الأردنية عايدة الأمريكاني: غنائي مقاومة ورسالتي حراسة الثقافة الفلسطينية

Aida Amircani عايدة الأمريكاني المصدر:عايدة الأمريكاني- فيسبوك
عايدة الأمريكاني أردنية من أصول فلسطينية ولدت في لبنان ونشأت في ليبيا (مواقع التواصل الاجتماعي)

عمان – عايدة الأمريكاني واحدة من الفنانين العرب القلائل القابضين على جمر المقاومة الفلسطينية التزاما ونضالا، وهي تنتمي إلى عالم الإبداع الشامل غناء وشعرا وكتابة سينمائية، صوتها يستدعي ذكريات لا تنسى في الطفولة بسبب أدائها أغنيات للطفل، كما أنها موسوعة فنية كاملة.

تشكل مسيرتها منذ الولادة حتى الآن ملامح وطن يمتد من المحيط إلى الخليج، فقد ولدت عايدة ذات الأصول الفلسطينية في لبنان ونشأت في ليبيا، ثم انتقلت إلى الأردن، لتناضل من أجل فلسطين بالصوت والنغم والقلم والإنتاج الفني الملتزم بالقضية.

بدأت الأمريكاني مشروعها النضالي مع مشروعها الفني، حيث حكمت دراما الوطن حياتها، وواكبت الأحداث الكبرى والفواجع التي تمثلت في خروج عائلة والدتها من فلسطين إبان النكبة، وخروجها من لبنان عام 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي.

عايدة الأمريكاني هي صوت المقاومة الفلسطينية الذي غنى لشعرائها الكبار مثل وليد أبو بكر ونايف أبو عبيد وعلي البتيري وفدوى طوقان وشهلا الكيالي.

وتعد مساهماتها كمنتجة وكاتبة سينمائية هي الأبرز في الساحة الفنية الأردنية، حيث شاركت في كتابة السيناريو لعدة أفلام، منها "سيدي نجيب.. سيرة بطل أردني"، والوثائقي "القدس ليست بعيدة"، والأكشن "صباح الليل".

أحيت عايدة مهرجانات غنائية، منها "النساء قادمات"، و"لن ننسى"، وفازت بـ5 جوائز للتميز الغنائي خلال الأعوام الماضية جاءت أبرزها عن أغنية "زهرة المدائن" للشاعر حيدر محمود.

لم تتوقف المطربة الأردنية عن التفاعل مع القضية يوما، لذا جاءت أغنيتها عن شيرين أبو عاقلة التي اغتالتها رصاصات الغدر الصهيوني لتوثق الحدث كي لا ينساه العالم.

ما الاستعدادات التي تقومين بها لمهرجان الكرامة ويوم الأرض؟

أستعد لانطلاق مهرجان الكرامة في 21 مارس/آذار الجاري بالمركز الثقافي الملكي وسط عمان، وسأقوم بكل شرف بالغناء فيه تحت رعاية وزيرة الثقافة الأردنية السيدة هيفاء النجار وحضور أهالي شهداء وأهالي أسرى من فلسطين والأردن الذين يقام المهرجان على شرفهم.

وسوف أغني مجموعة من القصائد المناسبة للأم، خاصة الفلسطينية، وأم الشهيد والأسير، وهي أعمال تؤكد وحدة المصير في مواجهة العدو الصهيوني.

هناك أغنية خاصة من كلماتي لشهيدة الحقيقة والصحافة شيرين أبو عاقلة بعنوان "صحافة" مقرونة بمسيرتها وصورها، إضافة إلى أغنيات للأسرى والشهداء والجدار العازل، فيما تستعرض الكاتبة ضحوك الداود نماذج لنساء عربيات مناضلات، مثل ليلى خالد والجزائرية جميلة بوحيرد ودلال المغربي والأم تريزا.

من أنت؟ ومن هو الأمريكاني الذي تحملين اسمه؟

(ضاحكة) الأمريكاني لقب، ولكنه بات رسميا لعائلتنا الصغيرة التي تنحدر من أصول فلسطينية من بلدة العباسية قضاء يافا في فلسطين المغتصبة، حيث كان أجدادي قد هاجروا إلى أميركا، ومع عودتهم لقبوا بعائلة الأمريكاني.

كفنانة، أنا ابنة الواقع، وأهلي وشعبي ضحايا التهجير القسري من وطنهم فلسطين، لذلك من الطبيعي أن تتجسد المقاومة في أغنياتي، وأن أحيي المناسبات الوطنية التي تعزز محبة الوطن في ضمائر الأجيال.

