أفضل الأفلام العربية في 2023.. "وداعا جوليا" و"كذب أبيض" في المقدمة

بوستر للفيلم الفلسطيني "باي باي طبريا"
الملصق الدعائي للفيلم الفلسطيني "باي باي طبريا" (الجزيرة)

شهد العام 2023 نجاح عدد من الأفلام العربية في الوصول إلى المهرجانات العالمية، والحصول على جوائز تؤكد قيمتها الفنية العالية.

ورغم النجاحات الفنية، يبقى العدد قليلا جدا بحسابات الأرقام؛ فعلى عكس القوائم العالمية التي قد يواجه المشاهد صعوبة في الاختيار من بين الأعمال لكثرتها، تشمل الأفلام العربية مجموعة أعمال قد يصعب معها استكمال قائمة مكونة من 10 أفلام.

فيما يلي، نستعرض أبرز الأفلام العربية التي تم عرضها في العام 2023:

1- وداعا جوليا (السودان)

خاض فيلم "وداعا جوليا" للمخرج محمد كردفاني رحلة طويلة بين المهرجانات العالمية والمحلية؛ رحلة بدأت في مهرجان كان السينمائي وفيه نافس على جائزة "نظرة ما" و"الكاميرا الذهبية" وأصبح أول فيلم سوداني يُعرض خلال المهرجان، وبعدها ارتحل لمهرجانات "شيكاغو" و"بالم سبرينغز" و"وارسو"، وحط الرحال في نهاية المطاف في المسابقة الرسمية لمهرجان "الجونة" السينمائي.

يُعتبر "وداعا جوليا" مثالا على المحلية التي تقود للعالمية؛ فالفيلم الذي قامت ببطولته كل من إيمان يوسف وسيران رياك؛ قدّم قصة بسيطة حول الصداقة التي جمعت بين امرأتين سودانيتين، أحدهما من الشمال وأخرى من الجنوب، ولكن لخصت هذه العلاقة الاختلافات بين المنطقتين، وبعض العداوات التي استمرت لأجيال، وأدت في النهاية للانفصال السوداني.

الفيلم السوداني "وداعا جوليا" " Good bye Julia
الملصق الدعائي لفيلم "وداعا جوليا" للمخرج السوداني محمد كردفاني (الجزيرة)

يظهر تميز فيلم "وداعا جوليا" على عدة مستويات؛ بداية من السيناريو الذي اهتم بالمنطق الخاص لكل فعل ورد فعل من الشخصيات، والتصوير وشريط الصوت اللذين أبرزا بسلاسة الاختلافات ونقاط التلاقي بين المنطقتين، وتمثيل الممثلتين في دورين معقدين للغاية، فكل منهما لها أسرارها المرعبة التي تؤثر على العلاقة، ولكن ذلك لم يمنعهما من التواصل كنساء هن في النهاية ضحايا لهذا الصراع، وبالطبع قبل كل ذلك رؤية المخرج "محمد كردفاني" الذي يعد هذا الفيلم أول أفلامه الروائية الطويلة، ليصبح خير بداية لمسيرة قوية قادمة.

2- كذب أبيض (المغرب)

خاض الفيلم الوثائقي المغربي "كذب أبيض"، رحلة مماثلة لتلك التي خاضها فيلم "وداعا جوليا"، وربما أكثر ثراء بفوزه بجائزتين من مهرجان كان السينمائي، هما "العين الذهبية" وأفضل مخرجة في مسابقة "نظرة ما" لأسماء المدير، بالإضافة إلى جوائز وترشيحات من مهرجانات أخرى عديدة.

جمع الفيلم بين الوثائقي والتحريك في آن واحد، وقد صنعت المخرجة المدير نموذجا مصغرا لمنزل عائلتها، وعرائس لكل فرد منهم، بينما تمثل هذه العائلة نموذجا مصغرا آخر للمجتمع المغربي بالكامل، لنجد أننا أمام حبكة بسيطة ولكن تجبر المشاهد على إعمال عقله لفك شفرة العلاقات المعقدة لهذه الأسرة.

للاستخدام الاخلي فقط - ملصق - كذب أبيض
الملصق الدعائي للفيلم الوثائقي المغربي "كذب أبيض" (الجزيرة)

المخرجة أسماء المدير ابنة لعائلة مغربية بسيطة، تسيطر عليها الجدة العجوز المستبدة التي لم يفلت أحد من سيطرتها، وفي الماضي أجبرت هذه الجدة أفراد العائلة على عدم الوقوف أمام الكاميرا، مستندة إلى الخرافات حول هذه الأداة التي قد تسرق الأرواح، لكن بعد عقود نجد هذه المرأة نفسها وباقي أفراد العائلة مجبرين على الوقوف أمام الكاميرا السينمائية للحفيدة، ويشاركونها في استعادة الذكريات والكذبات التي اختبؤوا خلفها.

تميز "كذب أبيض" بصراحة شديدة من المخرجة وأسرتها، وذكائه في إعادة قراءة بعض الأحداث التاريخية، وجعلها نبراسا لتمني مستقبل مختلف للمغرب.

