مهرجان أفلام حقوق الإنسان يكرم رائدات السينما التونسية

منيرة حجلاوي_المرأة،الأمن والسلام هو شعار الدورة 8 لمهرجان افلام حقوق الإنسان بتونس_تونس_خاص الجزيرة نت (صورة المراسلة)
"المرأة.. الأمن والسلام" هو شعار الدورة 8 لمهرجان أفلام حقوق الإنسان بتونس (الجزيرة)

تونس- كان الجمهور التونسي على موعد مع الفيلم الوثائقي الطويل "بيروت في عين العاصفة" للمخرجة الفلسطينية مي المصري، في افتتاح الدورة الثامنة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان.

يروي الفيلم تجارب 4 فتيات هن نويل وميشيل وحنين ولجين اختلفن في التوجهات الفكرية واتفقن على المشاركة في انتفاضة لبنان خلال أكتوبر/تشرين الأول 2019 ويحكي ما عايشنه في الفترة التي بدأت بالانتفاضة واستمرت خلال فترة الحجر الصحي التي رافقت الانتشار الأول لوباء كورونا وصولا إلى حادثة انفجار مرفأ بيروت.

واختار منظمو هذا المهرجان "المرأة.. السلام والأمن" شعارا لهذه الدورة التي تتواصل حتى الثامن من الشهر الجاري "إيمانا بأهمية ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان بصورة عامة وحقوق المرأة ومناهضة العنف ضدها بصورة خاصة لبناء مجتمع سليم وسوي"، وفق تصريح مديرة المهرجان ريم بن منصور للجزيرة نت.

مشاركة مهمة

ومن بين 3400 فيلم وصل إلى هيئة المهرجان، وقع الاختيار على 37 فيلما يمثلون 16 دولة من بينها تونس والمغرب ولبنان ومصر والعراق وفلسطين وإيران، للتنافس على 5 جوائز، وهي أفضل فيلم روائي طويل وأفضل فيلم روائي قصير، إضافة إلى جوائز أفضل فيلم وثائقي طويل وأفضل فيلم وثائقي قصير وجائزة أفضل فيلم تحريك التي دخلت المسابقة لأول مرة في هذه الدورة.

وتصف ريم بن منصور عدد الأفلام المشاركة بالمهم والمفرح لأنه "يعكس قيمة المهرجان لدى المنتجين والمخرجين السينمائيين ونجاحه من سنة إلى أخرى".

وتأتي هذه الدورة في إطار الاحتفال بمئوية السينما التونسية التي بدأت في 22 ديسمبر/كانون الأول 2022 وتتواصل على مدار سنة كاملة تعكس دور السينما التونسية في تاريخ السينما العربية والأفريقية وتعاقب أجيال عليها منذ عرض فيلم "زهرة" لرائد السينما التونسية المخرج ألبير شكلي في ديسمبر/كانون الأول 1922.

منيرة حجلاوي_مدينة الثقافة تحتضن الدورة الثامنة لمهرجان أفلام حقوق الإنسان بتونس_تونس_خاص الجزيرة نت (صورة المراسلة)
مدينة الثقافة تحتضن الدورة الثامنة لمهرجان أفلام حقوق الإنسان بتونس (الجزيرة)

تكريم

وحظيت المرأة بالنصيب الأوفر في هذا المهرجان، فإلى جانب كونها موضوع شعار دورته الثامنة فهي كذلك مكرمة في شخصيات 5 نساء رائدات في تاريخ السينما التونسية وهن الممثلة هايدي تمزالي ابنة المخرج ألبير شكلي والممثلة والمطربة حسيبة رشدي والممثلة أنيسة لطفي والكاتبة والمخرجة ناجية بن مبروك والمخرجة سلمى بكار.

جسدت هايدي (1902- 1998) دور بطولة فيلم والدها الأول "زهرة" وفيلم "فتاة قرطاج" عام 1924 وكانت بذلك أول ممثلة في تاريخ السينما التونسية، وكانت لسنوات كاتبة مع مؤسسة "لابراس" الصحفية العريقة.

