شعار قسم مدونات

قانون جاستا والإرهاب الأميركي

سكان أميركا الأصليون

قبل أيام أقر الكونغرس الأمريكي قانونا يسمح بمعاقبة الدول الحامية او الممولة للإرهاب في العالم، هذا القانون الذي أثار سيلا كبيرا من الأقلام المرحبة وأخرى الرافضة، واعتبره البعض موجها ضد السعودية بالضبط بعد اعترافات الموسوي بضلوع افراد من المملكة السعودية في تمويل الجماعات التي نفذت هجوم 11 من سبتمبر.

العلاقات الأمريكية السعودية
لنتوقف قليلا هل صحيح ان القانون يهدف لضرب السعودية والحجز على أصولها البنكية، بهدف أداء تعويضات مالية لأسر الضحايا، باعتقادي أن من يصور لهذا فهو واهم، فلن تعمد أمريكا لزلزلة العلاقات المتوترة أصلا مع الحليف السعودي والخليج عامة مقابل حفنة من الدولارات لإرضاء عائلات الضحايا.

القضاء الأمريكي اعتمد على شهادة زكريا موسوي لاتهام سعودية كدولة بالتمويل جماعات متهمة بأحداث 11 شتنبر. ولن تنفع شهادة موسوي المحكوم بالمؤبد أمام غياب أدلة دامغة تؤكد هاته الادعاءات وإلا ستظل مجرد ادعاءات تتداول وسط الصالونات.

قانون جاستا ورقة تفاوض تسعى أمريكا من ورائها جر حليفها من تحت عباءته، وليست مستعدة لخسارة حليفها السعودية

في اعتقادي أن قانون جاستا ما هو سوى ورقة تفاوض تسعى أمريكا من ورائها جر حليفها من تحت عباءته، ولست أظن أمريكا مستعدة لخسارة حليفها السعودية وهي التي خسرت قبل أسابيع حليفها تركيا وقبله بأشهر توتر العلاقات مع المغرب. فأمريكا تعلم يقينا أن أي خطوة خاطئة في المستقبل قد تجعلها تخسر المنطقة ككل لفائدة الدب الروسي.

الجاستا العربي
الكونغرس الأمريكي طرح قانون الجاستا، وقد أعتبره قانونا لمحاكمة ممولي الإرهاب وهذا جميل، وأعتقد أن هذا القانون وجب رفعه لمحكمة لاهاي و التوصية بتطبيقه. ولعلي سأعود بك عزيزي القارئ للخلف قليلا. والتاريخ مليء بقذارة الإدارة الامريكية ونضيرتها الأوروبية في تمويل وصنع الإرهاب بداية من:

الحروب الصليبية الدموية
التي دامت أكثر من قرنين (من 1095م إلى 1291م) تثير في الأذهان صورًا مثقلة بالدماء والعنف الوحشي الذي اتسمت به هذه الحروب التي خلفت كثيرًا من الذكريات عن دمويتها المفرطة. لقد كان الناس في أوربا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر يرون في الحركة الصليبية أمرًا مقدسًا، فقد أدخلت الدعاية البابوية الزاعقة في رُوع الوعي العام أن الحملة الصليبية "هي حرب مقدسة أمر بها الرب"

محاكم التفتيش البابوية
بعدما أجاز البابا جريجوري التاسع عام 1232م استعمالها كوسيلة للتعذيب ووصف المتهمين بالبدعة والهرطقة. وكانت مأساة المسلمين مع سقوط غرناطة آخر قلاع المسلمين في إسبانيا سنة 897هـ-1492م، من أفظع مآسي التاريخ؛ إذ شهدت تلك المرحلة التاريخية أعمالاً وحشية ارتكبتها محاكم التحقيق (التفتيش)؛ لتطهير إسبانيا من آثار الإسلام والمسلمين، وإبادة تراثهم الذي ازدهر في هذه البلاد زهاء ثمانية قرون من الزمان.و لا يزال الموريسكيون الا حد الان يطالبون بمجرد الاعتراف بالجريمة الاسبانية في حق المسلمين.

