شعار قسم مدونات

نحتاج مئة سنة ضوئية لكي ننجو

blogs - meteor
 
إن التطور الذي خاضته أوروبا في غمرة عصورها الغامقة وغير الواضحة، استغرق منها الكثير من التضحيات والمعاناة والتغييرات عبر العصور، حيث مرت بها أعتى الأمراض وفتكت بشعوبها أفظع الحروب وسقط بينهم المئات من النبلاء والعظماء والجبابرة، أبيد الكثير ربما لن تصدق لو قلت لك إن من كل عشرة أشخاص كان يباد 7.
 

كل هذا وذاك ربما على أعتاب كلامي هذا تراه أمرا ليس بالمهم، لكن أنا أراه أهم من الانفجار العظيم لهذا الكون، لأنه وببساطة هو انفجار المعرفة والعقل والطموح والفضيلة، ربما لهذا يحتاج العالم العربي ما لا يقل عن مئة سنة ضوئية لبلوغ المرتبة التي يعيشها أبناء هرقل وريتشارد، أبناء نيوتن وآينشتاين.
 

 ثقافة التطفل الفكري، ترى الفرد يقرأ سلسلة من الكتب والهدف ليس الخروج بأفكار منافسة، بل بالخروج بأفكار يتبناها ضمن مبادئه.

ربما لوجالست رجلا أوروبيا متوسط الحال مقتدر على حياته الأساسية، ليس من أصحاب الجاه والعز، ستجد بين تقسيمات وجهه آثار الحروب والدماء التي أُسيلت حتى يصل للاستقرار الذي وصل إليه الآن، ربما ستجد في عينيه أمرا مستحيل الحدوث بين من تعايشهم هنا من العرب حيث القبلية العفنة والطبقية المرتجفة والطموح الأوحد للموت فقط.
 

يولد الطفل ليعلم كيف يحسن خاتمته فقط، فينسى ما بين ولادته وموته، وتغيب أيامه ما بين جهله ورفثه وتجاهله للحقائق، ويسعى دائما ليمتع نفسه متخاذلا في إمتاع وطنه، يسعى ليستفيد ولا يأبه أن يستفاد منه، الشعوب العربية دائماً ما تختار أن تتبنى الأفكار الجاهزة على أن تبتكر الأفكار.
 

هي ثقافة التطفل الفكري، ترى الفرد يقرأ سلسلة من الكتب والهدف ليس الخروج بأفكار منافسة، بل بالخروج بأفكار يتبناها ضمن مبادئه، فعلا صدق الكاتب الذي قال لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع، فهي المثال الحقيقي لجملة خير الكلام ما قل ودل.
 

حينما نرى يوميا بالطرف الآخر من العالم استنباط ألف فكرة لتطور الإنسان وتقدمه كل يوم، ندرك حينئذ أن طرفنا من العالم يستنبط ألف فكرة لدحر البشرية وتأخرها، ينقصنا المعرفة واللحاق بالقطار الذي يزداد سرعة كلما ازدادت الأفكار المستنبطة، فاليوم ألف فكرة وغدا ألفان ولا نعلم لعل الأمر يصل لمليون فكرة باليوم فالعلم يؤمن بالسرعة وسرعة الفكرة هي أهم علم حديث.
 

وهذا كله ليس بمصلحة الدول ذات المنحنى الدائم للأسفل، ربما هي أشبه بالقطار الذي يركبه طبقة الأغنياء في المقدمة والطبقة المعتدلة في الوسط والطبقة الهزيلة تجلس في مخازن الدجاج والحيوانات ومنهم من يجلس فوق القطار، وكلما أسرع القطار كلما زادت نسبة سقوط الفئة النامية من على قطار التطور والحداثه والمعاصرة.
 

لذلك إذا أردتَ الجلوس بالأمام عليك استخدام الحنكة والذكاء، ويكمُن هذان الأمران في القراءة والثقافة والمعرفة، باستخدام ثقافة "الممكن المجاور"، ربما ستكون خير الحلول للوصول لركب التطور، وهي بمعنى أن أبني فكرتي على فكرة من سبقني، خير من أن نبدأ القراءة من بدايتها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.