أما الممثلة أنيسة لطفي فكانت نجمة الستينيات والسبعينيات وشاركت في أعمال سينمائية مهمة مثل "صراخ" لعمر الخليفي و"دار الناس" لمحمد دمق. كما كانت حاضرة في أفلام أجنبية على غرار "أنجليك والسلطان" (Angélique et le sultan) واختار صورتها الرئيس السابق الحبيب بورقيبة لتكون على فئة ورقة 1 دينار (أُلغيت) وعلى القطعة النقدية 1 دينار المعتمدة إلى اليوم.

أما الممثلة والفنانة حسيبة رشدي (1918- 2012) فكانت أول مطربة تونسية تغني بمصر وتلعب أدوار بطولة في أفلام مصرية، شاركت في عدة أفلام تونسية مثل "تحت مطر الخريف" إلى جانب أعمال تلفزيونية.

منيرة حجلاوي_النساء تقدمن في مراكز السينما التونسية حتى تصدرنها (عضو هيئة المهرجان ناصر السردي)_تونس_خاص الجزيرة نت (صورة المراسلة)
ناصر السردي عضو هيئة المهرجان: النساء تقدمن في مراكز السينما التونسية حتى تصدرنها (الجزيرة)

أول منتجة

ودرست المخرجة ناجية بن مبروك الإخراج السينمائي والتلفزيوني عام 1977 وأخرجت عدة أفلام بين الوثائقي مثل "لخدمتك" سنة 1982 والروائي الأول الطويل "السامة" سنة 1988 والقصير" قفصة عام الصفر" سنة 2017.

أما سلمى بكار فقد أخرجت فيلميْها القصيريْن الأوليْن عام 1967 وبعد التحاقها بالتلفزيون التونسي أخرجت أول أفلامها الطويلة "فاطمة 75" عام 1978 وهو أول فيلم طويل من إنجاز مخرجة تونسية.

وأسست بكار سنة 1989 أول شركة إنتاج سمعي بصري من قبل امرأة وشاركت بأفلامها في لجان تحكيم عدة مهرجانات وطنية ودولية، ومن أشهرها "حبيبة مسيكة، رقصة النار" عام 1995 و"خشخاش" عام 2006.

واستغرب الناقد السينمائي وعضو هيئة المهرجان ناصر السردي، في كلمته الافتتاحية، عدم تخصيص السلطات المعنية نصبا تذكاريا لرشدي في العاصمة تونس بالنظر إلى تاريخها الفني والسينمائي الحافل بالنجاحات والأثر الذي تركته في هذا المجال.

وأشار السردي للجزيرة نت إلى أن النساء حاضرات منذ الدورة الأولى لهذا المهرجان لما قدمنه -وما زلن- لهذا المجال، وإن أولى التجارب السينمائية مع المخرجيْن عبد اللطيف بن عمار وأحمد الخشين تمحورت حول النساء.

منيرة حجلاوي_جانب من الجمهور الذي حضر سهرة الافتتاح_تونس_خاص الجزيرة نت (صورة المراسلة)
جانب من الجمهور الذي حضر سهرة الافتتاح (الجزيرة)

سيطرة النساء

وأوضح أن النساء كانت لهن في بدايات السينما التونسية مراكز معينة في إنتاج الأفلام كالعمل في المونتاج وكمساعدات مخرج لتتقدمن في المراكز شيئا فشيئا، وكانت سلمى بكار سباقة في إخراج أول فيلم طويل.

وأضاف السردي أن النساء يوجدن اليوم في كل مراكز السينما، وخلصت دراسة أنجزها في وقت سابق عن الفيلم الوثائقي من عام 2008 إلى 2017، إلى أن 54% من الأفلام الوثائقية التونسية أنجزتها نساء.

ويؤكد السردي أن "وجود المرأة في السينما التونسية يعبر عن وجودها وحضورها الفعال في المجتمع التونسي بمختلف المجالات".

وينظم مسؤولو المهرجان معرضا فوتوغرافيا يسلط الضوء على تجارب رائدات السينما التونسية الخمس إلى جانب عرض فيديو قصير على شاشة عملاقة يلخص بعض تجاربهن السينمائية.

المصدر : الجزيرة