شعار قسم مدونات

الدول الكبرى ومحاباة الإرهاب

blogs - united nations

أغلب الدول الكبرى المارقة المهيمنة على ما يسمى "المجتمع الدولي" تَدّعي محاربة الإرهاب والتطرف، وهي في الحقيقة تزيد في تأجيجه وتفريخه من خلال اتباع أساليب وطرق و"اتفاقات" بينية عن قصد وتخطيط، لا عن جهل أو تبسيط تسهم كلها في زيادة وتيرة العنف "المنظّم" من طرف أدعياء محاربته!

ولعل تعمّد ضرب الاعتدال واستفزازه كي "ينحرف" إلى صف التطرف وبالتالي يسهل اتهامه بالإرهاب وهي وصفة جاهزة، مع خدمات ما بعد "التوصيف"، يعدّ أول وأهمّ هذه السبل "الديموقراطية" و"الإنسانية" في محاباة الإرهاب.

هل عجز "المجتمع الدولي" المتعمّد عن إيقاف القصف الممنهج للمدنيين والتغابي من خلال هدن لسويعات يسهم في لجم الإرهاب أم في تأجيجه!؟

وهنا نتساءل :
هل قصف المدنيين في سوريا أو غيرها بإجرام غير مسبوق وبكافة الأسلحة المحرّمة! أو "المحلّلة" دولياً يسهم في القضاء على الإرهاب!؟ 
هل التواطؤ -باللامبالة على الأقل- من المدعو بالمجتمع الدولي مع هذا القتل المستمر للشعب السوري سيقضي على التطرف!؟ 

هل الاتفاقات الخفيّة بين الخصوم الأعزاء، والعبث بادعاء الاختلاف حول هذه الاتفاقات التي لا يعلم عنها الشعب صاحب الشأن أي شيء، وآلة التدمير تعمل ليل نهار، هل سيطمئن الناس ويجعلهم يركنون إلى الهدوء والسلم!؟

هل انكشاف حقائق كانت لدينا يقيناً -بين الحين والآخر- أن أصدقاء الشعب أو "الدولة" يمكرون لهذا الشعب، ويتعمّدون إطالة أمد الحرب، هل هذا سيبعث في الأمة كلها الأمل والثقة في هذا المجتمع "الحر"!؟ 

هل تستهدف الغارات الروسية العدو الأول المفترض لها وللمجتمع الدولي المتواطئ "تنظيم الدولة" أم أن أولويتها ومعها الشريك الأمريكي هو تصفية الفصائل المسلحة الوطنية الواحدة تلو الأخرى وصولاً إلى تثبيت نسخة "وطنية" منقّحة ومشوّهة عن نظام بشاروف!؟ 

هل عجز "المجتمع الدولي" المتعمّد عن إيقاف القصف الممنهج للمدنيين والتغابي من خلال هدن لسويعات يسهم في لجم الإرهاب أم في تأجيجه!؟

قد يدّعي بعض المدافعين عن "أصدقاء" الشعب السوري الألدّاء، أو بعض المدافعين عن "ألدّاء" الشعب السوري الأصدقاء أن هذا النفر أو ذاك لا يوفرون فرصة "سانحة" إلا واستغلوها لقصف "داعش".

ونجيب: بداية نعم يفعل هؤلاء ما تدّعون لكن وعلى رأي المثل "ضربة على الحافر ضربة على المسمار" بل ضربات على الحافر ولمسة على المسمار، لاسيما في العراق حيث ضرب المسمار يكون أرجح عنه في سوريا وربما لأسباب "تكتيكية" أممية!

ثم لماذا أصبحت الأولوية هي ضرب الفصائل المشكوك في تطرّفها، وابعاد هذه الأولوية عن المتيقن إرهابها حسب التوصيف الأممي!؟ لماذا يبشر القائمون على بدعة محاربة الإرهاب بأن محاربة "تنظيم الدولة" والقضاء عليه يحتاج إلى عقود في حين تجد أن هجمتهم المبرمجة "مجتمعين" على الفصائل الأخرى غير المدجّنة "موكا" أو "موما" وكأنّها رحلة قصيرة ستنتهي توّاً!؟

كيف لا يزداد التطرّف ودعاة الديمقراطية ورعاتها يغضّون الطرف عن خنق واعدام الديمقراطية بل ويسهمون بطرق "براغماتية" مفضوحة في هذا الإعدام الممنهج، نكاية بـ"الإسلام السياسي" في حين لا يزالون يعادون أطرافاً لم تدخل بيت الطاعة الأممي بحجّة الديمقراطية "المحنّطة" والمختطفة من أدعياءها أنفسهم!؟
كيف لا ينمو التطرّف والعابثون يستفزّون العقل في كل لحظة وفي كل مكان!؟

كيف لا ينفجر الحليم وهو يرى العبث "الأممي" في ليبيا مثلاً: اتفاق ترعاه و"تسهر" عليه الدول الراعية وبعد جولات وجولات يتم التوافق والاتفاق بين الإخوة المتخاصمين، وإذ بالرعاة أنفسهم يخبّئون اتفاقاً موازياً ينسف الاتفاق الأول الذي بذل فيه الجهد والوقت و"التضليل" ويهيّء الأجواء والظروف لإعادة الأنفاس للقوى العميقة "البديلة"!؟