3- باي باي طبريا (فلسطين)

ينضم وثائقي آخر لهذه القائمة، وهو فيلم "باي باي طبريا" من إخراج لينا سوالم، والذي اختارته فلسطين لتمثيلها في المنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم دولي، وذلك بعد خوضه رحلته الخاصة بين المهرجانات المختلفة. وقد عُرض العمل في المهرجانات السينمائية لكل من فينسيا وتورنتو ولندن، بالإضافة إلى "الجونة السينمائي" في إطار البرنامج الموازي للأفلام الفلسطينية.

يقدم فيلم "باي باي طبريا" حبكة مزدوجة؛ فهو يحكي قصة 4 أجيال من نساء أسرة المخرجة، الجدة الكبرى "أم علي" ثم جدة المخرج "نعمات"، ووالدتها الممثلة العالمية هيام عباس، وفي النهاية هي نفسها، ولكن تتقاطع حكايات هؤلاء النسوة مع حكاية أكبر وهي قصة فلسطين بداية من النكبة وحتى اليوم.

لا يمكن عزل قصة أي سيدة فلسطينية عن تأثير الاحتلال حتى في أبسط شؤون الحياة، فنتيجة للنكبة تهجرت الجدة من مدينتها طبريا إلى "دير حنا"، وتركت ابنتها "نعمات" المدرسة والمستقبل الذي حلمت به من قبل، وبسبب الوجود الإسرائيلي شعرت الشابة وقتها "هيام عباس" بالرغبة في الهرب، بحثا عما اسمه "هواء جديدا" وبدأت مسيرتها كممثلة، وأنجبت ابنتها "لينا" التي اصطحبتها بعدما أتمت عامها الأول إلى فلسطين لتتشرب تاريخ الأجيال السابقة من نساء العائلة وتعيد روي قصتهن بمنتهى الحساسية وبصورة آسرت المشاهدين حول العالم.

4- مندوب الليل (السعودية)

من السعودية يأتي فيلم "مندوب الليل" الذي عُرض خلال فعاليات مهرجان تورينو السينمائي، ثم نافس على جائزة أفضل فيلم في مهرجان زيورخ السينمائي، وهو من إخراج علي الكلثمي، وشارك في تأليفه مع محمد القرعاوي ولعب بطولته محمد الدوخي.

تدور أحداث الفيلم حول الشاب السعودي محدود الدخل والمواهب فهد، الذي يُطرد من عمله بسبب سلوكه اللامبالي فينتقل للعمل كمندوب توصيل، ويقوم بسرقة مصنع غير قانوني لصنع المشروبات الكحولية، الأمر الذي يدخله في العديد من المغامرات على مستويات مختلفة، سواء مع المجرمين أو عائلته.

جمع فيلم "مندوب الليل" بين سيناريو محكم، سواء في تصاعد حبكته، أو حواره وبناء الشخصيات، بالإضافة إلى تصوير مختلف لمدينة الرياض، التي قدم المخرج أحياءها الشعبية وعالمها الليلي، ورصد حياة سكان الهامش ومحدودي الدخل الذين يتنافسون بشكل يومي مع أصحاب الامتيازات الطبقية والاقتصادية.

Night Courier مندوب الليل Original title: Mandoob
الملصق الدعائي للفيلم السعودي "مندوب الليل" (الجزيرة)

5- رقصٌ على حافة البركان (لبنان)

يحكي الفيلم اللبناني "رقص على حافة البركان" قصة صناعة فيلم آخر وهو "كوستا برافا"، لكن هذه القصة ليست سوى عتبة النص، أو مدخل للحكاية الأصلية التي يرغب المخرج سيريل عريس في تقديمها؛ حكاية مدينته المفضلة بيروت والتي صنع عنها من قبل "بيروت أحبك".

جاء العرض الأول لـ"رقص على حافة البركان" في مهرجان "كارلوفي فاري" السينمائي، وفيه حصل على تنويه خاص من لجنة التحكيم، ويبدأ العمل بلحظة فاصلة في حياة المدينة، بعد انفجار ميناء بيروت مباشرة، الحادث الذي يصبح القشة التي قصمت ظهر سكان المدينة الذين يعانون آثار وباء الكورونا في العام 2020.

يستعرض الفيلم تلك الفترة على خلفية من تصوير فيلم "كوستا برافا" الذي قدم أيضا قصة بيروتية بامتياز، حول حياة سكان المدينة التي تعاني من التلوث والخراب وآثار الحرب الأهلية المتعددة، ليجد المشاهد إنه أمام حبكة متعددة الطبقات، لا تقدم فقط قصة فيلم بل تقتنص لحظة حزينة من الزمن وتضعها موضع الدراسة.

ويبدو غياب الفيلم المصري عن قائمة أفضل الأفلام العربية في 2023 لافتا، في إشارة إلى تراجع مستوى أفلام "هوليود الشرق" هذا العام، وميل أغلبها إلى تكرار موضوعات وأنواع سينمائية محددة، بالإضافة إلى تواضع التنفيذ، بينما حضرت السينما السودانية والسعودية، اللتان تشهدان صحوة كبيرة في الأعوام السابقة.

المصدر : الجزيرة + وكالات