التركيز على أغنية المقاومة نتاج فطري لوجود وبقاء الاحتلال الصهيوني حتى يومنا هذا، فمسيرة الشعوب الحرة وقدرها أن تقاوم الاحتلال، ورغم إيماني بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة إلا أني أؤمن أيضا بأن للمقاومة أشكالا متعددة، فصمود زوجات الأسرى وأمهاتهم في غيابهم والإبقاء على جمال الحياة هو مقاومة، وتهريب نطف الأسرى إلى زوجاتهم مقاومة، والاستمرار في الحياة وممارسة أنشطتها الإنسانية الجميلة رغم الاحتلال مقاومة، ومن يزرع شبرا في أرض بلاده المحتلة مقاوم، والحفاظ على التراث من الصهاينة مقاومة.

لماذا تكون البداية دائما في كل مهرجان تغنين فيه أغنية "موطني"؟

إنها ليست مجرد نشيد مسطح يتغنى بالوطن، بل هي كم من الطاقة الإيجابية والحماس والتفاؤل، وهناك البعد الوحدوي القومي في هذا النشيد الذي كتبه الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان ولحنه الشاعر اللبناني محمد فليفل، وهي أغنية تحث على المقاومة ورفض الذل والعبودية، لذا فهو يفرض نفسه في المهرجانات التي أحييها ويبقى حاضرا ما بقي حضور الوطن.

الحقيقة أن السؤال العكسي هو ما ينبغي أن يطرح، وهو عن غياب الأغنية الوطنية عن فضائياتنا، والذي يرتبط بتغييب قضايانا الوطنية المحورية والمركزية عن تصدر الأشرطة الإخبارية.

للأسف، إعلامنا العربي في الأغلب موجه مهادن وخاضع وغير مستقل ولا يمكن أن يصنف إعلاما حرا، ومن ثم لن يكون نافذة للكلمة الحرة أو الأغنية الحرة المقاومة.

البعض لا يعتبر الغناء الوطني مقاومة.. ما رأيك؟

الأغنية الوطنية هي أغنية مقاومة، فتعزيز محبة الوطن في ضمائر الأجيال المقبلة وتعزيز حبهم لهذا الوطن وانتمائهم إليه يجعلهم يدافعون عنه بأرواحهم حال تعرضه للعدوان أو التدنيس من قبل محتل، فنحن بحاجة لأن تكون الأغنية الوطنية حاضرة في أذهان شعوبنا لأنها أحد خطوط الدفاع عن الوطن.

ولهذا أحترم تجربة أي فنان يقدم أغنية وطنية أو مقاومة ضمن أعماله ومسيرته، ولكن لا أحترم الفنان في حال قدّم هذه الأغنية لركوب موجة وفقط بهدف أن يبقى حاضرا في زمن ما، لا ليبقى الوطن حاضرا، وكثيرون يفعلون ذلك.

كيف تختارين أغانيك؟ وهل يوجد فيها مكان للأغنية العاطفية؟

اعتدت على الغناء لشعراء الأرض المحتلة مثل وليد أبو بكر ونايف أبو عبيد وعلي البتيري وغيرهم، لأن الكلمة الفصيحة التي تتسم أشعارهم بها فرضت نفسها على مسيرتي الغنائية، عدا عن أنها لغة الضاد التي تؤكد البعد الوحدوي القومي الذي يزين مسيرتي وتوجهي وفكري.

ولكن أيضا للكلمة العامية والأغنية التراثية نصيب في مهرجاناتي، وكثيرا ما كتبت أغنياتي، خاصة في القضايا والعناوين التي لا تتوفر فيها قصائد جاهزة، مثل أغنية "صحافة" الموجهة لشهيدة الحقيقة والإعلام شيرين أبو عاقلة وأغنيتا "لاجئون" و"نحو الشمس" وغيرها.

والأغنية العاطفية لم تغب، فحب الوطن والدفاع عن حقوقه وحقوق المظلومين هما قمة العاطفة، أما أغاني الحب الرومانسية المجردة فهي حاضرة ولكنها ليست السمة الأساسية لمشواري الفني، فأنا أقدم الأغنية الوطنية والإنسانية، والحب هو أسمى شعور إنساني، ولكنه في بلادنا أخذ شكل المقاومة.

كيف تجدين تجربة الكتابة الدرامية؟

فيلم "صباح الليل" يتحدث عن فلسفة الانتقام وبشاعة النفس البشرية في غياب الرقابة، ويطرح قضية حرب العصابات التي تتاجر بالمخدرات والأعضاء البشرية.

وقد حالت جائحة كورونا دون عرضه وتسويقه في الفترة الماضية، ولكنه سيشارك ومعه فيلم "القدس ليست بعيدة" في مهرجان "العودة" في غزة بفلسطين الحبيبة في 15 مايو/أيار المقبل، والمشاركة في مهرجان كهذا فخر لنا.

المصدر : الجزيرة