شعار قسم مدونات

القبعات البيضاء

blogs - syria
"The White Helmets" أو القبعات البيضاء هو فيلم وثائقي يأخذ مكانه في سوريا وهو من إنتاج "Netflix" التي تضم تحتها أكثر من 33 مليون مشترك.
 

في "Netflix" تجد الكثير من الأعمال الفنية الضخمة إنتاجياً والمميزة فنياً من أفلام ومسلسلات وأفلام وثائقية وغيرها الكثير. خلال آخر عامين بدأت "نتفليكس" بإنتاج العديد من الأعمال التي تعرض على شبكتها، كان أحدها الفيلم الوثائقي "The White Helmets".
 

في فيلم القبعات البيضاء وبشكل استثنائي يتم ذكر كل الجهات بصدق وواقعية من خلال حديث الشخصيات الحقيقية في الفيلم فتعرف من الظالم ومن المظلوم.

القبعات البيضاء هو فيلم يحكي في 40 دقيقة قصة مجموعة من الأبطال الشجعان في الداخل السوري الذين تطوعوا ليكونوا رجال الدفاع المدني، فارتدوا القبعات البيضاء وكرسوا حياتهم بشكل يومي لإنقاذ المدنيين من تحت الدمار والقصف في هذه الحرب التي يعيشها من في الداخل السوري كبعض المناطق في حلب وغيرها وبشكل شبه يومي.
 

عدة نقاط أساسية تميز هذا الفيلم:

١- الفيلم إنساني للغاية:

استطاع الفيلم أن يروي قصة معاناة وألم من في الداخل وفظاعة ما يحصل هناك من خلال قصة هؤلاء الشباب والرجال. بالرغم من أن الفيلم يحكي قصة حرب وصراع، إلا أنه يتحيز لجهة واحدة فقط وهي الإنسان.

الفيلم تناول الجانب الإنساني والعائلي من حياة هؤلاء الأبطال قبل أي جانب آخر في بداية الفيلم، وبالرغم من بساطة الفيلم إلا أنه مؤثر جداً. فخلال مشاهدتك للفيلم توقع أن تنهار باكيا عدة مرات.
 

٢- الفيلم إنتاج أمريكي:

خلال الخمس سنوات الماضية من الحرب كان هناك العديد من الأفلام الوثائقية التي تم صناعتها للحديث عما يحصل في سوريا، أغلبها كان من إنتاج شباب في الداخل أو بعض الصحفيين من دول متنوعة، أما في الولايات المتحدة فلا يبدو أنه كان هناك الكثير من المهتمين بصناعة فيلم عن هذه القضية، ربما تجد بعض عناوين في الأخبار لما يحصل في الداخل السوري وبشكل رمادي جداً.

ولكن فيلم القبعات البيضاء هو أحد أهم الوثائقيات التي صنعت بمصداقية عالية وتم الترويج لها جيداً فوصل للجمهور العالمي، فهو إنتاج أمريكي من الشبكة الشهيرة "Netflix" ومتاح عليها للمشاهدة.
 

٣- الفيلم تحدث بالحقيقة التي لا يعرفها الكثيرون في أمريكا:

سألت جارتي الأمريكية مرةً ان كانت تعرف ما يحصل في سوريا ومن يفعل ذلك، فأجابتني بأنها تعرف بأن هناك حرباً أهلية في الداخل السوري وأن المدنيين يموتون من قصف داعش، أما نظام الأسد وروسيا فيحاربان داعش ويموت المدنيين بسبب ذلك أيضاً! وعندما سألتها عن نسبة من يقتلهم الأسد وروسيا من المدنيين مقابل من تقتلهم داعش كانت إجابتها بأن داعش تقتل ٧٠٪‏ من المدنيين والنظام يقتل ٣٠٪‏.
 

كلام جارتي أعلاه أبعد ما يكون عن الصواب، فالحقيقة بأن الداخل السوري مهاجم من النظام السوري والروسي على حد سواء، أما داعش في الداخل فلا تقصف قوات الأسد إلا ما ندر وضرباتها موجهة لكتائب المعارضة والتي من جهتها تتعارك مع قوات الأسد مع وداعش في آنٍ معاً.
 

وبالرغم من أن المعلومات قد تبدو بديهية لمن يقرأ هذا السطور، إلا أن الإعلام الأمريكي ضلل الكثير من الحقائق لشعبه، فترى صور القصف وأجساد المدنيين السوريين المغطاة بالدماء وتسمع المذيعة وهي تقول على أحد أهم المحطات الإخبارية "CNN" معلقةً على مشهد الطفل عمران -الذي جلس على الكرسي بدمائه مشدوهاً بعد أن نجى من القصف الروسي- فقالت باكية "لا ندري من فعل ذلك، لكني حزينة"!
 

