب، لو تجولت في شوارع المدن الجزائرية لوجدت أن كرة القدم تشكل حيزا هاما في حديث الجزائريين الذين يتعلقون بمنتخبهم ويتابعون كل أخباره لحظة بلحظة ولو كان على حساب حياتهم ومشاغلهم.
مشكلتنا كجزائريين أنهم خدعونا ليجعلونا أسرى جلد منفوخ، ينسينا المشاكل الحقيقية التي تعيشها بلادنا الجزائر. |
لاعبون مغتربون يمثلون الجزء الأكبر في تركيبة المنتخب، بعد تعادل مخيب أمام الكاميرون في المباراة الأولى من التصفيات، جعلهم ينقلبون على المدرب ويطالبون برحيله، في سابقة مهينة لمدرب أجنبي نجح في قيادة غانا إلى نهائي كأس أفريقيا 2010، وربع نهائي كأس العالم في جنوب أفريقيا من السنة نفسها.
الحجج تعددت من اللاعبين، بين عدم فهم لغة المدرب وطريقته، وبين انضباطه وصرامته التي لم تعجب بعض كوادر المنتخب التي أحيلت على الاحتياط في المباراة الأولى في صورة براهيمي وفغولي، ليرحل رايفاتس مكرها وهو الذي لم يمكث مع المتخب سوى مبارتين.
كل هذا الدعم الذي يلقاه المنتخب من ممولين ومنح وعقود إشهارية وامتيازات بالجملة؛ أدخل اللاعبين -على ما أظن- في دوامة الغرور والكبرياء، وكأن هذ المنتخب ملك شخصي لهم، وراح أحد قادة الانقلاب على المدرب السابق رايفاتس، وهو سفيان فيغولي الذي راح يتفنن في انتقاد المدرب السابق والاتحادية الجزائرية والأجيال السابقة للمنتخب الوطني لجيل الثمانينيات والتسعينيات في الصحف الأجنبية، وهو الذي لا يلعب سوى دقائق مع ناديه ويست هام في الدوري الإنجليزي الممتاز.
مشكلتنا كجزائريين أنهم خدعونا ليجعلونا أسرى جلد منفوخ، ينسينا المشاكل الحقيقية التي تعيشها بلادنا الجزائر، والتي دخلت مرحلة التقشف، بعد أن كنا في بحبوحة مالية كانت كفيلة بتطوير حالنا وتحويله إلى الأفضل.
الجزائر التي تعاني انهيارا في جميع القطاعات، اقتصاديا وصحيا وسياحيا وغيرها. ليتنا ننتبه لواقعنا المرير الذي تشوبه الكثير من الظلمات التي تؤزم وضع المواطن وتهدد عيشه بكرامة.
ليتنا كنا نهتم لأحوالنا وتطوير واقعنا كما نهتم بتأهل المنتخب والتعصب له ليتأهل لكأس العالم. يؤسفني أيها المواطن الجزائري أن أبلغك بأنك ستعيش أزمة خانقة بداية من 2017، فاحتياطي الصرف شارف على النفاد في ظل اعتماد البلاد على البترول الذي يعد ثروة زائلة. فهل سينفعنا هذا المنتخب إن تأهل أو لا.
مشكلتنا كجزائريين أننا نفهم في كل شيء! فلو ذهبت إلى مقهى شعبي فستجد الناس يفقهون في كل المجالات، في الاقتصاد، والرياضة، والسياسة وغيرها. لا نعرف إلا كثرة الكلام فقط، نضيع أوقاتنا في الانتقادات بلا فائدة دون تغيير يذكر. إننا نحتاج إرادة حقيقية وقوية قائمة على أن يبدأ التغيير من أنفسنا لكي نحقق نتائج ملموسة نلمس صداها في المجتمع.
لو طبقت فقط نسبة 10% فقط من تسيير المنتخب في القطاعات الأخرى للمسنا بعض التغيير، ولعاد إلينا الأمل لنوقن بأن هناك عوامل مرتبطة ستساهم في التغيير، أموال ضخمة رصدت لهذا المنتخب، فليتهم اهتموا قليلا بالمجالات الأخرى لنشهد نجاحا يواكب نظيره في المنتخب الوطني.
الكفاءات الجزائرية تتألق خارجيا وتهمش داخليا. أتحسر على كل جزائري غادر الوطن للبحث عن غد أفضل. |
حينما يخسر المنتخب؛ فإن اللاعب لا يتألم ولا يتعذب بحجم المواطن البسيط الذي يرى في الفرحة بفوز المنتخب سعادة تمنح له ولو للحظات وجيزة، عكس اللاعب الذي ينسى الخسارة سريعا، فهو يعود إلى التدرب مع ناديه ويطوي صفحة الخسارة، والمعاناة يتحمل ذنبها المناصر الوفي للمنتخب الذي تحترق أعصابه خصوصا حينما يخسر المنتخب الوطني، الذي يعد منتخب 40 مليون جزائري، وهو شرف لكل لاعب لأنه سيدافع عن الألوان الوطنية التي ضحى من أجلها مليون ونصف مليون شهيد.
مخترعون وكتاب وعلماء وأساتذة ودكاترة وإعلاميون وغيرهم. كم هو جميل أن يتملكك الشعور بالفخر والسعادة حينما تسمع عن أولئك الجزائريين الذين يحتلون مراكز مرموقة في كبرى المؤسسات العالمية في شتى المجالات، عن خديجة بن قنة الإعلامية الرائعة من الشخصيات الملهمة والمؤثرة في العالم العربي والعالم، هذه الشخصية التي تألقت في قناة الجزيرة بشخصيتها وكفاءتها العالية ومهاراتها واحترافيتها.
الجزائر لا تختزل في كرة القدم، لدينا مبدعون في كل المجالات، وتركيبة بشرية أغلبها من الشباب الذي يعتبر طاقة حيوية، آن الأوان للاستثمار فيها. |
عن سليمة زعروري الجزائرية الطموحة التي تتألق في الإمارات العربية المتحدة والتي شاركت في مشروع إنشاء أكبر كتاب للسيرة النبوية والذي دون بحروف من ذهب في سلسلة غينيس العالمية. عن دنيا زاد برينيس الفتاة النموذج التي تتقن حوالي ست لغات، وتعتبر ملهمة لكثيرين بكتاباتها وتجاربها في مختلف الدول.
عن حفيظ دراجي المعلق الرياضي المعشوق من قبل الجمهور الرياضي بكلماته الشهيرة "أولالالالالالا" الذي لا يحلو للجزائريين متابعة مباريات كرة القدم إلا بتعليقه. عن ليلى سماتي التي أعتبرها من بين أفضل الصحفيات العربيات في مجال الرياضة، والقائمة لا تسع لأذكرهم والقائمة طويلة.
الجزائر لا تختزل في كرة القدم، لدينا مبدعون في كل المجالات، وتركيبة بشرية أغلبها من الشباب الذي يعتبر طاقة حيوية آن الأوان للاستثمار فيها.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.