شعار قسم مدونات

بعد استهداف مکة.. ما الحل مع إیران؟

على الحدود السعودية

رغم کل الحروب والمعارك التی خاضها الإسرائيليون ضد العرب والمسلمین، إلا أنهم لم یسمحوا لأنفسهم بإطلاق صاروخ واحد نحو مکة المکرمة.

لكننا نرى الیوم أن السلطات الإيرانیة وباسم التشیع العلوي وعن طریق الجماعات الموالیة لها قامت بما لم تقم به حتی دولة إسرائيل، هذا العدوان الحوثي الآثم علی قبلة المسلمین جاء بعد تصریح لرئیس الوزراء العراقي السابق نوري المالکي المعروف بولائه المطلق للنظام الإیراني قال فيه "إن عمليات قادمون يا نينوى تعني في وجهها الاخر قادمون يا رقة، قادمون يا حلب، قادمون يا يمن، قادمون في كل المناطق".

بعد إطلاق الحوثيين صاروخ نحو مکة المکرمة واستهداف الکعبة المشرفة، هل نحتاج لمزید من الأدلة لکي نثبت زیف المزاعم الإيرانیة حول المقاومة والممانعة؟

وکذلك بالتزامن مع سماح الحکومة الإيرانیة في 29 أكتوبر/تشرین الأول بإحياء ما یسمی بالیوم العالمي لقورش، هذه المناسبة التي لا یعترف بها أي مؤسسة إسلامية أو دولية، أحياها الآلاف من الإيرانیین بالتوجه الی المقبرة المنسوبة للملك الأخميني قورش و الطواف حولها کالطواف حول الکعبة و تردید شعارات معادیة للعرب و المسلمین.

الآن بعد قیام جماعتي الحوثي و الرئیس الیمني المخلوع علي عبدالله صالح المرتبطين بإیران بإطلاق صاروخ نحو مکة المکرمة واستهداف الکعبة المشرفة، هل نحتاج إلی مزید من الأدلة لکي نثبت زیف المزاعم الإيرانیة المتمثلة بشعارات المقاومة والممانعة؟ و هل نحتاج الی براهین أكثر لکي نثبت أن إيران هي دولة قومية فارسية بعيدة عن التشيع الحقيقي لكنها تستخدم هذا المذهب لخداع العرب الشيعة وتنفيذ مشروعها القومي التوسعي بدمائهم و علی أرضهم؟

الحقيقة أن المشكلة الأصلیة ليست إيران ولا النزعة العنصرية الفارسية، بقدر ماهي غياب الوعي السياسي في الشارع العربي وفشل دوائر صنع القرار العربي في وضع الاستراتيجية الصحيحة لردع المؤامرات الإيرانیة.

فإلى يومنا هذا معظم مناهج التعليم العربية تخلو من أي إشارة تثقيفية إلى خطر المشروع الإيراني بينما المدارس، والجامعات الإيرانية تربي الأجيال الإيرانية  وتغذي و تشحن عقولهم بتربية جوهرها معاداة العرب. وبالتالي بات المواطن العربي جاهلا بالمخاطر السياسية التي تهدده وعلى رأسها خطر النظام الإيراني الذي يلتبس عباءة مذهبية مزيفة لتخريب المجتمع العربي.

لذلك علی الحكومات العربية تغییر منهاج التعلیم کما تقتضیها أمنها القومي لا کما يتماشى مع رغبات و مصالح الدول الغربیة. الأنظمة العربية تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية تمكين الإيرانيين من غزو المشرق العربي والتلاعب بمصيره وتماسكه الاجتماعي.

