شعار قسم مدونات

إخوان مصر وتجارب الآخرين

Supporters of the Muslim Brotherhood and deposed Egyptian President Mohamed Mursi shout slogans while gesturing the Rabaa sign, symbolizing support for the Muslim Brotherhood, during a rally against an Egyptian court's decision to sentence Mursi and other leaders to death, in Al Haram street near Giza square, south of Cairo, Egypt June 19, 2015. Mursi will appeal against a conviction for violence, kidnapping and torture imposed by a court over the killing of protesters

 فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بقيادة عباس مدنى ورفقائه على بلحاج وهاشمى سحنون بالانتخابات التشريعية في الجزائر عام 1991، لكن الجيش انقلب على الاستحقاق الشعبى ولم يسلم الحكم ولم يقبل بتلك العملية الانتخابية واختيار الشعب والاعتراف بها.

نزلت الجبهة إلى الساحات والشوارع رفضا لذلك، و تصاعدت الأحداث سريعا ليصل عدد القتلى بحسب الصحف الجزائرية آن ذاك إلى 150الف قتيل واعتقالات بالجملة.

من الواضح أن جبهة الإنقاذ انجرت بقصد أو بدون قصد إلى محاربة الدولة لإرجاع حقها فى حكم البلاد، وللأسف كان رد الدولة بلا رحمة، واقرأ إن شئت كتاب "الحرب القذرة" لحبيب سويدية الضابط السابق فى الجيش الجزائرى، حيث وقع الشعب بين مطرقتين وأصبح هو الخاسر والمتصارعين أيضا.

وفي تركيا فاز نجم الدين اربكان زعيم حزب الرفاه ذو الاتجاه الاسلامى بالاغلابية فى الانتخابات العام بالبلاد عام 1996 ليشارك تانسو تشيلر ممثلة عن حزب الطريق القويم -يوصف بالمحافظ- لتشكيل حكومة ائتلافية، وبعد ستة أشهر وليس عام كما حدث فى مصر رأى اربكان المشهد جلى .

تقدم الجيش لأربكان بمجموعة طلبات لغرض تنفيذها على الفور، تتضمن ما وصفوه بمكافحة الرجعية وتستهدف وقف كل مظاهر النشاط الإسلامي في البلاد مما اضطر الرجل للاستقالة من منصبه لمنع تطور الأحداث إلى انقلاب عسكري فعلي.

أنصار أربكان كانوا ينتظرون إشارة منه للنزول للساحات و الشوارع للاحتجاج لكن بصيرة الرجل وحنكته السياسية جعلته يرى المشهد جيدا، وبأن يرجع خطوة للخلف ومن أجل المحافظة على الدولة التركية ترك لهم تلك الجولة، فإن خسر هو وحزبه فقد فاز الشعب التركى والدولة، فلم نسمع أو نقرأ عن مقتل عضو من أعضاء حزب الرفاه فى تلك الآونة. ويعود تلامذته أربكان عام 2001 بحزب العدالة والتنمية ليفوز بالانتخابات ويشكل الحكومة ويبقى فى السلطة حتى وقتنا هذا .

مرسى كان الوحيد الذى يعلم جيدا مايحاك له، ويعلم ان كل يوم يبعده عن رئاسة مصر ولم يحرك ساكنا.

وبمصر فاز محمد مرسى بالانتخابات الرئاسية عام 2012 بــ51 بالمئة أمام أحمد شفيق والأصح أمام الدولة العميقة، وكل القوى الثورية ساندت مرسى من يسار ويمين وحركات شبابية وأحزاب. و لم يستطع الإخوان وحدهم أن يجلسوا مرسي على الكرسى من الجولة الأولى.

 نجح الرجل وبعد تسليم السلطة بحضور عنان وطنطاوي، ولن أنسى مشهد العلم المصرى الذي كانت تحوم به الطائرة فى السماء الذي كان باليا استخفافا، به فكانت رسالة لمن كان يقرأ المشهد فى بداياته .

بدأ الغرور ينتاب أعضاء الإخوان وقال لى أحد أصدقائى من الإخوان إننا لن نترك الحكم وكل هذا بالانتخابات، ولم ينم إلى وعيه أنه لولا ستر الله ووقوف الكتلة الثورية معه ضد شفيق ما كان مرسى رئيسا .

العجيب أن مرسى كان الوحيد الذى يعلم جيدا مايحاك له، ويعلم ان كل يوم يبعده عن رئاسة مصر ولم يحرك ساكنا، والمذهل من هذا كله أنه لم يصارح الشعب بما كان يحاك له من خلال أحداث لم نكن نعلمها ولا حتى كثير من إلاخوان إلا بعد أن تم تنحيته و أثناء محاكمته ابى أن يتكلم وطلب من المحكمة بجلسة سرية لماذا .

مصر التى اختصت بخصائص مميزة تجعلها رائدة للأمة من حيث الجغرافيا والتاريخ هى فى أزمة كما يعلم الجميع ماهو الحل إذا نكون كالجزائر أما بحكمة أربكان والسيناريو السورى والليبى واليمنى ليس عنا ببعيد .

وقد قرأت حوارا لعبدالفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة التونسية قال فيه لاخوان مصر يكفيكم 30 بالمئة فقط وهذا كثير فى الحكم لكن لم ينتصحو.

قال الغنوشى رئيس حركة النهضة كلمته الشهيرة "إن تونس أحب إلينا من الاستمرار فى السلطة"

ونجحت حركة النهضة التونسية بالفوز فى الانتخابات، وتشكيل الحكومة مع ائتلاف ضم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وأطلق عليه الترويكا إلا أن الأخيرة لم تستطع البقاء أمام التحديات التى واجهتها فتنازلت الحركة أوالترويكا عن الحكم.

وقال راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة كلمته الشهيرة "إن تونس أحب إلينا من الاستمرار فى السلطة" ولا نريد أن يحدث مثل ماحدث فى مصر. وبعد تنازلها تعود النهضة مرة أخرى لتشارك نداء تونس فى حكم البلاد وهذه هي السياسة .

لا تدرك قيادة الإخوان ما أوصلت إليه البلاد وما وصلت اليها نفسها من انقسام داخلى بسبب تعنت قادتها، فلم ينتصحو بنصائح الماضى ولا الحاضر حتى. وأرجو من الله ان ينير بصيرة المتصارعين وهذا غيض من فيض فى تاريخ الأمم لمن أراد الاستبصار، وقد قيل "إقرأ التاريخ إذ فيه العبر** ضل قوم ليس يدرون الخبر".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.