شعار قسم مدونات

توقفوا عن جعل الأغبياء مشاهير

blog فيسبوك

بينما كنت على موقع تويتر لفتت انتباهي تغريدة معاد تغريدها بواسطة أحد المتابعين فأخذني الفضول لأن أدخل إلي حساب صاحب تلك التغريدة، ففعلت ثم توقفت عند أول تغريدة كانت مرفقة بصورة، محتوى هذه الصورة كلمات كتبت بالإنجليزية وترجمتها كالتالي: توقفوا عن جعل الأغبياء مشاهير! وكتب معها أن هذه العبارة مكتوبة على أحد شوارع مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، متمنياً لو أن هذه العبارة تطبق في شوارع مجتمعنا.

قبل قراءة هذة العبارة كنت أستغرب من بعض الأشخاص الذين يقولون عنهم أنهم نجوم ومشاهير، كنت أظن أنني أنظر إلى الموضوع من زوايا مختلفة ولكن عندما شاهدت هذه التغريدة، وقرأت تعليق ذلك الشخص أدركت أنني لست الوحيدة التي ترى ذلك، وأيقنت أن شوارعنا تحتاج إلى كتابة تلك العبارة و بكثرة.

وسائل التواصل الاجتماعي باتت هي السبب الرئيس وراء شهرة أولئك الأشخاص، أوعذراً ليست وسائل التواصل بل مستخدميها هم السبب في ذلك، فكل شخص يقوم بنشر فيديو لا معنى له على سناب أو يوتيوب أو تويتر أو يظهر في برنامج  يوما فيتصدر قمة الترند، وما أن تمضي أشهر إلا وشاهدناه على قناة مرموقة مقدماً لبرنامج لا نكاد نفهم عن ماذا يدور وإلى ماذا يهدف.

نعيش في مجتمع مليء بالمواهب في شتي المجالات، ولكن قدر لهذا المجتمع أن يتجاهل تلك المواهب وأن يشهر الأغبياء.

ليس هذا فحسب بل يطلقون علي ذلك الشخص مصطلح الإعلامي المميز والمتألق وهو في الأصل يعجز عن نطق جملة واحدة بالفصحى، ورحم الله إعلامياً آخر أفنى عمره بين كتب اللغة ونشرات الأخبار.

 
عبر فيسبوك وتويتر بالتحديد صادفت حسابات في قمة المنفعة منها ما هو ديني وما هو توعوي و تطويري ومنها ما هو تاريخي ورياضي معتدل، والكثير من المواضيع المفيدة ولكن المفاجأة أن متابعي تلك الحسابات قد لا يصل إلى الألف متابع، وحسابات أخرى لا جدوى منها يكون عدد المعجبين يقارب المليون أو يزيد وكأن الناس لم يعد يعجبهم سوى المهازل والفضائح وهذه الأخيرة هي التي تكسبك زخما أكثر.

فإذا أردت أن تكون مشهوراً قم بتصوير فيديو لك وأنت ترقص أوتغني ولا تنسى أن تكثر من حركات الغباء والهبل. أو استخدم ألفاظاً بذيئة سب واشتم كما تشاء وفي اليوم التالي مبروك أصبحت نجماً مشهوراً.

والسؤال الآن ألم يعد هنالك طريقاً للشهرة سوى تلك الطريقة؟ لماذا لا نشتهر بشكل أفضل؟ ولماذا لا نبحث عن أفكار جديده نخدم بها المجتمع؟ وإذا لم تكن لدينا تلك الأفكار لماذا لا نساعد الآخرين بنشرها بدلًا من نشر مواد أولئك الأغبياء فلا نحن ولا غيرنا يستفيد من ذلك الهراء.

حتى القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية، ألم تجد طريقاً تجذب به المشاهدين غير ذلك العبث؟ وهي تدعي أن برامج هؤلا تعالج قضايا المجتمع بصوره كوميدية مع العلم أنه يوجد فرق بين الكوميديا والهراء؛ وصراحة أجد مصطلح "الهبل" هو الأنسب لذلك.

نعيش في مجتمع مليء بالمواهب في شتي المجالات، ولكن قدر لهذا المجتمع أن يتجاهل تلك المواهب وأن يشهر الأغبياء، وتطفو بالتالي على سطحه الكثير من المشاكل التي هو في غنى عنها.

أخيرًا لست ناصحة ولا أجيد النصح ولست مثالية ولا أدعي الكمال، أقول ذلك لأنني على يقين بأن بعضاً ممن قد يصل إليهم منشوري هذا لن يتقبلوه، لذلك قبل أن تهاجموني استخدموا عقولكم للحظة وانظروا إلى أي محتوى قبل أن تتفاعلوا معه هل يستحق؟ أم لا؟ فإذا كان يستحق فأوصلوه العالمية وإن كان غير ذلك أرجوكم توقفوا عن جعل الأغبياء مشاهير.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.