في فيلم القبعات البيضاء وبشكل استثنائي يتم ذكر كل الجهات بصدق وواقعية من خلال حديث الشخصيات الحقيقية في الفيلم فتعرف من الظالم ومن المظلوم من دون محاولة إخفاء الحقائق.
 

٤- الفيلم أظهر رجال القبعات البيضاء وجانب التزامهم الديني بجمال:

في الإعلام الأمريكي وفي أفلام هوليوود تكاد لا ترى أي من الرموز الإسلامية كالمسبحة والمصحف أو أياً من العبادات كالصلاة أو حتى الكلمات كالله أكبر والآذان إلا مترافقاً مع مشهد إرهابي أو مشهد مثير للخوف والريبة، بينما في فيلم القبعات البيضاء ظهرت كل هذه الرموز بجمال، فكان واضحاً للمتابع بأن هؤلاء الأبطال دافعهم إنساني لإنقاذ أرواح الناس ولكنهم مؤمنون بالله بقوة وملتزمون بالشعائر الإسلامية، فكان ظهور المصحف جميلاً مسالماً وكانت أصوت "الله أكبر" والآذان مرافقاً للفرح.
 

٥- الفيلم لم يشيطن تركيا على غير عادة الإعلام الأمريكي:

في محاولة انقلاب الجيش في تركيا الأخيرة إذا تابعت الإعلام الأمريكي في تغطية الحدث لاعتقدت بأن أردوغان هو من انقلب على جيشه وليس العكس. هناك محاولات دائمة لشيطنة تركيا بكل ما تفعل، حتى في جانب دعمها للسوريين واستقبالها اللاجئين، لكن في فيلم القبعات البيضاء ظهرت تركيا من خلال مدربي رجال الدفاع المدني التركي الذين قاموا بتقديم العلم والمعرفة والخبرة اللازمة لرجال القبعات البيضاء ليقوموا بمهمتهم الإنسانية بكفاءة أعلى.
 

٥- أبطال الفيلم ترشحوا لجائزة نوبل للسلام:

هذا العام كان هناك العديد من المرشحين لجائزة نوبل للسلام كان من ضمنهم رجال القبعات البيضاء "The White Helmets". ودعم حملة ترشحهم العديد من الناس والحقوقيين والمشاهير منهم الفرقة الموسيقية الشهيرة Coldplay . النتائج صدرت مؤخراً إلا أنهم للأسف لم يفوزوا بجائزة نوبل للسلام التي ذهبت للرئيس الكولومبي الحالي.

هناك أكثر من 2.800 من رجال القبعات البيضاء في سوريا، توفي منهم 110 حتى الآن خلال تأدية عملهم.

فحتى جائزة نوبل للسلام مسيَّسة للأسف. لكن رجال القبعات البيضاء فازوا بحب الناس ودعمهم وكانوا وسيظلون بالفعل رمزاً للسلام حيثما حلُّوا.

في مشهد لا ينسى من الفيلم، وبعد أكثر من ١٦ ساعة من العمل المتواصل لمحاولة إنقاذ من هم تحت الركام والأنقاض لقرية صغير وتهدمت بالكامل إثر القصف، لم يستطع رجال القبعات البيضاء أن يجدوا أحداً على قيد الحياة. وفي اللحظة التي هموا فيها بالمغادرة متعبين يائسين، سمعوا صوت بكاء طفل رضيع! ليعودوا للبحث من جديد فيجدون أملاً جديد تحت الأنقاض، طفل رضيع لم يتجاوز الشهر من العمر لا يزال على قيد الحياة! دموع فرحتهم كانت لا توصف، كيف نجى هذا الطفل؟! لا أحد يعلم، ربما هي معجزة… لذلك أطلقوا على هذا الرضيع اسم "الطفل المعجزة".
 

هناك أكثر من 2.800 من رجال القبعات البيضاء في سوريا، توفي منهم 110 حتى الآن خلال تأدية عملهم.
 

عندما يُسمع صوت قذيفة أو انفجار في سوريا الكل يركض مبتعداً عن المكان إلا رجال القبعات البيضاء هم من يركضون باتجاهه، لعلهم ينقذون شخصاً من تحت الأنقاض والركام، فربما يجدون من لا يزال فيه رمق من حية، فشعارهم "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً"..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.