شعار قسم مدونات

على عينك يا تاجر

blogs-تفجير سوريا

ست سنوات مرت ومازالت طاولة الحوار الحل السياسي لإنهاء الأزمة السورية تدور دون توقف تارةً مع تبدل الوجوه وتارةً مع بروز حل مقترح مع فيتو مسبق يرضي الأطراف اللاعبة، وخلف عباءة المفاوضات والاجتماعات ومجالس الأمن والمناشدات كان القصف بالطائرات والمدافع والاعتقالات والتجويع واللجوء المستمر مع التدخلات الاحتلالية الخارجية إيرانياً وروسياً يزداد ويشتد على مر السنوات الأخيرة لمساندة ماتبقى من نظام منهار في الأراضي السورية.

والقصف بالأسلحة المحرمة دولياً وبتغاضي أو لنقل بترخيص دولي تحت شماعة القضاء على الإرهاب "الداعشي" المصطنع والطويل أو بعض الفصائل الإسلامية وهو في الواقع القضاء على خصوم الأسد وعلى ماتبقى من الشعب على حد سواء، كل هذا وذاك وأمام أعين العالم الغربي و العربي أجمع بسياساته العاجزة وسورية لايتوقف نزيفها وألمها من نهش المطامع.
 

فإذا اتجهنا إلى الجانب السياسي إزاء الأزمة، فمازالت الشربكة السياسية المتعمدة لحل أزمة سورية مستعصية لدى كافة الأطراف الداخلة عربياً و غربياً وحتى المعارضة السورية (الإئتلاف السوري) الذين مازالوا في قوقعة الغموض والسكوت، بعد جولات المفاوضات الفاشلة والمعروفة مسبقاً وكله تحت شماعة الوصول إلى حل السياسي السلمي و"الحفاظ على وحدة الأراضي السورية" والتي تتمزق يوماً بعد يوم والتي يثبت فيها الأسد قوته المزعومة والمدعومة رغم إنهياره المسبق وقيام أنصاره في التغول وتحقيق المطامع السياسية.
 

ومازال العالم يتفاوض مع إيران ويتعاقد معه على رغم من سجل تاريخها الإجرامي الإرهابي الحافل بالثمانينات والتسعينات من اغتيال دبلوماسيين وأعمال شغب في الحج واعتداء على سفارات..

فعندما نجد أن ثورة على نظام تحولت الى أزمة إقليمية ودولية تتنافس فيها روسيا بثقلها العسكري والسياسي في الأرض السورية بعد الحصول على موافقة الكرملين، وذلك لتغطية هدفها الدفين من خلال خدمة النظام السوري جاعلةً منه ورقة تلعب به وعليه وليس للقضاء على الإرهاب المزعوم وبعد أن أصبحت  كذلك الأمر إيران وحزب الله وجميع المليشيات الموالية للأسد عاجزة عن حمايته.

عندها أصبح الموت روسياً بحتاً بطائراته التي لاتتوقف عن القصف المستمر للأحياء السكنية وعلى المعارضة السورية مخلفةً وراءها دمار واسع معلنةً احتلالاً بقواعد برية وبحرية جديدة ودائمة في المياة السورية وذلك مع اتفاق علني وصفقات مع أمريكا وكله على مرأى ومسمع العالم أجمع.
 

أما بالنسبة الوضع الأمريكي الذي يقوم بإطالة أمد الصراع وإنهاك الأطراف المتنازعة في ظلّ عدم وجود رغبة أمريكية جادة في توقف الصراع أو إنهائه ووجود الرغبة الدفينة في ضمان أمن واستقرار الكيان الصهيوني من أي ترتيبات مستقبلية متعلقة بالمنطقة، ومن هنا ندرك أن الولايات المتحدة تقوم بإدارة اللعبة فقط والإشراف العام على سيرها بما يضمن مساراتها ومصالحها السياسية، على رغم من أنها أصبحت القوة العجوز في المنطقة على حد رأي.
 

