في أحدث ألبوماته.. الشاب خالد يتخلى عن "الراي" لمصلحة الموسيقى الإلكترونية

الشاب خالد
رغم أن جمهور الشاب خالد ينتظر الألبوم منذ 10 أعوام وهو نفسه يبشّر به منذ 5 سنوات لم يأت الألبوم على قدر التوقعات (وكالات)

طرح الشاب خالد الملقب بـ"ملك الراي" ألبومًا جديدًا بعد غياب عقد كامل من الزمن، منذ آخر ألبوماته "هذه هي الحياة" (Cest la vie) الذي حقق نجاحًا كبيرًا عند طرحه في صيف 2012.

بغلاف مصمم على شكل طابع بريد يحمل اسم خالد وتاريخ ميلاده عام 1960، يغلب عليه اللون الأخضر المميز لعلم الجزائر، صدر الألبوم الجديد، صباح الجمعة 14 أغسطس/آب 2022، ويضم 10 أغنيات تعاون فيها خالد مع العديد من الموسيقيين والمنتجين العالميين.

إعادة إنتاج القديم

في ذلك الألبوم، يستعيد الشاب خالد أغنية "طريق الليسيه" التي مثلت تميمة نجاحه، وبداية مراحل مهمة في حياته الفنية الممتدة نحو 45 عامًا، إذ قدمها مرتين سابقًا: المرة الأولى في بداياته المراهقة في وطنه الجزائر عام 1974، حين كان يافعًا يتلمّس خطواته الأولى في الغناء، والثانية بعد استقراره في فرنسا ملكًا متوّجًا لموسيقى "الراي" المعاصرة عام 1999.

من إسطوانات "الغراموفون" إلى فيديوهات يوتيوب

في صيف 1974، انتشرت في مدينة وهران الجزائرية أسطوانة "غراموفون" بموسيقى "راي" كلاسيكية تحمل صوتًا شابًّا جديدًا في أغنيتين فقط؛ "بغيت خالي" و"طريق الليسيه" التي كانت أكثر حظًّا في الانتشار من شريكتها في الأسطوانة، لتعلن بدء مسيرة ملك الراي الجزائري، الذي واصل غناء كلاسيكيات الراي الشهيرة في الحفلات والجلسات المنزلية.

لكنه كان منفتحًا على التجريب والتجديد بإضافة الغيتار والكيبورد اللذين لم يكونا مستخدمين في هذا اللون الشعبي، ولقيت بصمته التجديدية هذه قبولًا واسعًا داخل الجزائر وبين أبنائها المغتربين في الخارج، وذاعت شهرة الشاب خالد، ليتمكن من إصدار أول ألبومات مشروعه الموسيقي "هادا رايكوم" (هذا رأيكم) عام 1985، ويتمكن في عام 1987 من عبور البحر نحو فرنسا.

وبعد 6 أعوام، سيتعاقد مع شركة "يونيفرسال" عام 1991. كل هذه السنوات ولا يزال يتذكر الأغنية ذات الفضل في مساره؛ ففي 1999 بعدما استقرّ في فرنسا أصدر ألبوم "كنزة" الذي سماه باسم ابنته البكر وضمّنه مرّة أخرى "طريق الليسيه" بأفضل توزيعاتها الذي يجمع بين موسيقى الراي والبوب.

وبعد قرابة 50 عامًا مرّت على صدور تلك الأغنية، للمرة الأولى، فضّل الشاب خالد أن يجعلها فاتحة ألبومه الأخير الذي صدر قبل أسبوع، لكن هل تظل تميمة حظه ونجاحه مثلما كانت خلال مسيرته المهنية؟

التخلّي عن الموسيقى المعتادة

خلال مساره الممتد على نحو 50 عامًا، كان للشاب خالد مشروع ذو رؤية واضحة، ملخصها التطوير، وإعادة تقديم "الراي" بالروح العصرية، في التوزيعات وحتى في الوسائط، ما بين الغراموفون وفيديوهات يوتيوب، مرورًا بالكاسيت.

وفي ألبومه الأخير، الذي سجّله بالتعاون مع "دي. جي رودج"، تخلى الشاب خالد عن شركاء مشروعه القدامى، محاولًا التطوير بإعادة تقديم الأغنيات بتوزيعات إلكترونية مستعينًا بموزعي الجيل ومنتجيه الموسيقيين.

وجاءت الأغاني العشر كلّها في موسيقى رقمية، بدلا من الأوركسترا التي كانت تصاحبه دائمًا، مكتفيًا فقط بمزج صوته مع ألحان "دي. جي رودج"، كما أنه لم يهتم أيضًا بالكلمات، لأن 8 أغنيات من بين 10 جاءت بشكل "ديوهات" (ثنائيات)، من بينها ديوهات قديمة مثل أغنية "حبّ الناس" (Love To The People) التي أداها مع كارلوس سانتانا، منذ أكثر من 25 عامًا.

خيبة لتوقعات الجمهور القديم

مع أن جمهور الشاب خالد ينتظر الألبوم منذ 10 أعوام، والشاب خالد نفسه يبشّر به منذ 5 سنوات، فلم يأت الألبوم على قدر التوقعات، رغم اعتياد خالد معادلة محسوبة وجريئة لإرضاء جمهوره واستقطاب جمهور جديد.

فقبل 10 سنوات، حين كانت الموسيقى الإلكترونية مجازفة، تمكن من الوصول إلى جمهورها من خلال ألبوم "هذه هي الحياة"، لكن في الزمن الحالي ومع كونها اللون الفني الأكثر هيمنة، تخلى خالد عن معادلته ليطغى اللون الجديد على موسيقى الألبوم بالكامل.

ووفقًا لاعتبارات السوق الجديدة، ربما تحتّم على خالد تغيير توليفته الموسيقية، لكن هل تمكن خالد من فهم السوق الجديدة؟

رهان على جمهور جديد

يبدو أن خالد قرر مغازلة الجمهور العالمي من الشباب وأبناء "الجيل زد" بعيدًا عن جمهوره القديم، لأن الألبوم سيكون مقدمة لجولة موسيقية وحفلات عالمية بعيدًا عن موطنه، كما لم ينس أيضًا إصدار أغنية فرنسية، موجهة للجمهور الفرنسي.

ويبدو أن خالد يضع رهانًا جديدًا لكسب جمهور جديد، وفي سعيه لهذا الرهان تخلى عن خياراته المضمونة القديمة، لاستقطاب شرائح جديدة من الجمهور، وربما ينجح وربما يخسر هذا الرهان.

ذلك ما سنعرفه في المرحلة المقبلة من حفلاته، لكنه بالتأكيد خسر الرهان عبر منصة "يوتيوب"، حيث واجه صعوبة في حصد المشاهدات، إذ لم يتجاوز الألبوم 150 ألف مرة استماع على عداد مشاهدات يوتيوب رغم إطلاقه منذ أكثر من 10 أيام.

المصدر : الجزيرة