شعار قسم مدونات

الاقتصاد والحرب الباردة في الانتخابات الأمريكية

blogs - tramp
في زوبعة الانتخابات الأمريكية، الانتصار غير مضمون لكلا المرشحين سواء هيلاري كلينتون أو دونالد ترامب، بعض المحافل الصحفية الإسرائيلية تعتبر هيلاري كلينتون بأنها مرشحة غير محبوبة، لكنها تتمتع بقدرة عالية بالتورط في قضايا محرجة، وبالرغم من ذلك فإن الحظ يميل لصالحها، الأمر الذي يستوجب النقاش حول شكل سلطتها وعلاقتها بالأطراف الدولية في حال فوزها.

أي رئيسة ستكون؟ هل يتوقع أن تبادر إلى تهدئة الأجواء الدولية، أم تبادر إلى توتير علاقاتها الدبلوماسية؟ هل أصلا سيحدث تغيير على سياسة الولايات المتحدة عند عودة السيدة والسيد كلينتون إلى البيت الأبيض؟ تنتمي عائلة كلينتون إلى الخط المهتم بالقضايا الاقتصادية الداخلية، فيتساءل الكثير عن تأثير هذا الخط على السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية، فبعد أكثر من عام على حملتها التي تركزت حول الاقتصاد، يصعب فهم ما الذي تريده، هل ستزيد الضرائب أو تخفضها؟ هل ستزيد أسواق القطاع الخاص أو ستزيد القطاع العام؟

إظهار ترامب لنفسه بأنه رجل عنصري أثار العديد من القضايا الجدلية، فأضعف من قدرته على إبراز نفسه كسياسي سيقود دولة كبيرة.

من الصعب القول أن كلينتون ستقوم بخطوة اقتصادية اجتماعية عميقة، خصوصا وأن الولايات المتحدة لا تمر بأزمة اقتصادية شديدة، وأنها لن تستطيع تجنيد أغلبية من هم في الكونغرس من أجل إصلاحات كبيرة، تخوفات بعض السياسيين الأميركيين من سياسية كلينتون تعود إلى فشلها فشلا ذريعا في تطبيق إصلاحات هامة عندما أوكل إليها زوجها في فترة ولايته الأولى أحداث الاصلاحات في جهاز الصحة.

إن الرياح التي تهب الآن على واشنطن تُذكرنا برياح الحرب الباردة في سنوات ماضية، إلا أن هذه الرياح لم تكن سببا في أي أمطار إلى هذه اللحظات، لقد امتنع باراك أوباما وجون كيري عن المواجهة مع روسيا وحلفائها بأي ثمن، وفهم بوتين هذا التراجع الأمريكي على أنه ضعف وضوء أخضر لاستمراره في ما تعتبره السياسية الأمريكية تشويشا على مصالحها في مختلف الملفات، النتيجة الحتمية للتراجع الأمريكي أمام السياسة الروسية هي تضعضع النظام الأمني الدولي، حيث أن جهات دولية أخرى بدأت تستغل ذلك وتحاول أن يكون لها موقف مستقل مخالف للسياسية الأمريكية.

التراجع على المستوى العالمي سيضر بالسياسة الاقتصادية الأمريكية، وهو الذي تعول عليه كلينتون كنقطة مركزية لإنجاح حملتها، وهذا ما ستضطر إلى مواجهته في النهاية، وقد أعلنت أنها ستعرف كيفية مواجهة خيارات بوتين ووضع خط أحمر له، وبهذا ستحظى بتأييد الكثير من الجمهوريين الذين يتحفظون من تملق ترامب لزعيم الكرملين.

ترامب لا يبدو أنه مهتم بشكل كبير بالملفات على الساحة الدولية، فهو مهتم بقضايا داخلية ليست ذات أهمية للمجتمع الأمريكي، وإظهاره لنفسه بأنه رجل عنصري أثار العديد من القضايا الجدلية أضعف من قدرته على إبراز نفسه كسياسي سيقود دولة كبيرة تسعى للتصدي لأخطار كبيرة على مصالحها أولها الخطر الروسي، ودور أمريكا في الصراع العربي الفلسطيني.

إذا تصرفت كلينتون بهذا الشكل، فسيكون ذلك تحولا حقيقيا في السياسة الأمريكية مما ينذر بمواجهة قوية مع الروس في حال فوز كلينتون أو فترة سلام في حال فوز ترامب مع تراجع مستمر لأمريكيا على الصعيد الدولي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.