وعلى رغم من تباكي أمريكا إنسانياً فقد رفضت إعلان منطقة حظر لطيران وتركت المجال واسعاً وآمناً لهذا الطيران لقصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة؛ في الوقت الذي منعت فيه وصول أسلحة نوعية مضادة للطيران لقوى المعارضة، ولن ننسى كذلك الأمر كيف كان التعامل المخزي والمشين لأمريكا اتجاه مجزرة الكيماوي في الغوطة بدمشق، بل عملت على إجبار النظام السوري في "إخفاء" ترسانته الكيماوية وإستخدامها لاحقاً كما نشاهد الآن وكله على مرأى ومسمع العالم أجمع.
 

أما بالنسبة لإيران والتي تتمسك بمحور المقاومة والممانعة والتي لطالما كانت قائدة القوات المسلحة السورية التابعة للنظام والمتحدث الرسمي باسمه وناشرت التشيع ومرتكبة المجازر ومذابح مستعينةً بيدها الأمينة حزب اللات اللبناني في سورية.

ومازال العالم يتفاوض مع إيران ويتعاقد معه على رغم من سجل تاريخها الإجرامي الإرهابي الحافل بالثمانينات والتسعينات من اغتيال دبلوماسيين وأعمال شغب في الحج واعتداء على سفارات وسلسلة طويلة من الإجرام بحق المعارضين لها ولسياستها السوداء، وآخرها الآن في سورية والتشعب والتغلغل أكثر داخل المنطقة إلى أن تدخلت روسيا وجعلتها لاعبًا ثانويًا في النزاع من بعد أن كانت هي السبب الأول في بقاء النظام السوري.

لذلك تقوم بتحصين مصالها في الشام مع تأمين إمدادات حزب الله في سورية ومازالت إلى الآن تقود معاركها بمليشياتها، ولكن لن ننكر كذلك الأمر قلقها الداخلي أكثر من الخارجي بسبب العقوبات الدولية التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد، وهذا كان الدافع الأكبر لقبولها بشروط الاتفاق النووي، وكله على مرأى ومسمع العالم أجمع.
 

العالم فضل السكوت والتفرج على معاناة شعب مازال يصارع أزمته داخلياً وخارجياً وحيداً مؤكداً على شعاره الذي يتمسك به دائماً "يالله مالنا غيرك يالله"

أما بالنسبة لـ"داعش" الإرهاب المتجسد بصورة الإسلام لتزيفه وتشويهه، والذي ما كف عن أعمال التشويه والتخريب والأعمال الإرهابية في الداخل والخارج والذي أعتقد من وجهة نظري أنه "مصطنع" كأداة للأغراض السياسية للدول اللاعبة الكبرى في كل من سورية و العراق وكذلك لأمور تشويه الإسلام المتعمد وتشويه صورة اللاجئين في الدول الأوروبية.

وكانت النتيجة العمل على طردهم أو ايقافهم على حدود لعدة سنوات بغية أنهم جالبي الإرهاب وعدم الاستقرار، واستدل أيضاً عدم احتكاك داعش مع النظام السوري أو الإيراني أو حتى الروسي نفسه ومازالت الدول الكبرى كما يزعمون أن الجهود مستمرة على مر سنيتن أو أكثر للقضاء عليهم دون جدوى وكله على مرأى ومسمع العالم أجمع.

هذه النظرة السريعة والمصغرة والغير كاملة وربما البسيطة للأحداث السياسة السوداء والمشربكة في سورية كلها تدل عن عدم نية جدية في حل الأزمة المستعصية وكله في خدمة مصالح أو تصفية مصالح، بحيث أصبحت سورية أرض نزاعات وخدمة أهداف، ويبقى الخاسر الوحيد هو المواطن السوري سواءً كان داخل حدود بلده والذي أصبح الموت يلاحقه يومياً والجوع والحصار تحت وعود كاذبه يومية واللعب بالمؤن الغذائية تارةً بقصفها وتارةً بمرورها للنظام دون أي جدوى، أو كان متضراراً في الخارج من خلال لجوئه إلى دول مازالت تشكو همهم ومازالوا يعانون موتاً من نوع آخر.
 

وكله هذا أمام أعين ومسمع العالم أجمع ليطبق المثل الشعبي "على عينك يا تاجر" والذي فضل السكوت والتفرج على معاناة شعب مازال يصارع أزمته داخلياً وخارجياً وحيداً مؤكداً على شعاره الذي يتمسك به دائماً "يالله مالنا غيرك يالله".
إلى متى الحال يا ترى ؟!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.