كيف لا!؟ وقد فعلوا ما فعلوا في تونس من تقليم لأظافر الديموقراطية والردّة عليها لإعادة فلول "الديموقراطية المستبدّة"!؟ 
كيف لا!؟ وهم يتواطؤون مع الانقلابات في كل مكان الديموقراطي منها والشفّاف!؟
كيف لا!؟ وهم يماطلون ويضعون الخطوط الحمر أمام حسم أمر الانقلاب على "الشرعية" في اليمن!؟
كيف لا!؟ وهم يمنعون حسم المعركة مع الارهاب نفسه ويهيّؤون الأرض لـ"تمدّده" كما جرى في العراق!؟
كيف لا!؟ والمجتمع الدولي المحكوم يختلق الفتن النائمة باحياء نعرة الأقليات و تحريضها سرّاً وعلانية وجعلها أكثرية نكاية بالعدل والإنصاف!؟

أين ولد ونما وتطوّر وتكاثر التطرف؟ أليس في سجون ومعتقلات ومسالخ الأنظمة الطغيانية الاستبدادية المرعيّة والمحميّة من الدول الكبرى!

كيف لا!؟ و"العالم الحرّ" انقلب عبر وكلائه على "الربيع العربي" عندما لم يأت هذا الربيع إلى الحكم بأقلية ديموقراطية أو ديمقراطية مدجّنة، وانقلب على كل "القيم" التي صدّع بها هذا العالم الحرّ رؤوس شعوب الكرة الأرضية، وقاتل بها ومن أجلها طوال عقود الحرب الباردة والملتهبة، ولما خرجت هذه الشعوب للمطالبة ببعض منها لم يدر لها ظهرها فحسب بل أدار لها ظهر المجن ودعم وساند مادّياً ومعنوياً و"محفلياً" كل الثورات المضادة التي جاءت لتؤدّب الشعوب التي تجرّأت على الحكام الوكلاء!؟

كيف!؟ والشعوب باتت ترى بعد أن كانت تشكّ أدعياء الديموقراطية والحرية يرعون الحكام المستبدّين والطغاة ويفعلون المستحيل لتثبيتهم وتجميل صورتهم والتغاضي عن جرائمهم السابقة و"اللاحقة"، أو إعادة نبشهم من قبورهم وتأهيلهم للعودة إلى العبث الديموقراطي من جديد!؟

كيف!؟ والأسد أضحى -وبعد سنوات من الحصاد المؤلم- بالنسبة لأمريكا "أقل خطراً عليها من تنظيم الدولة.." نعم عليها لا على الشعب المكلوم!؟

كيف!؟ وكل المبعوثين الأمميّين عرباً وعجماً بعد نفاذ صلاحيّاتهم يظهر أنّهم كانوا أجراء عند "العبث الدولي المنظّم" ويؤدّون دوراً خبيثا في زيادة المآسي وإطالة أمدها، ثمّ يكافؤون على خدماتهم بمناصب ضحلة ورواتب ضخمة "على حساب أموال ودماء الشعوب المقهورة"!؟

كيف لا!؟ وجرائم القتل المنظّم الرسمي و"العفوي" ضد الأقليات المسلمة في آسيا وأفريقيا باتت أمراً طبيعياً من غير وجل أو جلل حتى باتت تسجيلات هذه الجرائم تملأ وسائل الاتصال وتسرّب عن قصد لتقتل في البقية روح التسامح والإعتدال!؟ 
كيف لا!؟ وجرائم الكيان الصهيوني باتت بالتقادم والتمييع عمل مشروع ودفاع الفلسطينيين عن أنفسهم عمل إرهابي!؟ 
كيف أصبح حصار وتجويع ومحاولة تركيع "غزّة" أمراً مستساغاً لما يسمى بالمجتمع الدولي!؟ 

كيف لا!؟ وقوائم الإرهاب والإرهابيين باتت تتبدّل بحسب مزاج وحسابات الراعي الأول لمنظومة القيم الغربية فالمقاومة السورية أضحت إرهابية، وميليشيا وأشخاص كانوا على قوائم الإرهاب الأمريكية باتوا حلفاء تحت ذريعة محاربة الإرهاب وهي ذريعة واهية مضلّلة!؟

كيف لا يكون التطرف ثم الإرهاب وقطعان الميليشات الطائفية تقتل وتهجّر وتطهّر وتعيث في الأرض فساداً تحت سمع وبصر و"حواس" المجتمع الدولي، حتى بدا وكأن هذا المدعو قد أذن أو حرّض على هذه الأفعال "الجهادية الثأرية" فكيف!؟ 

أخيرا تساؤل قديم جديد: أين ولد ونما وتطوّر وتكاثر التطرف؟
أليس في سجون ومعتقلات ومسالخ الأنظمة الطغيانية الاستبدادية المرعيّة والمحميّة من الدول الكبرى الراعية والداعية والمطالبة بالديموقراطية والحريّة وحقوق الإنسان!؟

وعليه :
كيف ومن صنع "الإرهاب"!؟
من رعا وساهم في رعاية الإرهاب!؟
من هيأ الظروف والبيئة الخصبة العفنة للتطرّف ثم الإرهاب!؟
فهل هي محاربة أم محاببة أم محاباة للإرهاب!؟؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.