شعار قسم مدونات

ما بعد الخطاب الملكي

الملك محمد السادس

إذا ما اخترنا يوما ما يشبهنا نحن المغاربة من أنواع التوابل فأكيد أننا سنختار الكمون بدون منازع ففي المغرب يقال مثل شعبي بشكل شائع بيننا هو أننا شعب "كموني خاصو يتحك عاد يعطي الريحة ) بمعنى يجب دق الكمون وسحقه حتى تخرج رائحته  أو نسمته.

ألقى الملك محمد السادس خطابا أمام نواب الأمة الجدد تحت قبة البرلمان يدعوهم فيه بشكل صريح إلى الاهتمام المباشر بشكاوي الناس التي هي في الغالب بسيطة، لكنها لا تجد آذانا صاغية من قبل ممثلي الأمة في البرلمان ولا في الإدارات المغربية، فإن حالف الحظ المواطن والتقى بالملك فإن غالبية مطالبه تتحقق في أمور كان بالإمكان قضائها على يد الإداريين أو النواب والمستشارين بمجلسي البرلمان.

ما الجدوى من اللامركزية الني تبناها المغرب منذ زمن ؟ إننا أمام معضلة كبيرة هي أن الادارة لا تقوم بدورها

والسؤال الذي يطرح نفسه ما الجدوى من اللامركزية الني تبناها المغرب منذ زمن ؟ إننا أمام معضلة كبيرة هي أن الادارة لا تقوم بدورها إلا من رحم الله فقلة هم من يسعون لقضاء حوائج الناس بينما الغالبية من موظفي الدولة يتهرب من القيام بمهام.

وبهذا تتعطل مصالح الناس بشكل دائم خصوصا من يقطعون مسافات طويلة قادمين من قراهم أو مدنهم الصغيرة ليجدوا في الأخير موظفا ليس له مزاج للقيام بعمله، فجل ما يقوم به هي عملية التصريف أو بعبارة أدق التصدير أي تحويل الناس نحو موظف أخر أو إدارة أخرى كما لو أنه يقوم بتعليب السردين بعلب معدنية وتصديره نحو أوروبا.

هذا إن وجد هذا الموظف أصلا في مكتبه، وبطبيعة الحال دون أن نغفل الحديث عن المستشفيات و المراكز الأخرى التي تقدم خدمات يومية للمواطنين . للأسف فالغالبية تعاني من ضعف الخدمات التي تقدم من قبل الموظفين الذين يتقاضون رواتب من دافع الضرائب دون أن يجد هذا الأخير خدمة محترمة نتيجة احترامه لبلده و دفعه للضرائب دون تذمر.

إن الاشكال ليس في الخطاب -الذي استحسنه أغلبية الشباب المغربي لأن الإدارة المغربية هي مرتع و مخبأ للعديد من العجائز فكريا و بدنيا – المُعَرى للإدارة بشكل فاضح من قبل الملك شخصيا في وسائل الاعلام المرئية و المسموعة، وإنما الإشكال في آليات تطبيق هذا الخطاب على أرض الواقع، فكما سبق و أشرت للمثال الشعبي المغربي الخاص بالكامون.

فلا بد من إجراءات زجرية فعالة توقف المستهترين عند حدهم من إداريين و نواب ومستشارين وممرضين وأطباء  ورجال الأمن ورجال المصالح القضائية و كل الساهرين أساسا على قضاء حوائج الناس بشكل يومي.
 

عامة الناس تعرف أن الادارة المغربية تنخرها الرشوة و تعطيل المصالح و قلة الكفاءة، إدارة يتم التوظيف فيها إما عبر المحسوبية أو الزبونية، و قلة منهم من يصلون عبر المباريات أي عبركفاءتهم و من هذه الفئة أناس يقومون بعملهم بكل ضمير ومهنية.

على الإداريين أن يعلموا أن الإدارة وضعت للناس البسطاء من أحلامهم صغيرة ومطالبهم أيضا كذلك صغيرة ولم توضع للحيتان الكبيرة التي لا تضع أقدامها أساسا بعتبتها. أي هي منا وإلينا و أغلبكم يا من تنتمون إليها أساسكم مواطنين ستحتاجون يوما ما قضاء حاجياتكم في إدارات أخرى ( فكل ذي سيارة هو في الأساس راجل يترجل من سيارته مهما طال النهار).

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.