شعار قسم مدونات

قادة الرأي وأداء الخِطاب.. السيسي نموذجا؟!

Egypt's President Abdel Fattah al-Sisi attends a news conference with Greek Prime Minister Alexis Tsipras and the Cyprus' President Nicos Anastasiades (unseen) at the El-Thadiya presidential palace in Cairo, Egypt, October 11, 2016. Picture taken October 11, 2016. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh

مصر المحروسة ترعى بقيادتها الحكيمة ما نسبته 40 بالمئة من معدلات البطالة وغلاء الأسعار؛ الذي يكاد أن يرسم ملامح الجوع وانهيار في السوق الاستهلاكي المحلي الذي يقع تحت رحمة العسكر، والشعب أفاق على صحوةٍ شبابية عنونت ب "ثورة الغلابة" جعلت الرئيس يخرج عليهم بثلاجته الفارغة من كل شيء إلا "الميّة" بمحاولةٍ يائسة لشرح بأن "الصبر طيب" إذا صح التعبير ولكن الأمعاء الممتلئة "بالمية" لم تعد تطيق مع سياستهِ صبراً.

قيادة السيسي للخطاب الإعلامي أصبح واضحاً فاضحاً للملأ، نحن نعلم بأن الرسائل الإقناعية التي يحاول السيسي بثها للمتلقي لم تعد تؤتي أكلها فلم تعد التعبئة العامة تكفي وأصبح الشعب المصري يُدرك بأن أغنية  "تسلم الأيادي" يأتي نقيضها "عايزين عيّش ناكله وشغل يأكلنا" مما يجعل وضع مصر الأمني "افتراضياً" على شفا هبة شعبية أشعل فتيلها التضييق المعيشي والاعتقالات المتتالية والمهادنات المخزية والاتفاقيات اللاقومية واللاعروبية؟!

بعد أن انهار الخطاب الإعلامي السياسي أمام المصريين وتحول إلى سياسات حالمة على الرئيس السيسي أن يستعد لغضب الشعب المصري.

مصر"بنت عم الصومال" على حد تعبير خريج التوكتوك لا يسوؤها فقط الجوع والبطالة بل اعتقال الحريات وشبهات التعذيب في السجون، وظاهرة اختفاء المواطن السياسي والمثقف والغلبان أصبحت على سلم أولويات "تغيير الحال" ولا أعلم إذا ما حدث الأمر وانطلقت ثورة الغلابة كيف ستنجو مصر من هذه الفوضى الشعبية، وهل ستكون سوريا الثانية بفارق عدد السكان أم أن الإرادة ستتفوق على الداعمين والراعين لمؤسسة السيسي العسكرية؟!

الانهيار الاقتصادي الحاصل في مصر ليس سوء إدارة فقط؛ بل تكليف بإيصال الشعوب إلى مرحلة التركيع فتجارب مصر السياسية التعسفية تبدأ من لقمة العيش وتنتهي ببث الرعب، فلحظة الحقيقة التي أشار اليها السيسي في خطابه عليه أن يواجهها هو والإصلاحات الوهمية التي وعد بالبدء في تحقيقها؛ تقتضي بالضرورة بأن يتنحى عن منصبه إن كان صادقاً بوعوده الإعلامية حينما قال "لو ينفع أبيع نفسي من أجل المصريين حبيع نفسي" وما يغيب عن إدراك الرئيس "إن الشعب عايزك تغادر البلاط مش تبيع نفسك".

بعد أن انهار الخطاب الإعلامي السياسي أمام المصريين وتحول في النهاية إلى سياسات حالمة أشبه بالخيال، وبعيدة المنال في ظل الواقع الرديء القائم الذي فرضته الوقائع اليومية على الأرض. يجب على الرئيس أن يستعد لغضب الشعب المصري على قيادته، ويعيد التفكير في أزمة السكر والبطالة والاعتقالات لأن الشعب المصري لم يعد يملك شيئاً ليخسره "كده ميت وكده ميت" على حد تعبير البعض منهم.

وما دون ذلك يعتبر شراء نافذة من الوقت ليس إلا ومرحلة الإصلاح الموعودة بحاجة إلى إعادة ثقة، ولا أعتقد بأن السيسي بدا حكمه بالثقة، وهو قائد الانقلاب العسكري على رئيس منتخب بإرادة شعبية.

لم يعد بإمكان السيسي إدارة البلاد بالمسكنات لأن الاستبداد والفساد فتق الجرح وجعل النسيج الوطني محتقن ولا يصلح أمره إلا ببتره تماما، وإذا وقعت مصر بفوضى شعبية لا ندري كيف سيتم احتواؤها فاللهم سلِّم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.