شعار قسم مدونات

إبداعات أدبية في أحداث تركيا

blogs - erdogan
تعتبر فن المقامات من فنون الأدب العربي ذات القيمة والمكانة المنيفة، وقد كان ظهور هذا الفن بادئ الأمر في القرن الرابع عشر الهجري على يد "بديع الزمان الهمذاني"؛ بهدف رصد الانحطاط في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ولكن بشكل ساخر؛ ليقلل من هموم الناس.

وقد بدا لي أن أكون من أوائل المبادرين في إحياء هذا الفن المنسي وذلك بقالب معاصر حديث أستعرض فيه بعضاً من القضايا الراهنة والتي لها الأثر العظيم على مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ووددت في هذه السطور أن أسرد مقامة أسميتها بالمقامة التركية.
 

زارتني في الوجدان، مقامة بأزهى عنوان، تحكي قصة نجاح باهر، لشخص محنك وماهر، تولى حكم البلاد، فازدهر بعده الأرض والعباد، فصارت تركيا مهد بني عثمان.

إذ أن القضية التركية استحوذت اهتمام الناس قاطبة من أقصى العالم الى أدناه، وذلك بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرض لها الرئيس رجب طيب أردوغان، ولا يخفى علينا كيف أن الشعب هناك سطر أروع معاني الإخلاص والود والوفاء للرئيس عندما خرجوا إلى الساحات والميادين منددين أيما تنديد للانقلاب وأهله، فغدا العسكر بعدها صاغرين مكسورين بفضل التكاتف الذي أبداه الشعب الأصيل.

ومن الصور المشرفة التي بدت ظاهرة للعيان أيضاً كيف تفاعلت الجماهير في الدول الإسلامية لهذا الحدث خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي حيث تربعت التغريدات المؤيدة لأردوغان معظم تلك المواقع، خاصة التويتر والفيس بوك.

وإليكم تلك المقامة التي اسميتها بالمقامة التركية:

"زارتني في الوجدان، مقامة بأزهى عنوان، تحكي قصة نجاح باهر، لشخص محنك وماهر، تولى حكم البلاد، فازدهر بعده الأرض والعباد، فصارت تركيا مهد بني عثمان، جوهرة لا تقدر بأثمان، يسودها الرقي والأمان، والسعادة والاطمئنان، بفضل أردوغان الذي بذل أقصى المجهود، وفرغ طاقات شعبه اللامحدود، واتكل بعدها على الرب الودود، حتى أوصل وطنه لمقام محمود، أغاظ به الأعداء من نصارى ويهود.
 

إنه البطل رجب، حدث عن مرؤته ولا عجب، فتح ذراعيه لأبناء الشام، فاستقبلهم كما الكرام، وعاملهم معاملة الشرفاء ذوي الوئام، بعد أن خذلهم العربان، وتركوهم تحت رحمة بشار الجبان، والشبيحة الذؤبان، فوضع نفسه موضع الوالد ذو القلب الرقيق، الرحيم الشفيق، ولا تنسوا موقفه المشرف ذو العزة، عند نصرته لأهل غزة، إذ ندد الحصار، وأدان قتل يهود فيها الكبار والصغار.
 

فسير السفن والمركبات، واتجه بها الى إيلات، فنفذ فيهم الصهاينة الاغتيالات، فلم يأبه البطل بتلكم التجاوزات، التي كللوها بجريمة نكراء، واضحة وجهراء، في مرمرة حيث انزلوها العواصف الهوجاء، فقدوا أثرها أي رجاء، فعمت جريمة بني صهيون كل الارجاء، قطعت على أثرها العلاقات، والعقود والصفقات، مع حكومة الكيان، التي اتبعت نهج مائير وموشي ديان.
 

أوصل رجب تركيا الافاق، فاغتاظ بذاك العدو وسر الرفاق، اضمر بعدها الغرب، الحقد الدفين، بل وأعلنوا بغضهم المبين، لتلكم الصفوة، من قادة الصحوة، الذين أبوا التبعية والغفوة، وتربعوا قمم المعالي والنخوة.
 

وعمت في أنحاء العالم المظاهرات، رغم أنوف أجهزة الأمن والاستخبارات، المناصرة لابن طيب، ذو القلب الطيب، مظاهرات كالوابل الصيب.

فكان من اللزام، في نظرية العلوج اللئام، تدبير مؤامرة يرعاها العم سام، لتقويض النظام، ووأد السلم والوئام، بين القائد وجماهيره الكرام، فتغلغل في صفوف الجنود، وأغراهم بالمناصب والنقود، لطمس الإرادة والحرية، ولإحلال الفوضى في الجمهورية، فغدر الغادرون ونكصوا الأعقاب، واعادوا سيناريوهات اعتادها الشعب منذ أحقاب، اذ امسكوا بزمام 
الأمور، وأرهبوا آمرها والمأمور، زاعمين فيها أنهم حماة الديار، ورعاة الأعراض والذمار، فما هناك من خيار، إلا الانصياع لذلك القرار.

فحدث مالم يكن على بال، إذ نادى أردوغان على الجوال، فصاح: قوموا أيها الشعب فقد دبر لكم مكر تزول منه الجبال، وانفضوا عن وجوهكم غبار الهون والإذلال، فامتلأت الساحات بالأبطال، ورمي الانقلابيون بالأحجار والنبال، فأدركوا أنهم على ضلال، بعد أن تم تكبيلهم بالسلاسل والأغلال، وظهرت على تلك الوجوه الصغار، والذل والشنار، وأوصموا وصمة العار، وكيف لا وقد ارتكبوا المخازي، وصاروا مطاياً للكيان الموازي، ذاك المسخ الذي غدا أسداً على شعبه ونعاماً في الحروب والمغازي.

عادت الشرعية، وابتهج الراعي ومعه الرعية، فدوت الأهازيج ودقت الطبول، واستقرت الأحوال في انقرة وإسطنبول، وعمت في أنحاء العالم المظاهرات، رغم أنوف أجهزة الأمن والاستخبارات، المناصرة لابن طيب، ذو القلب الطيب، مظاهرات كالوابل الصيب.
 

أبدوا بها الامتنان، للكريم المنان، لما أنعم عليهم من المنن، وجنبهم عظيم المحن، فنسأل ربنا أن يصون الممتلكات والأموال، وأن يحفظ الأهل والعيال، وأن يبعد عنا كل وبال، وأن يرزقنا الطمأنينة وراحة البال، ذلك دعاء من محب لكم قاطن بالصومال، فاسألوا الحق له الثبات وصالح الاعمال، والحمد لله المنعم ذو الكمال، والصلاة والسلام على نبيه الأكرم عدد ما خلق الله من ذرات الرمال".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.