شعار قسم مدونات

لهذا السبب الانتخابات الأمريكيه القادمة مصيرية!

blogs-الانتخابات الأمريكية

كل أربعة أعوام تلقى الانتخابات الأمريكية اهتماماً محلياً وعالمياً للدور الذي تلعبه شخصية الرئيس الأمريكي بالسياسة الدولية، إلا أن انتخابات هذا العام تعتبر مصيرية لأنها سوف تشكل مصير الولايات المتحدة الأمريكية لثلاثين سنة قادمة، والسبب في ذلك يعود إلى الصلاحية التي سيمتلكها الرئيس بإختيار أربعة قضاة للمحكمة الدستورية العليا والتي تعد أقوى سلطه وأعلى جهه قضائية في البلاد وهذا شئ نادر الحدوث.
 

عندما كتب الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الدستور حاولوا توزيع السلطه وعدم وضع كل القوى والصلاحيات في يد شخص أو منصب معين، لذلك تم تقسيم الحكومة إلى ثلاث أقسام: القسم الأول تشريعي متمثل بالكونغوس الذي يجري انتخابه كل عامين و يحق لك عضو فيه الترشح لست فترات، القسم الثاني الرئيس والذي يعتبر السلطه التنفذية في البلاد ويتم انتخابه كل أربع سنوات، اما القسم الثالث في الحكومة وهو قضائي يتمثل بالمحكمه الدستورية العليا والتي تتكون من تسع قضاه يتم اختيارهم من قبل الرئيس بدون انتخابات ويحكمون مدى الحياة.

ما يثير مخاوف الحزبين في أمريكا هو أن الرئيس القادم سيملك صلاحية تعيين ثلاثة قضاة أو أربعة على الأقل بمعنى أن غالبية التصويت على أي قانون ستكون إما لصالح الليبراليين أو المحافظين فقط

منذ فبراير الماضي وعمل المحكمة الدستورية شبة متوقف بعد أن غيب الموت أحد القضاه ونقص العدد إلى ثمانية، منذ ذلك الوقت حاول الرئيس أوباما اختيار عدة شخصيات لملء الفراغ، إلا أن الكونغرس ذو الغالبية الجمهورية رفض قبول ترشيحات أوباما لأن ذلك سيجعل كفة المحكمة تميل للديمقراطيين وأجلوا الموضوع لحين اختيار رئيس جديد، وهذا ما يفسر دعمهم لترامب بالرغم من عدم تأييدهم لمواقفه وأفعاله.
 

تتراوح أعمار القضاة الحاليين بين الستين عاماً والثمانين، تم تعيين بعضهم في عهد الرئيس رونالد ريغان، ويسعى العرف الأمريكي إلى تقاسم الحزبين الحاكمين القضاة، حيث يحصل الديمقراطيين على أربع قضاة والجمهوريين على أربعه ويتم اختيار واحد من المحايدين.
 

ما يثير مخاوف الحزبين سواء الديمقراطي أو الجمهوري هو أن الرئيس القادم سيملك صلاحية تعيين ثلاثة قضاة أو أربعة على الأقل بمعنى أن غالبية التصويت على أي قانون قادم ستكون إما لصالح الليبراليين أو المحافظين فقط! وبالرغم من أن المحكمة الدستورية لعبت دوراً في الحياه السياسة والاجتماعية في الولايات المتحدة على مر التاريخ، إلا أن قرار المحكمة في العام 2000 لصالح تعيين جورج بوش رئيساً للولايات المتحدة أثار الكثير من الأسئلة حول حيادية المحكمة والقوة المطلقه التي تمتلكلها.
 

ففي العام 2000 ومع نهاية اليوم الثالث الانتخابي خلد الأمريكيون إلى النوم وهم يظنون أن "آل جور" هو الرئيس القادم بعد أن ثبت أن هناك تلاعب في الأصوات في ولاية فلوريدا التي كان يحكمها آنذاك شقيق بوش الأصغر، إلا أن المحكمة وقتها أمرت بوقف فرز الأصوات وأعلنت جورج بوش رئيساً للولايات المتحده وهو القرار الذي غير العالم وليس أميركا لوحدها.

بعد هذا الكلام، ربما يتسائل شخص، كيف يمكن لدولة عظمى تتغنى بالديمقراطية مثل الولايات المتحدة الأمريكية أن تعتمد في حل قضاياها المستعصية على سلطة قضائية أبدية مكونة من تسع أشخاص لا يتسمون بالحيادية بل لانتمائتهم السياسية وهذا التسائل في محله، والحقيقة أنه لا يوجد ديمقراطية كاملة، حتى إن نظام الانتخابات في أمريكا جمهوري وليس ديمقراطي كما يظن البعض فهو لا يعتمد على أصوات الأفراد وإنما الولايات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.