حتى يومنا هذا، رغم هذه المؤامرات الإيرانية الخطیرة، لم نرى ولم نسمع من قادة العرب سوى تصريحات الشجب والإدانة. ثم إن الحکومات العربية مازالت تبدو وكأنها مصابة بالهزيمة النفسية ولا تستطيع ان تثق بنفسها وبقدراتها على مواجهة النظام الإيراني معتمدة كليا على الولايات المتحدة والتي وفق اتفاقها النووي الأخير أعطت الضوء الأخضر للإيرانيین للعبث بأمن المشرق العربي مقابل ضمان مصالحها الإستراتيجية.

رغم هذا مازال بيد العرب الكثير من الأوراق التي تمكنهم من أفشال مخططات النظام الإيراني. عليهم  رسم استراتيجية جديدة أكثر واقعية للتعامل مع الإيرانيين؛ استراتيجية تبدأ عندما تؤمن وتقتنع قادة العرب بأن مواجهة إيران باتت ضرورة حتمية لابد منها و تضعها ضمن استراتيجية الأمن القومي العربي.

فأمام دول الخليج العربية عامة والسعودية بشكل خاص خياران لا ثالث لهما؛ إما مواجهة إيران أي التعامل بالمثل و التدخل سلبا في الشؤون الداخلية الإيرانية أو الاستمرار في هذه السياسة الفاشلة وبالتالي تمكين الإيرانيين من إكمال مشروعهم وبسط سيطرتهم على اليمن ومن ثم بقية أجزاء الجزيرة العربية ومن ضمنها الحجاز.

فمن يجيد ويفهم اللغة الفارسية ويتابع وسائل الإعلام الفارسية ومن ضمنها الاعلام الحكومي الإيراني وكذلك المناهج الدراسية الإيرانية يجد أن احتلال الجزيرة العربية مازال مشروعا حيويا وإستراتيجيا بالنسبة للإيرانيين. والاعتداء الحوثي الأخیر بالأسلحة الإیرانیة الصنع علی المکة المکرمة یعتبر خطوة عملیة جدیدة نحو تحویل الأحلام الإیرانیة إلی الواقع.

رغم أن الفرس يحاولون إظهار إيران على أنها دولة قوية، فهي في الواقع دولة هشة ومنقسمة في الداخل عرقيا، دينيا و طائفيا، وهي أوهن من بيت العنكبوت

حكام إيران بنوا استراتيجيتهم تجاه العالم العربي بمنتهى الدقة؛ أساسها التركيز على الخلافات العربية الداخلية والطائفية بل خصصوا أموالا وميزانيات ضخمة لتشحينها وتعميقها وتشتيت المجتمع العربي وإضعافه داخليا.

فوزارة الاستخبارات الإيرانية ومكتب الخامنئي تخصصان سنويا الملايين من الدولارات لوسائل الإعلام الإيرانية الناطقة بالعربية و التنظیمات الطائفیة لتحقيق المشروع القومي الإيراني المتمثل بتخریب المنطقة العربیة و جعلها تحت وصایة إیران.

إذا كان الإيرانيون بالرغم من أوضاعهم المالية السيئة يحققون أهدافهم ويشترون ولاء الأقليات العربية باستخدام المال السياسي، فالأولى والأصح أن تمارس الأنظمة العربية وخاصة الخليجية منها نفس السياسة تجاه إيران، خصوصاأان العرب أفضل حالا من الناحية المالية من الإيرانيين.

ثم إن التنوع القومي والديني والطائفي في إيران أكثر بكثير مما هو عليه الحال في العالم العربي. فالبنية الاجتماعية في إيران أكثر قابلية للتفكك والصراعات الطائفية والقومية بين الفرس وغیرهم من الإیرانیین مرشحة للإنفجار وبقوة.

والحقيقة  أنه بالرغم من أن الفرس يحاولون إظهار إيران على أنها دولة قوية، فهي في الواقع ليست كذلك، بل هي  دولة هشة ومنقسمة في الداخل عرقيا، دينيا و طائفيا، وهي أوهن من بيت العنكبوت إذا وجدت الإرادة العربية الحقيقية لوضع حد لمؤامرات النظام الإيراني.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.