الإبادة الدموية للهنود الحمر
فالأمة الأمريكية قامت على دماء وعظام وأراضي وأملاك أكثر من 100 مليون قتيل ومعذب من الهنود الحمر -سكان أمريكا الأصليين- وحتى يومنا هذا لا تزال المطبوعات الأمريكية تحاول إيهام الجميع بأن الفضل في إعمار أمريكا يعود إلى المستوطنين البيض

الحركات الاستعمارية
ولا يزال التاريخ الحديث يذكر بحدة ممارسات بريطانيا و فرنسا في الدول العربية، الالاف من القتلى في المغرب و تونس و سوريا – لبنان – و غيرها بل وصلت لحدود مليون و نصف شهيد في الجزائر. جرائم الاحتلال الامبريالي وصل لقطع الرؤوس و الاغتصاب و تشريد و التنكيل بهم.

أمريكا داعم الإرهاب الحديث
أما عن المنظمات الإرهابية في العالم الغربي فلا يمكن عدها؛ ومن أشهرها جماعة الدرب المضيء البيروفية، و(بادر-ماينهوف) الألمانية، ومنظمة (الألوية الحمراء) الإيطالية، والجيش الجمهوري الأيرلندي، والجيش الأحمر الياباني، ومنظمة (إيتا) الباسكية، التي عُدَّت من أشهر المنظمات الإرهابية في تاريخ القرن العشرين من منظور غربي.

أمريكا تتصيد الدول العربية واحدة تلوى الأخرى، تصنع خريطة جديدة لشرق أوسط جديد، يلائم توجهاتها و مقاس أقدامها

كما أن الولايات المتحدة الأمريكية هي معقل مئات من أخطر العصابات الإرهابية في العالم مثل جماعة كوكوكس كلان التي تخصصت في قتل السود وغيرها. وإذا كان اليهود هم أول من أسس منظمة إرهابية في التاريخ فقد كونوا بعد ذلك عددًا من أشهر المنظمات الإرهابية في العالم مثل عصابات الهاغاناه وأغجون وشتيرن وهاشوميرو النوطريم (وهي الشرطة اليهودية الإضافية) وكتيبة (لافيه) من أخطر الأذرع القذرة التي تستخدمها (إسرائيل) في أعمال تصفية واغتيال واعتقال الفلسطينيين..

كيف ننسى جرائم أمريكا في اليابان وفيتنام.و بحق المسلمين بالعراق وأفغانستان و سوريا. وإساءة أمريكا للأسرى سجن أبو غريب، سجن غوانتنامو، ثم الدعم الأمريكي للقاعدة أمس و داعش اليوم.

الغريب في أمر الجاستا أنها قانون يسعى لمحاسبة داعمي و مصادر تمويل الإرهاب حسب قولهم طبعا، لكن متى إعترفت أمريكا بالقوانين، متى إهتز لها جفن وهي تقتل الشعب الافغاني و العراقي و السوري و الليبي و الصومالي ووو..متى استطاعت الخروج بقرار أممي ضد دولة ما، فكل حروبها بلطجة، فما وجدنا بن لادن ولا القاعدة و ما حاكما صدام حكما عادلا ولا وجدنا ترسانته النووية و الباليستية. فهل احتاجت أمريكا للجاستا وهي تغرم ليبيا ملايير الدولارات بعد حادث لوكيربي.

ها هي أمريكا تتصيد الدول العربية واحدة تلوى الأخرى، تصنع خريطة جديدة لشرق أوسط جديد، يلائم توجهاتها و مقاس أقدامها و يحقق رغباتها فمتى نستيقظ من موتنا هذا، أما آن لنا أن نستيفظ من ذاك الخنوع و الانبطاح لأميركا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.