شعار قسم مدونات

تشويه الإعجاز القرآني

blogs-إعجاز القرآن

اليقين الذي لا مراء فيه هو أن القرآن كتاب هداية للبشر أنزله الله لهذه الغاية ولكن هل هذا يمنع من وجود إعجاز كحجة على من كفر به وطمئنينة لمن آمن به؟ الحقيقة أنه لا يوجد مانع عقلي أو شرعي لوجود مثل هذه الآيات معجزات.على الجانب الآخر فإن الاستغراق في استخراج النظريات العلمية أو الحقائق الكونية يخرج أمر هذا الكتاب عن غايته، ويتحول لورقة بحثية ترفض أو تقبل وهو أمر لا يقبله أي مسلم على دينه أبدا.

القرآن كتاب هداية، صادف أنه حوى آيات بها معاني علمية وحقائق كونية وهو ليس موضوعا لمناقشتها بل لفرضها وقبولها كما هي ليس بتأويل علمي أو نظري بل بظاهرها، السبب في فرضها ببساطة أن القرآن كلام الله وهو ما يستلزم الإيمان المطلق وإن كان فهمه بالعقل فمحل الإيمان به كمعتقد هو القلب أما النظريات أو إن شئت الحقائق العلمية فمحلها العقل والوصول إليها بالفكر والتجربة.
 

الحياة الدنيا ليس بها ما يحسم أمر الدين ووجود الله. فالغرض هو اختبار إيمانك بالله عن طريق طرح ما يثبت وما ينفي وعلى الإنسان أن يختار.

إذا فلا وجه للمقارنة أو التقارب بين الحقائق القرآنية اليقينية الثابتة وبين بين ما توصل إليه العقل من نظريات أو حتى حقائق كونية، صحيح أن المصادفة بينهما قد يحدث خلطا في الفهم أسفر عن تبني توجهات متطرفة فكريا تخلت عن الهدف الحقيقي للقرآن، وأخذت في تصفحه بحثا عن وجود إعجاز علمي ورقمي وربط أرقام الآيات بأرقام تتعلق بثوابت كونية، وعدد أحرف الكلمة الواردة في القرآن مع عدد الكواكب والمجرات.. إلى آخره من الخزعبلات والأساطير. وأسفرت أيضا عن توجهات ظلامية استغلت هذا التوجه الأول للطعن في قدسية القرآن وإعجازه وكلاهما باطل.

إن معنى المصادفة الحاصلة بين آيات القران و الحقائق الكونية هو أن القرآن ليس من أغراضه تحقيق سبق علمي أو اكتشاف نظرية بقدر ما هو إثبات لحقيقته أنه وحي منزل من الله.

وبالمناسبة لن تجد آية في القرآن تحسم أمر الإيمان به إذ أن جوهر الإيمان هو أن تكون مخيرا بين الإيمان والكفر، فلن تجد دليل عقلي حاسم على أن القرآن كلام الله، ولن تجد لافته معلقة في السماء مكتوب عليها آيات من القرآن، وبالطبع لن يستمع أحد إلى الأذان على سطح القمر.

علينا أن نفهم أن القرآن "يُضلُّ به كثيرا ويَهدي به كَثيرا وما يضل به إلا الفَاسِقِين" وأن "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بئس الشرابُ وساءَتْ مُرتفَقا" وأن الحياة الدنيا ليس بها ما يحسم أمر الدين ووجود الله. فالغرض كما أسلفنا هو اختبار إيمانك بالله عن طريق طرح ما يثبت وما ينفي وعلى الإنسان أن يختار.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.