شعار قسم مدونات

الشرخ المصري

Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi looks on during the meeting with Sudanese President Omar Bashir (Not Pictured), in Cairo, Egypt, 05 Otober 2016. The meeting came as part of the Egyptian-Sudanese high committee, and its the first time that two presidents have headed this committee as its always held at the prime ministerial level. A number of economic agreements was signed during the meeting.

تصويت المندوب العربي المصري مع القرار الروسي المضاد في مجلس الأمن فيه إشارة واضحة لحالة التخبط السياسي والدبلوماسي الذي تعيشه مصر، ولقد باتت القاهرة خارج السياق الزماني والمكاني، وأصبحت عالة إن لم تكن بؤرة فاسدة تلوثت بأطماع سياسية غير منضبطة.
 

الحالة المصرية الآنية تعيش دوامات الفشل الذريع، وتغرق في ظلام الرجعية، فلم تعد أيًا من الدول المجاورة لها تعيش الحياة السياسية كما تعيشها مصر الآن وقد تجاوزتها تلك الدول منذ أمد. فمصر منذ تولى السيسي يتصاعد نزولها للقاع وقد شارفت على هلاك سياسي فظيع، فقد أصبحت عقلية القيادة السياسية في مصر تغرد في سرب آخر ولها هموم مختلفة جذريًا عن المجموعة العربية، إذ تعيش في صراع أزلي من مخاوف أضحت فروع وعناوين لاتذكر أمام قضايا كبرى تهدد الأمن القومي للعالم الإسلامي والعربي.
 

وأصبحت أولوياتها محل سخرية الإعلام العربي والعالمي، فلم تعد مصر ذات الثقل السياسي المؤثر بل أصبحت تابعة لمن يخلصها من مشاكلها الداخلية والاقتصادية، وأضحت رهينة تجاذبات لأطراف خارجية حتى وإن تناقضت في علاقاتها ولذلك نراها صوتت مع القرار الفرنسي ضد روسيا ونظام الأسد ثم صوتت مرة أخرى مع القرار الروسي المضاد وهي حالة شاذة وفريدة في العرف الدبلوماسي.
 

تكوين النظام السياسي في مصر  يصر على بقاء النظام السوري العسكري حتى لايكون هو النظام العسكري الوحيد الباقي بالمنطقة

تعيش مصر السيسي طورًا جديدًا يبعدها عن حاضنتها العربية ويبد أنه الخوف من الواقع المر الذي عاشته بعد الثورة فما يحدث الآن هو نتيجة لسلسة أخطاء متراكمة لن تدوم،، فالخطأ لا يمكن أن يستمر مهما طال الزمن وما بني على باطل فهو باطل؛ ولذلك نرى أن النظام الحاكم يلهث ليتجاوز تلك الأزمة ولا أظنه فاعل إلا تدمير المزيد مما بقي من ملامح مصر.
 

فلابد من عودة العمل الديمقراطي السياسي الذي فقدته البلاد بعد أحداث 30/سبتمبر، ومهما حاولنا تجنب تلك الكارثة إلا أن نتائجها ستبقى مؤلمة وستتواصل ولن تتوقف وستؤثر على المسار الإقليمي وعلى السلم العام في الشرق الأوسط، ولذلك نرى أن العلاقة التركية التي يعول عليها الكثير من عقلاء العرب شابها فتور على مدى السنوات الخمس الماضي، فالعلاقة التركية الخليجية قوة نافذة على المستوى السياسي والحركي والاقتصادي، وهي جبهة قوية لو أنها لم تصب بالفايروس المصري الذي عطل هذه الجبهة طوال فترة الحكم العسكري في مصر.

فمصر قضية جوهرية في الشأن العربي وبقاءها على هذا النحو هو حجر عثرة أمام معظم الملفات المهمة في الشرق الأوسط لأن تكوين النظام السياسي هناك لم يعد يواكب تلك الملفات التي تواجهها المنطقة، وتوجهاته نقيضة للأهداف العربية والتركية، إذ يصر على بقاء النظام السوري العسكري حتى لايكون هو النظام العسكري الوحيد الباقي بالمنطقة.
 

كما أنه يخشى من وصول حزب الإخوان إلى حكومات عربية منها "سوريا" في حالة سقوط الأسد، مايجعله يرضى مجبرًا بالنظام السوري مهما كان الثمن. ولذلك باتت مصر دولة شاذة في رغباتها ورؤيتها وملامح مستقبلاها. فالخليج يقابل تحديات جمّة وظروفًا خطيرة ولن يقبل بحليف هش، سخّر مقوماته الوطنية من أجل قضايا تافهة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.