شعار قسم مدونات

هل كتب على المحمديين الكونيين التمرد على القدر؟

blogs - islamic view

نحن العرب.. هل نخشى السؤال وطرح السؤال؟ هل يخيفنا النقاش؟ 

لا أطرح استفهامات مبهمة، بل هي تساؤلات مسبوقة بإجابات حددتها أنماط عيش المجتمعات العربية، فالعقل العربي لا يعلم، وإن علم لا يفهم، وإن فهم فلا يعمل، وإن عمل فشل لأنه يخشى الدخول في مغامرات فكرية غير مضمونة، فنحن عرق نعشق الضمانات حتى في أفكارنا، لا بد أن ينتصر فكرنا ولكي ينتصر لا بد أن نعطل عقولنا وننغلق على أنفسنا.
 

والنتيجة راديكالية في اتجاهين، إما تزمت وتشدد يتم نسبه إلى الدين وهو براء منه وإما انبِتات تام عن الهوية بعلة الانفتاح على المبادئ والأخلاقيات الكونية، والفكر الكوني بقيمه براء من هذا أيضاً.
 

لذلك نشير إلى صدق من قال أن العقل في الإسلام معطل وإن زعم أنه دين العقل والفكر، فهو سجين النمط المفروض من السلطة الحاكمة وغير مسموح له بأن يفكر وإن فكر.. يُزندق ويكفر ويقصى قصراً خارج حدود الهوية ويرفع عنه حق الانتماء.
 

فهل كتب علينا التمرد على القدر؟ ليكن قدرنا أن نتمرد إن كانت الغاية نشر رسالته الكونية "صلى الله عليه وسلم".

فيجبر العربي أن يرضى بهذا القدر المحتوم، إما هوية سلطوية زائفة وإما الالتحاق بركب الاستئصاليين وفقدان حق الانتماء إلى الأبد.. والعجيب أنهم يتحدثون باستمرار عن الوسطية حتى أقنع لا وعي الأقلية وعي الأغلبية بصدق شعاراتهم، فتحول الزيف إلى حقيقة وأضحت الرسالة الكونية للإسلام سراباً نعيشه في عقولنا نحن المداسون، نحن المخيرون بين متابعة نمطهم الزائف أو التمرد ومعايشة جحيم الإقصاء.

والمرير في تحليل تاريخ الإرث العربي هو استخلاص مفارقة عجيبة جداً، ألا وهي إبداع العرب في الاكتساب المتقن لسياسات جديدة للاستبداد والاستعباد والتفريط السهل بموروث علمي لعلماء صدقوا الله وصدقوا مع أنفسهم وأمتهم ومع البشرية جمعاء.. كيف؟
 

بأن سألوا وتساءلوا، ناقشوا وحاججوا، فأغنوا ثرائهم وقمعوا فقرهم، أحيوا العلم في عقولهم واغتالوا جهلهم، فاعتز بهم الإسلام واعتزوا به.. كيف؟
 

بأن توصلوا لحقيقة الكونية في الرسالة المحمدية فكانوا حقاً أبناء دين يقول "الحمد لله رب العالمين"، وما أن أذهب الدهر حكمة الأسلاف تناثرت شقوق العرب أحزاباً أحزاباً، منها من يحمد رب الطائفة، ومنها من يحمد رب المذهب، وأما رب العالمين فندر حامده، لأننا خوصصنا ما هو كوني فصرنا الأمة الأكثر مكروهية في العالم.

فهل كتب علينا التمرد على القدر؟ ليكن قدرنا أن نتمرد إن كانت الغاية نشر رسالته الكونية "صلى الله عليه وسلم".. ولهذا فلنبحث عن الاستثنائيين منا، العتقاء من أسر السائد في مجتمعاتنا، من لهم القدرة على إقامة الحجة بالفلسفة لا بالوعظ المفرغ من المعنى، بالمعرفة لا بالأحزمة الناسفة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.