شعار قسم مدونات

أيها الإخوان: لا تُصْدروا بياناً

blogs - egypt

يعاني الخطاب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر من إشكاليات عديدة، تشمل هذه الإشكاليات جوانب شكلية من حيث دوافع التداخلات وتوقيتاتها امتداداً إلى المحتوى والمفردات، ولعل من أهم الاعتلالات التكوينية في العقلية السياسية الإخوانية حتمية التداخل مع كافة الظواهر والأحداث.

بمعنى استبعاد قرار النأي بالجماعة عن التعليق عن هذا الحدث أو ذاك، ومما عمق هذه الإشكالية حالة التنافس على شرعية الحديث باسم الجماعة بين طرفي الأزمة القائمة في الجماعة حالياً، حيث يتخوف كلا الطرفين بانفراد الطرف الآخر بإصدار بيان في هذا الموقف أو ذاك فيبدو وكأنه وحده المعبر عن الجماعة.
 

تتجلى أعراض هذه المشكلة حينما تؤدي مثل هذه المداخلات إلى نتائج كارثية كإحباط حراك متأجج أو إحراج جهة داعمة أو حليفة، ومما يثير العجب أن الجماعة أحياناً تتداخل مع أمور لا شأن لها بها أصلاً، خذ على سبيل المثال الاتفاق التركي الإسرائيلي في نهاية شهر يونيو الماضي، حيث خرج بيان صحفي على الموقع الخاص بجناح مكتب الإخوان المسلمين المصريين بالخارج والذي ينشر البيانات الخاصة بمحمد منتصر، شاكراً فيه مساعي تخفيف الحصار عن أهل غزة.
 

لماذا لا تترك الجماعة حراكاً لم تَدعُ إليه دون تعليق، فإن نجح جنت من ثماره؛ وإن لم يوفق لم تحمل تبعاته.

وهو ما علق عليه الكاتب التركي محمد زاهد جول بأن ظهور هذا البيان في هذا التوقيت غير موفق نهائياً، حيث أنه يعكس رضا من الإخوان و حماس عن الاتفاقية في الوقت الذي تشعر فيه الإدارة التركية بحرج شديد -على حد وصفه- لأنها تحدثت عن كسر الحصار ولم تستطع انهاؤه، وليت الجماعة تركت التعليق لحماس فإن أصابت فلنفسها وإن أخطأت فعليها.
 

وعلى الجانب الآخر فبعد الانقلاب العسكري ظهرت عدة دعوات للحراك داخل مصر من غير جماعة الإخوان المسلمين، كان لتداخل الإخوان معها آثاراً سلبية، ويتجلى ذلك في "انتفاضة الشباب المسلم" التي دعت لها الجبهة السلفية وحملت منطلقات وشعارات مغايرة للحراك الذي تبنته الجماعة.

وفي ليلة الحراك صدر من الجماعة بيان غريب -إن لم يكن مريباً- في توقيته ومضمونه، يدعو للتظاهر تحت مسمى آخر "الله أكبر.. إيد واحدة" ورفع أعلام مصر، خلافاً لما تم إعلانه من الداعين لانتفاضة الشباب المسلم من رفع المصحف، وعلل البيان ذلك بدعوى تفويت الفرصة على المجرمين والمحافظة على الدماء، مما أدى لإحجام شباب الجماعة عن المشاركة وكان عاملاً مهما في إحباط الحراك، ولماذا لا تترك الجماعة حراكاً لم تَدعُ إليه دون تعليق فإن نجح جنت من ثماره وإن لم يوفق لم تحمل تبعاته.
 

تلوح في الأفق هذه الأيام دعوات لحراك شعبي تحت اسم "ثورة الغلابة"، ما لبثت الجماعة أن أصدرت بيان باسم اللجنة الإدارية المؤقتة التي تتبع محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام للجماعة، تتحدث فيه عن سياسات العسكر واستهتارهم بأحوال الشعب المعيشية وتدعو فيه للتحرك لإنقاذ سفينة الوطن، في تقدمة منها لتداخلها مع الدعوة القائمة والتي يحاول النظام المصري إلباسها ثوب المؤامرة، حيث علق السيسي على الداعين إليها بوصفهم أهل الشر.
 

فهل ستترك الجماعة هذا الحراك وشأنه ولا توفر للنظام فرصة الصاقه بالجماعة؟! أم ستتداخل معه مما سيؤدي لعدم مشاركة قطاعات سترى في مشاركتها موافقة لمنطلقات الحراك المناهض للانقلاب الذي لا تتداخل منطلقات "ثورة الغلابة" معه؟!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.