شعار قسم مدونات

سنة العراق بعد 2003 وضياع القضية والهوية

People who fled the Islamic State's strongholds of Hawija and Mosul, receive aid at a camp for displaced people in Daquq, Iraq, October 13, 2016. Picture taken October 13, 2016. REUTERS/Ako Rasheed

سقطت بغداد عام ٢٠٠٣بسبب الغزو الأميركي ليعلن هذا العام نهاية حضارة بلد صنع أول حضارة في تاريخ البشرية، و يمثل هذا السقوط نهاية حكم العرب السنة لهذا البلد ودخولهم مرحلة الضياع والانهيار بعد أن كانوا هم السادة والقادة وبناة العراق وركنة الركين وعصبة المتين.

انتهت مع هذا الغزو مرحلة عروبة العراق فقد تغير جنسه وأصله ونسبه بعد أن كان يمثل عروبة الأمة وحامي حماها إلى حديقة خلفية للإمبراطورية الفارسية.

بعد سقوط بغداد أعلن أهل السنة الجهاد ضد المحتل الأميركي على العكس من شركاء الوطن من الشيعة والكرد فخاض السنة مخاض الحرب مع أعتى قوة على وجة الأرض وأرغموها على مغادرة العراق بعد أن قدم أهل السنة مئات الآلاف من الشهداء والأسرى والمعاقين والأرامل واليتامى ضريبة تحرير العراق نيابة عن كل العراقيين.

بعد سقوط بغداد أعلن أهل السنة الجهاد ضد المحتل الأميركي على العكس من شركاء الوطن من الشيعة والكرد

فقرر المحتل معاقبة السنة عقوبة أبدية فسلمو حكم العراق للمتطرفين الشيعة بوصاية إيرانية، فأقرت الحكومة العراقية قانون ٤ إرهاب وهو قانون خاص لأهل السنة يحكم به كل من يعارض الحكومة ولو بكلمة على منبر أو مقالة صحفية.

ويستخدم القانون فزاعة وعصا غليظة لكل من لم يسير بركب الحكومة ويستخدم لمن يعارض سياسة الدولة من السياسيين السنة، وبهذا فقدوا أي قدرة على التغيير. وكما فُعًل مع طارق الهاشمي وغيره فإما أن تكون ذيلاً تابعاً للحكومة وإما أن تُقصى من العملية السياسية وتلاحق.

واستخدم هذا القانون للتغيير الديمغرافي وتهجير العرب السنة من المناطق المختلطة وخاصة بغداد وديالى وحزام بغداد، وتمتلئ السجون بأكثر من ١٠٠ألف معتقل سني ٩٩٪‏ منهم من الأبرياء ويوجد أكثر من (٥٠٠٠ ) امرأة من أهل السنة في السجون. وقد قامت الأجهزة الأمنية المكونة من مجاميع مليشياوية تابعة لإيران بتنفيذ الآلاف من الجرائم بسيارات وسلاح وملابس الدولة، واغتيال الآلاف من العلماء والشيوخ وأئمة المساجد والكفاءات السنية واغتصاب وحرق وتفجير المئات من المساجد السنية.

وبالتغيير الديمغرافي وتحويل المناطق ذات الأغلبية السنية إلى مناطق شيعية بالكامل، وبات السنة في محافظة البصرة يشكلون أقل 10% بعدما كانوا يشكلون 35%، وكانو يشكلون ٨٥٪‏ من محافظة ديالى الحدودية مع إيران واليوم يتعرض أهل ديالى لهجمة شرسة وتغيير واضح وممنهج لترحيل السنة مع صمت وتخاذل من سياسي السنة وكذلك في جرف الصخر والعديد من المناطق الأخرى .

كل ذلك على مرأى ومسمع من الحكومة دون أن تحرك ساكناً لأن هذة الميلشيات المجرمة تابعة للأحزاب الحاكمة. وقام أهل السنة بانتفاضة سلمية عام ٢٠١٢ في اعتصامات جماهيرية مليونية في ساحات الاعتصام في كل المحافظات السنية لمدة تقرب من سنة كاملة وترفع الشعارات السلمية وتطلب فقط برفع الظلم وأسترداد الحقوق.

لكن هذة الاعتصامات لم تجد أذاناً صاغية من الحكومة بل كان فعلها أن اجتاحت ساحات الاعتصام بالدبابات وإحداث المجازر ومنها مجزرة الحويجة. وأخيراً حلت القاصمة من الحكومة الطائفية في أهل السنة عندما سلمت محافظاتهم إلى داعش بقصد حكومي واضح فعاثت داعش الخراب والفساد في محافظات السنة إلى هذا اليوم، وحولتها لساحات حرب أنهت بها البنية التحتية وحولتها الى محافظات منكوبة حيث وصل حجم الدمار في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار إلى ٨٠٪‏ .

وجعلت أهل السنة بين نازح ومهجر ومهاجر وجعلت الملايين يسكنون الخيام دون أن تتوفر أبسط متطلبات العيش في ظل اهمال حكومي قالت عنة الأمم المتحدة (آخر شيء تفكر بةِ الحكومة العراقية هو اللاجئيين والمهجرين ).

وجعلت داعش التي أدخلتها الحكومة  للمناطق السنية  الناس بين طالب ومطلوب وقاتل ومقتول وأوجدت حالة من الانقسام المجتمعي ليس لَهُ مثيل، فأصبح السنة بلا وطن وبلا بنية تحتية وبلا وسائل للعيش وبلا مستقبل.

داعش التي أدخلتها الحكومة للمناطق السنية  جعلت الناس بين طالب ومطلوب وقاتل ومقتول وأوجدت حالة من الانقسام المجتمعي ليس لَهُ مثيل

واليوم اتخذت الحكومة ذريعة داعش لإدخال الحشد الشعبي إلى المناطق السنية لكي يعيث الفساد فيها وتبدأ مرحلة أخرى من تغيير الهوية، ودخل الحشد الشعبي إلى مدينة الفلوجة مدينة المساجد وحصن المقاومة وقلب سنة العراق وارتكب فيها العديد من الانتهاكات بحق أهلها ومن هذة الانتهاكات الجرائم التي حدثت في الكرمة والصقلاوية، وقتل أكثر من ٨٠٠ شخص وإخفاء جثثهم واختطاف العشرات وحرق وتفجير العديد من المساجد.

وفِي هذة الأيام وفِي سابقة خطيرة من نوعها تُقام المراسم الشيعية من إقامة المجالس الحسينية في عاشوراء في مدينة الرمادي والفلوجة وفتح مكاتب للأحزاب الشيعية، واليوم تحاك المؤامرة وتعاد صياغتها في محافظة نينوى حيث يشارك الحشد في معاركها وظهور بعض الانتهاكات.

ويدعو قادة الحشد الشعبي وأمام وسائل الإعلام  إلى قتل المدنيين وأخذ الثأر من أهل الموصل بذريعة أخذ الثأر من قتلة الحسين، وعلى العالم الإسلامي والعربي أن يعلم ما يجري لسنة العراق وأن ينقذ ما تبقى من سنة العراق قبل فوات الآوان.. انقذوا سنة العراق.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.