رحيل الفنان الكويتي مشاري البلام.. أبرز أبناء جيله وصاحب الأدوار المركبة

جسد أدواره الفنية المركبة بتقمص مرهف وتعايش شفاف

الفنان الكويتي مشاري البلام
عرف البلام بقدرته البارعة على تجسيد الأدوار المركبة والصعبة (مواقع التواصل)

فجعت الساحة الفنية الكويتية، مساء الخميس، برحيل الممثل مشاري البلام متأثرا بإصابته بفيروس كورونا قبل أيام، وقد نعاه كثير من زملائه واصفين وفاته بالخسارة الفادحة للوسط الفني الذي فقد ممثلا وإنسانا صاحب خلق رفيع.

ويعد البلام أحد أبرز أبناء جيله وذلك لحضوره الطاغي الذي اقترن باختيارات فنية عالية الجودة وتعاون متميز مع عدد كبير من جيل الرواد ونجوم الصف الأول، وهو الذي عرف بقدرته البارعة على تجسيد الأدوار المركبة والشخصيات الصعبة.

ولد الراحل بجزيرة فيلكا في 12 ديسمبر/كانون الأول 1971 وهو أب لـ 5 أبناء هم صالح ومريم وعبد الله وحمد وشيخة، وبدأ مسيرته الفنية عقب تخرجه من كلية الدراسات التجارية، إذ شارك عام 1991 في مسرحية "فري كويت" وجسد بعدها العديد من الأدوار الصغيرة والمتوسطة.

وفي حديثه للجزيرة نت، يؤكد الناقد الفني عبد الستار ناجي أن ثمة أدوارا كان كل منها محطة فارقة في مشوار البلام الفني، ومن ذلك دوره في مسلسل "سليمان الطيب" من إنتاج عام 1993 بمشاركة النجمين سعاد عبد الله ومحمد المنصور.

وبحسب ناجي، كان عام 1998 نقطة تحول في مسيرة البلام من خلال مشاركته في مسلسل "دارت الأيام " إذ ذاعت نجوميته عقب عرضه، ليقوم بعدها بالمشاركة في عدد من الأعمال التي اختارها بدقة متناهية مما ساهم في ترسيخ حضوره الفني رغم عدم دراسته المتخصصة للتمثيل، ليشارك بعدها في العديد من الأعمال منها مسلسل "دروب الشك" الذي عرض عام 1999 وجسد خلاله شخصية الشاب وليد المصاب بالصرع، من إخراج الراحل عبد العزيز المنصور.

عام 2001 ذهب البلام لمنطقة أصعب بتجسيد شخصية ناصر الأصم والأبكم في مسلسل "جرح الزمن" الذي قدمه بالتعاون مع المخرج السعودي عامر الحمود، وشاركت فيه النجمة حياة الفهد.

عام 2005 حقق البلام جماهيرية واسعة إثر نجاحه في برنامج "تلفزيون الواقع" الذي حمل اسم "الوادي" وعرض على قناة "إل بي سي" (LBC) وتوج نهاية ذلك العام بلقب "مزارع الوادي".

عرف البلام بأنه واحد من الممثلين الذين يعملون كثيرا على الشخصيات التي يجسدونها ليمنحوها نبض الحياة، كما كان واحدا من الفنانين الذين يغزلون شخصيات أعمالهم بحساسية عالية وتقمص مرهف وتعايش شفاف لتصبح ثرية بالمضامين والقيم.

كان باستطاعة البلام إضحاك المشاهدين ودفعهم للبكاء في مشهد واحد مما يعكس قدرة فائقة في الدراما والكوميديا لا تتوافر إلا للنجوم الكبار بحسب المنتج والفنان باسم عبد الأمير، وهو واحد من الذين جمعتهم أعمال فنية عديدة مع الراحل إذ شاركا سويا في عدة مسرحيات للأطفال منها "خمس خوات وصياد، أولى أول" وكذلك جمعتهم أعمال درامية منها "مع حصة قلم، بيت الذل".

يؤكد عبد الأمير للجزيرة نت أن الراحل عرف بأخلاقه العالية وحرصه على ألا يؤذي أحدا بل كان دائم الابتسامة مما أشعر الجميع بصدمة عقب وفاته، معتبرا أن حديث الناس على وسائل التواصل عقب إعلان وفاة البلام تكريم له جاء عقب رحيله.

واختتم حديثه قائلا "فقدنا فنانا قديرا وإنسانا عظيما وأخا طيب القلب وشخصية يصعب تكرارها".

ووصفت الفنانة هند البلوشي رحيل "أبو صالح" بأنها فاجعة كبرى وأنه كان من أصحاب القلوب الطيبة النقية، إذ يصعب أن تجد شخصا لا يحبه، كما كان بمثابة أخ وصديق لجميع الفنانين.

وأضافت البلوشي للجزيرة نت أن البلام امتلك طاقة إيجابية هائلة، وكان يكفي أن يوجد في موقع معين لتنتشر البسمة في جنباته، كما تميز بالتزامه الشديد في عمله والحرص على الحضور مبكرا قبل الموعد المحدد للتصوير.

وتستذكر أن مسرحية "سالي" كانت من أوائل الأعمال التي جمعتهما سويا، وأنه كان السبب الرئيسي في نجاح هذا العمل، معبرة عن فخرها أنها عملت مع الراحل الذي "كان إنسانا جميلا قبل أن يكون فنانا بارعا".

وتضيف أن آخر أعمالهما الفنية على الساحة، (مسلسل "هيا وبناتها ") الذي عرض العام الماضي، سبقه خلاف في وجهات النظر بينهما، وانتشرت بوسائل الإعلام ومواقع التواصل الكثير من الأقاويل والشائعات ثم جاء العمل ليكون رد فعل قويا على متانة العلاقة.

وأشارت البلوشي إلى أن أول لقاء لهما وقتها كان داخل أماكن التصوير وأنهما تبادلا الابتسامة دون أن يفتحا أي حديث بشأن الخلاف الذي انتهى تماما دونما حديث، كما يحدث عادة بين الأشقاء، إذ تجمعهما علاقة أسرية ممتدة منذ سنوات طويلة كما أن والدتها كانت ولا تزال من أشد المعجبين به.

ويذكر رئيس مجلس إدارة نقابة الفنانين والإعلاميين الكويتيين الدكتور نبيل الفيلكاوي للجزيرة نت أن أول عمل جمعه بالراحل كان عقب "تحرير الكويت" مباشرة وهو مسرحية "عاصفة الصحراء" تلاها مسرحية "سيف العرب" وقد عرف خلال أعماله بتجسيد شخصية الرجل الطيب التي كانت صفة من صفاته.

ويحكي الفيلكاوي -الذي تربطه علاقة قرابة بالراحل، فضلا عن أن كليهما من أبناء جزيرة فيلكا- عن مسرحية "سيف العرب" التي جمعته بكبار النجوم ومنهم عبد الحسين عبد الرضا وحياة الفهد وخالد العبيد وطارق العلي، وأنها كانت واحدة من أهم المحطات التي ساهمت في انطلاقته الفنية.

يعتبر مسلسل "ورود ملونة" من إنتاج 2020 ومن قبله "رحى الأيام" الذي عرض خلال الدورة الرمضانية الماضية، آخر ما قدم الراحل على مستوى الدراما. أما على خشبة "أبو الفنون" فكانت محطته الأخيرة مسرحية "مر يا حلو" إنتاج 2015، والتي شارك فيها عدد كبير من الممثلين من أجيال مختلفة.

المصدر : الجزيرة