شعار قسم مدونات

قصة ما قبل الغد.. عن قادة الغد !

international conference

"شعب واحد.. عقلية واحدة"، كان هذا هو الشعار الذي ردد بشكل متواصل بعد انتهاء فعاليات المؤتمر الدولي لنموذج الأمم المتحدة لشمال إفريقيا الذي نظم بالمغرب.
 

تظاهرة جمعت بين طياتها ثلة من خيرة شباب العرب دبلوماسيو الغد، ساد فيها جو ممزوج بالتواصل الإيجابي والتبادل الثقافي بين شباب لا يسعى لشيء سوى إظهار الود والاهتمام تجاه الآخر، شريكه في العروبة والإنسانية!
 

جلساتنا لم تكن تخلى من المواقف الطريفة والمحرجة أحيانا نظرا لاختلاف معاني بعض الكلمات المشتركة بين القواميس المغاربية بشكل خاص.

تونس -الجميلة الخضراء- بعثت وفداً من الشباب التونسي أقل ما يقال عنهم أنهم مشرفون حد اللانهاية، أظهروا من اليوم الأول الارتباط الشديد ببلدهم، ولم يترددوا في إمتاع أسماعنا بأجمل ما خلف التراث الموسيقي التونسي، تراث يحفظونه عن ظهر قلب بخلاف ما يظهره الشكل العام الذي يوحي بشباب قليل الاهتمام بكل ما هو قديم وتقليدي، علم تونس لا يفارق أكتافهم، علم تحوم حوله هالة الفخر المرصّعة بذهب كلمات قصيدة أبو القاسم الشابي.
 

أما حين تسألهم عن السر وراء هذه الوطنية المثيرة للغبطة، يقولون لأنهم ببساطة هم من قاموا بالثورة، هم من حققوا التغيير وهم من يحملون على عاتقهم مسؤولية إتمام المشوار حتى آخر نفس، بالرغم من التعبير في كثير من الأحيان عن عدم الرضا والتذمر من بعض المشاكل المعيقة داخل البلد.
 

أما مع إخواننا من الجزائر، فشعور الاختلاف كان شبه غائب، لأن ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، تجمعنا الثقافة الشعبية والموروث المادي واللامادي، حب الحياة والبحث عن السعادة، الانفتاح على الآخر، لا تفرقنا سوى الجغرافيا، يشكلون إلى جانب باقي شباب المنطقة رأسمال بشري عالي الثقافة، كامل الوعي بالمشاكل والتحديات ودوره في رسم خريطة المستقبل لبلده وباقي بلدان العالم، ملتزم بكل موضوعية وواقعية بتسليط النور على جميع عناصر وطنه الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، يتحدث لغتي موليير وشكسبير بطلاقة تضاهي طلاقة لغة الضاد، شباب همّه الوحيد هو العيش في حاضر جميل والمساهمة في رسم معالم مستقبل أجمل.
 

غابت عن باقة المغرب العربي زهرتي موريتانيا وليبيا، وكنت أتمنى لو شاركونا احتفاليتنا بالتجمع الرائع والزاخر بالجمال! يحدثوننا عنهم، عما نتشارك فيه وعن الأوضاع من جانبهم، في حين استمتعنا بخفة دم المصريين الذين أضافوا الشيء الكثير للحدث، وأبانوا عن مستوى عالٍ من الأخلاق والالتزام بقيم الود وتقبل الآخر، كيف لا وقد قدموا من بلد يقدّس التعايش والإخاء، ويجعل منه مكون أساسي من مكونات جمال أم الدنيا، زيادة على كل الجنسيات الأخرى التي سعدنا بحضورها وحظينا بشرف التواصل معها.
 

جلساتنا لم تكن تخلى من المواقف الطريفة والمحرجة أحيانا نظرا لاختلاف معاني بعض الكلمات المشتركة بين القواميس المغاربية بشكل خاص، ضحكنا كثيرا وتبادلنا دعوات الزيارة ذهابا وإيابا في اتجاهات متعددة، وتمنينا لو كان نظام التنقل لدينا مماثل لما هو عليه داخل الاتحاد الأوروبي مثلاً.. حلمنا كثيراً!
 

نسعى لتحقيق اتحاد مغاربي قائم على ترشيد استغلال الثروات الطبيعية و البشرية الهائلة التي تتميز بها قارتنا السمراء.

إلى كل من يهمه الأمر، إذاً العلاقات العربية بين الشباب بألف خير، لديهم رؤية مشتركة تجاه أوضاع المنطقة بشكل عام، وتجاه مجتمعاتهم بشكل خاص، وهم واعون تمام الوعي بأهمية إشراكهم في سياسات التسيير والإصلاح على جميع المستويات باعتبارهم قادة وسياسيي الغد.

شباب منهم من يشتغلون كسفراء لبلدانهم ضمن منظمات غير حكومية دولية بالموازاة مع متابعة دراساتهم الجامعية التي تتمحور غالبا حول العلوم القانونية والسياسية، وعلى هذا الأساس أظن أنه حان موعد تدريبهم وتجهيزهم لما ينتظرهم من مسؤوليات وقرارات يتسم بعضها بالطابع المصيري، ولا تظنوا أبدا أنهم يودون القطيعة مع الماضي، لأنهم يؤمنون بأهمية الماضي في إصلاح الحاضر وبناء المستقبل.
 

ومن دواعي السرور أيضا أنه لم تتخلل نقاشاتنا أية صراعات إيديولوجية، وقد تعمدنا ربما ذلك، لأن ما يهمنا اليوم هو اتحاد حقيقي داخل الوطن العربي عموما وبين دول المغرب العربي بشكل خاص، نسعى لتحقيق اتحاد مغاربي قائم على ترشيد استغلال الثروات الطبيعية والبشرية الهائلة التي تتميز بها قارتنا السمراء، والتي لم يتم استغلالها بعد، وكذا المساهمة في الرفع بها إلى مصاف القارات المتقدمة.
 

لتطمئن قلوبكم إذن لمستقبل العالم العربي، لأنه بين يدي شباب يؤمنون بالحرية، بالإنسانية، بأهمية الحفاظ على العلاقات السليمة والمثمرة مع الشركاء المباشرين وغير المباشرين، بالديبلوماسية والموضوعية في تحليل معيقات التطور الإيجابي والبحث عن الحلول الناجعة، والأهم من ذلك كله في الانفتاح على الآخر وتقليص الحدود الجغرافية منها والإيديولوجية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.