شعار قسم مدونات

إضراب أطباء السودان.. الأسباب والدوافع

blogs- أطباء السودان

أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية دخول أطباءها في إضراب مفتوح عن الحالات الباردة مع الالتزام الأخلاقي بالعمل في أقسام الطوارئ حتي تتحقق مطالبهم التي أودعوها وزارة الصحة الاتحادية من بينها تحسين بيئة العمل وسن قوانين تحمي الطبيب أثناء تأديته واجبه بعد أن كثرت حالات التعدي علي الأطباء بالمشافي الحكومية.
 

هنا نستعرض بعض الأسباب والدافع التي أدت الي إعلان الإضراب :
أولا: عدم توفر أو شُح الأدوية النقطة للحياة بأقسام الطوارئ التابعة للمشافي الحكومية.
ثانيا: عدم توفر الأجهزة الطبية والتشخيصية بالمشافي الحكومية "لا يوجد جهاز تصوير مقطعي CT scan في أي من أقسام الطوارئ بالمشافي التابعة لوزارة الصحة".
ثالثا: شُح الأجهزة المعملية وعدم توفر خدمات الصيانة الدورية للموجودة داخل مشافي الدولة.
رابعا: عدم مجانية العلاج للأطفال دون سن الخامسة بالمشافي الحكومية.

خامسا: تعارض القوانين الجنائية مع طبيعة العمل داخل أقسام الطورائ مما نتج عنه إدانات جنائية للأطباء لعدم الالتزام بالقانون الجنائي متمثل في مل يعرف ب " أورنيك 8 "والقيام بإسعاف المصابيين الذين يصلون من دون إجراءات شرطية وصلت إلي تدوين بلاغ بالمادة 130 من القانون الجنائي السوداني القتل العمد لأطباء أسعفوا مريضا مصاب بطعن في بطنه فارق بعدها الحياة.
 

مضى الأطباء في إضرابهم ومضت الحكومة السودانية في تعنتها وإنكارها للواقع الصحي المتردي، وظل إعلامها يطبل ويظهر سير العمل طبيعيا داخل المشافي وكأنهم من عوالم أخري غير التي نسكنها نحن!

سادسا: فقر الرعاية الصحية الأولي (primary health service) وعدم وجود برنامج واضح للتقصي عن الأمراض السارية (current diseases) والأمراض المستوطنة(endemic diseases) مما نتج عنه زيادة معدلات الإصابة وظهور حالات مرضية جديدة وعدم القدرة علي القضاء علي الأمراض الوبائية ..
سابعا: عجز إدارة الإمدادات الطبية التابعة لوزارة الصحة من توفير أدوية الأمراض المزمنة (chronic disease) مثل أمراض الضغط والسكري والسرطان وأمراض الفشل الكلوي وغيرها.
 

ثامنا: عدم وجود برنامج تدريبي للكوادر الطبية للحد من الأخطاء الطبية بالمشافي الحكومية.
تاسعا: ضعف الرقابة الصحية والنظام الإداري بالمشافي الحكومية مما نتج عنه ترهل إداري واضح يعاني منه المرضي والأطباء علي حد سواء ..
عاشرا: خصخصة الإمداد الدوائي وترك أمره للشركات الخاصة التي تسعي إلي تحقيق الأرباح علي حساب المرضي وعدم وجود جهاز رقابي فعال للمراقبة والمتابعة.
 

أخيراً كان لتضارب المصالح الشخصية موطىء قدم في أزمات الصحة السودانية إذ نجد الإزدواجية بين المنصب والعمل الخاص في المجال الصحي؛ وزير صحة ولاية الخرطوم يمتلك أكبر مشفي خاص بالولاية وعلي مرمي حجر من أكبر وأعرق مشافي السودان.
 

هذا بعض من فيض أسباب اجتمعت وأفرزت واقعا صحيا جعل من العسير التماشي معه دون ظهور حالات كتلك التي أعلنت عنها لجنة أطباء السودان بالإضراب عن العمل وقد قوبلت بقبول واسع من فئات المجتمع عامة، وعربت جهات نقابية بوقوفها التام دعما للأطباء في إضرابهم حتي تتحقق مطالبهم العادلة من وجهت نظرهم، كما أعلنت شخصيات دينية معروفة: شرعية الإضراب وعدالة القضية ما لم يقع الضرر علي المريض.

مضى الأطباء في إضرابهم ومضت الحكومة السودانية في تعنتها وإنكارها للواقع الصحي المتردي، وظل إعلامها يطبل ويظهر سير العمل طبيعيا داخل المشافي وكأنهم من عوالم أخري غير التي نسكنها نحن!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.