"في مواجهة الجليد".. نتفليكس تكشف كيف أنهت الدانمارك النزاع مع أميركا

أحداث "في مواجهة الجليد" تدور في إطار شائق يظهر متعة الرحلة والاستكشاف (مواقع التواصل)

تروي شبكة "نتفليكس" (Netflix) في فيلمها الجديد "‎في مواجهة الجليد" (Against the Ice) قصة لا يصدقها عقل حول مستكشف ومعه ميكانيكي دانماركي خرجا في رحلة استكشافية بجزيرة "غرينلاند" عام 1909، في محاولة لإثبات سيادة بلادهما على جزء من الجزيرة، وبين متعة وشرف الاستكشاف وشقاء الرحلة، يحاول المغامران النجاة من رحلتهما المحفوفة بالمخاطر.

ويعرض الفيلم رحلة للقبطان آينر ميكلسن وشغفه وطموحه غير المحدود لتوثيق المزيد من الاستكشافات، ويأخذنا إلى الأرض الحقيقية التي شهدت على هذه الرحلة الملهمة، لنعيش أجواء مشابهة ونشهد الثلوج الممتدة والعواصف الثلجية التي ستجعلك تشعر بالبرودة وأنت بمنزلك.

إثبات السيادة الدانماركية

كانت الولايات المتحدة تطالب بجزء من "غرينلاند"، أكبر جزيرة في العالم، حيث اعتقدوا أنه مفصول عن الأراضي الدانماركية بما أطلقوا عليه اسم قناة "بيري" ومن أجل تأكيد السيادة الدانماركية، قامت السلطات في كوبنهاغن عام 1906 بتمويل مهمة بقيادة المستكشف لودفيغ مايليوس إريكسن لرسم المنطقة، لكنه لم ينج وترك مذكراته والخرائط التي رسمها.

وبعد الحادث المؤسف، خرجت بعثة "ألاباما" الاستكشافية عام 1909، بقيادة القبطان والمستكشف والكاتب آينر ميكلسن وبرفقته الميكانيكي عديم الخبرة بالرحلات الاستكشافية آيفر آيفرسون، وانطلقا في مهمتهما الشاقة للعثور على دليل أن الجزء الشمالي الشرقي من غرينلاند يتبع الجزيرة ولم يتم فصله بواسطة قناة، وذلك لدحض المحاولات الأميركية للمطالبة به.

ويقول ميكلسن "لا يعتقد المرء أنه سيفشل أبدا، يعتقد أنه سيجد طريقة للنجاح" في إشارة إلى صديقه المقرب الذي قاد البعثة السابقة ولقي حتفه وفريقه متجمدا. وبنفس المنطق، ذهب القبطان في رحلته الخطرة للعثور على جثة صديقه وإنقاذ مذكراته التي تثبت استكشافاته، فهل سيفشل أيضا أم سيجد طريقة للنجاح؟

الجانب المظلم

تدور الأحداث في إطار شائق يظهر متعة الرحلة والاستكشاف وطموح ميكلسن وآيفرسون، للوصول إلى المذكرات والشرف الذي سينالانه بعد عودتهما إلى الوطن، ومن الناحية الأخرى يظهر الجانب المظلم والشاق لهذه الرحلة.

ورغم خبرة القبطان الكبيرة فإنه لا يزال هناك احتمال الهلاك وسط هذه الثلوج واللحاق بمن سبق، لأسباب متعددة: منها السقوط من حافة جليدية أو في الماء المتجمد، والتعرض لهجوم الدببة، والبرد القارس الذي يكاد يفقدهما أطرافهما، وتعرض الإمدادات للفقد، وإصابة أو موت كلاب الثلج التي تدفع العربة، وغيرها من التهديدات التي قد تودي بحياة المستكشفين خلال رحلة استمرت لشهور.

يعيب النقاد على "في مواجهة الجليد" أنه لم يهتم بأصالة الحقبة الزمنية التي تدور بها الأحداث (مواقع التواصل)

حوار غير موفق

ورغم أنها قصة دانماركية، فإن الفيلم يعرض باللغة الإنجليزية بلهجات بريطانية متعددة، وهو أمر يعتبر مربكا بعض الشيء، لا سيما وأن القصة تدور حول قضية وطنية ومحاولة إثبات الدانمارك ملكيتها لأراضي "غرينلاند".

وبجانب قضية اللغة، رأى بعض النقاد، بحسب صحيفة "ذا غارديان" (The Gurdian)، أن الكتاب لم يهتموا بأصالة الحقبة الزمنية التي تدور بها الأحداث، إذ يبدو الحوار في الكثير من الأحيان بأنه بسيط أكثر من اللازم، كما يبدو أيضا بأنه حديث، حيث استخدم بعض الأبطال مصطلحات لم تكن تستخدم خلال هذه الفترة.

ورغم براعة الممثل الدانماركي نيكولاي كوستر والداو في أداء دور القبطان ميكلسن، فإن فارق السن الكبير بين والداو (51 عاما) وبين القبطان الذي كان يبلغ من العمر 29 عاما فقط حين خرج للرحلة الاستكشافية، لم يكن شيئا من السهل إخفاؤه، ويظهر هذا الفارق حقا عندما يقوم القبطان بحلق لحيته، وتظهر التجاعيد في وجهه، ولا يبدو كشاب في العشرينيات من عمره.

اقتراح ملكي

وكانت ملكة الدانمارك مارغريت الثانية أول من اقترح على المخرج بيتر فلينت إنتاج فيلم مستوحى من كتاب "رجلان في مواجهة الجليد" (Two Aganist The Ice) للمؤلف ميكلسن، وبالفعل بحث عن الكتاب وأرسله لصديقه والداو، ووافق الأخير على الفكرة، ولم يقتصر على دور البطولة فحسب، بل شارك أيضا في كتابة السيناريو مع صديقه القديم جو ديريك.

وقال والداو حول أكثر ما يميز الفيلم "لطالما أحببت قصص النجاة المثيرة والمستكشفين الذين يذهبون إلى أماكن غير معروفة، ولكن ما لفت نظري حقا هنا أنه كان مزيجا فريدا، فعادة ما يكون لدى كلا المستكشفين نفس الطموحات والآمال، لكن هنا كان أحدهما مستكشفا مشهورا والآخر ميكانيكيا، وهذا ما ينقذهما في الواقع، أنهما كانا مختلفين جذريا".

 

وتم تصوير الفيلم بالأنهار الجليدية في آيسلندا وغرينلاند، وكانت الظروف قاسية بالفعل، فكان لدى الطاقم حافلة واحدة للاسترخاء فترة قصيرة، ولا توجد مقطورات شخصية لكل ممثل على الجبل الجليدي، وكانت اللقطات التي تظهر الأبطال تملأ الثلوج لحيتهم بسبب الرياح.

نبذة تاريخية

تعني غرینلاند "الأرض الخضراء" وباللغة الغرینلاندیة "أرض الناس" غير أنها ليست خضراء على الإطلاق، ولكنها بيضاء حيث یغطي الجلید معظم مساحتها، وتنتمي سياسيا إلى الدانمارك، لكن جغرافیا هي جزء من قارة أمیرکا الشمالیة، إذ تبعد عن كندا مسافة 16 کیلومترا.

وبرز اسم "غرينلاند" عام 2019 عندما عرض الرئیس الأمیرکي السابق دونالد ترامب شراء الجزيرة من الدانمارك التي رفضت العرض، وكانت الأخيرة قد رفضت سابقا عام 1946 عرض إدارة الرئیس هاري ترومان مقابل 100 ملیون دولار.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية