شعار قسم مدونات

ضمن مواجهة السعودية لإيران.. اجعلوا الإرهابي إرهابياً

blog-ظريف
بعد إعلان نجاح موسم حج هذا العام أكد المسؤولون السعوديون في أكثر من تصريح استعداد المملكة للتصدي للتهديدات الإيرانية سواء فيما كان خاصاً بشعيرة الحج أو كما تشعر به السعودية من الخطر الإيراني الدائم، عبر عن ذلك أمير مكة بقوله أن المملكة لن تكون لقمة سائغة للإيرانيين.

 

وإن اتفق السعوديون على نية إيران المبيتة لإحراج السعودية عبر افتعال التخريب خلال الحج فإن الإيرانيين من جهتهم سارعوا إلى اتهام المملكة بالتقصير في رعاية الحرمين والترويج لما حدث في العام الماضي في تدافع مشعر منى بأنه عمل مقصود ضد الحجاج الإيرانيين.
 

انصبت جهود السياسة الخارجية للسعودية نحو إرجاع التوازن الأمني في إقليمها والذي من الضروري خلوه من التهديدات المباشرة للمملكة.

وفي متابعة مجمل التصريحات الإعلامية للمسؤولين في السعودية وإيران خلال الحج الماضي فإن الاتهامات لكل من الطرفين لم تتوقف، غير أن ظرف المرحلة التي تعصف بالعلاقات بين البلدين والتصور الذي يحمله كل منهما عن الآخر يجعل لسياق الاتهامات والتصريحات دلالة مهمة واعتباراً في الصراع الإقليمي الدائر بين البلدين.

لم تتأخر ردود المسؤولين السعوديين حيال اتهامات الإيرانيين، فحساسية عنوان الحج كونه جزء في صميم مكانة المملكة الإسلامية، ونصيبها في رعاية الحرمين وزعامتها الدينية أقاما لها شرعية التأسيس والاستمرار وبالتالي فما يدخل في إلقاء التهمة بالمملكة لتقصيرها وتهاونها تجاه المقدسات هو خط أحمر يضرب في حبل الشرعية والمكانة، وإن بدت حماية جهود السعودية تجاه الحرمين ودفاع مسؤوليها من الأمور المتفق عليها والتي بحاجة إلى مزيد من الهالة الإعلامية إلا أن هناك مضموناً في هجوم الإيرانيين ينبغي الوقوف عنده والاحتياط له في هذه المرحلة .

مقال جواد ظريف في النيويورك تايمز لم يكن مفاجئاً، فالحديث عما يسمى الوهابية وإرفاقها بالتطرف والزعم بأنها تؤسس للإرهاب ليس جديداً من قبل الايرانيين، الجديد في الأمر أن شكل وإطار المواجهة مع إيران قد اختلف تماماً عما سبق، كما تراه المملكة فهو صراع ضد التمدد الذي لامس حدودها وبالتالي انصبت جهود السياسة الخارجية للسعودية نحو إرجاع التوازن الأمني في إقليمها والذي من الضروري خلوه من التهديدات المباشرة للمملكة ولشرعية الدولة المرتكزة على أساس ديني.
 

كما أن تضمين الهجوم على الوهابية في مقال ظريف لا يبدو بعيداً عما دار في مؤتمر غروزني وما يرمي له القائمون على المؤتمر، ولذلك فتجريم الدعوة الوهابية والسلفية ومحاولات إخراجها عن صف أهل السنة هي في الواقع جملة من السياسات الموجهة ضد السعودية ما يبين سعي عدد من الأطراف الدولية بما فيهم إيران نحو إخلال السياسة الخارجية السعودية وتحييدها عن أدوار قادمة لها في سوريا واليمن وغيرها.
 

هذه السياسات تكمن خطورتها في إثارة الصف الإسلامي بشكل عام والسني على وجه الخصوص ضد المملكة حيث الملاحظ هو محاولة ضرب قائمة أهل السنة المتمثلة في المملكة مرة عبر إقصاء الدعوة الوهابية وشيوخ السلفية من الصف السني ومرة ضمن حملة ترويج واسعة لتفزيع العالم من الوهابية.
 

إن المعادلة السياسية في العراق مفرغة من التواجد السني والحقيقة أن المملكة جديرة بدور إرجاع التوازن في العراق عبر تقوية الصف السني.

السياسة السعودية في حاجة إلى التحرك ليس للتخلص من تهم الأصولية والتطرف الوهابي ونفيها، فالمواجهة مع إيران لا تحتمل المزيد من خطاب تبرئة للسلفية والدعوة الوهابية، إن دقة المرحلة تتطلب أن تخطو المملكة خطوات جادة وغير مسبوقة والاتجاه نحو النقاط التي تحرج إيران، كما هو حال الحكومة العراقية التي يتزعمها حزب الدعوة الموالي لإيران والتي لا تواري خجلا ممارساتها الإرهابية الطائفية، حيث أصبح الوقوف أمام إرهابها غاية في الأهمية.
 

لاشك أن ملف العراق يمثل مفصلاً في مواجهة إيران لكونه يجسد صورة للإرهاب الصفوي وامتداد للنفوذ الإيراني الذي يسعى لتكريس الطائفية، يجب أن تنصب المساعي الدبلوماسية لحصار الحكومة العراقية وتجريمها على نطاق واسع، إن المعادلة السياسية في العراق مفرغة من التواجد السني والحقيقة أن المملكة جديرة بدور إرجاع التوازن في العراق عبر تقوية الصف السني وإبراز مظلومية أهل السنة.
 

يتزامن ذلك مع الحاجة الكبيرة لتشغيل الآلة الإعلامية لخدمة الجهد الدبلوماسي، قنوات تلفزيونية كالعربية والتي تلقى تمويلاً سعودياً، يتحتم عليها وعلى مثيلاتها من القنوات والفضاءات الإلكترونية أن تعكس حقيقة الممارسات الإرهابية في العراق، كما يلزم أن تتردد صورة إرهاب إيران في الداخل الإيراني والعراقي بشكل يومي إعلامياً وهو ما يمهد على المدى القريب تجريم إيران وأتباعها على المستوى الإقليمي والدولي والضغط لتحقيق مكاسب في توازن القوى داخل العراق .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.