لدعم صناعة السينما.. ليبيا ضيف شرف الدورة 32 لأيام قرطاج السينمائية

اختارت إدارة المهرجان هذه السنة الاحتفاء بالسينما الليبية للمرة الأولى في تاريخه لتكون ضيف شرف الدورة تحت عنوان "رؤى ليبية".

منيرة حجلاوي_الصعوبات المالية والفنية من أسباب تراجع الإنتاج السينمائي الليبي (المتحدث المخرج الليبي مهند اللامين)_تونس_خاص الجزيرة نت
الصعوبات المالية والفنية من أسباب تراجع الإنتاج السينمائي الليبي (الجزيرة)

تونس – تتواصل فعاليات الدورة 32 لأيام قرطاج السينمائية المنعقدة في تونس من 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري تحت شعار "لنحلم! لنعيش!" بحضور عربي وأفريقي واسع، وتعقد الدورة -هذا العام- في ظل ظروف سياسية واقتصادية استثنائية تعيش على وقعها البلاد.

واختارت إدارة المهرجان هذه السنة الاحتفاء بالسينما الليبية -للمرة الأولى في تاريخ الأيام- لتكون ضيف شرف الدورة تحت عنوان "رؤى ليبية" بعرض 14 فيلما ليبيا بهدف تسليط الضوء على التجارب السينمائية لمجموعة من المخرجين الشباب للنهوض بهذا القطاع في بلادهم.

وافتتح الفيلم التاريخي الطويل "الباروني" للمخرج والمنتج أسامة رزق سلسلة العروض الليبية يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول الفارط في عرضه العالمي الأول، ويتناول الفيلم سيرة حياة سليمان باشا الباروني أحد كبار المناضلين الليبيين مع سرد أحداث هامة ومفصلية في تاريخ البلاد.

كما يشارك رزق بالفيلم القصير "العشوائي" الذي يتحدث عن شاب ليبي كان يعيش خارج البلاد ليعود إلى ليبيا بعد الثورة بحماس للمشاركة في الحياة السياسية والديمقراطية، ومن ثم يصطدم بانقسام المجتمع ويجد نفسه في صدام مستمر مع توجهات سياسية مختلفة مما يعرضه للأذى.

كما يُعرض للمخرج الليبي الشاب مهند اللامين فيلمان، الأول بعنوان "ثمانين" يتحدث عن قصة شاب ليبي سُجن وقت اندلاع الثورة الليبية 80 يوما، ويروي ما حدث له منذ دخوله السجن حتى خروجه منه.

ويروي فيلمه الثاني "السجين والسجان" قصة تبادل الأدوار قبل وبعد 2011 بين سجين وسجان في ليبيا.

فرصة هامة

يثمّن رزق مبادرة إدارة المهرجان التونسية، ويؤكد -للجزيرة نت- أن دعوة صناع السينما الليبية فرصة هامة للمساهمة في التعريف بأفلام المخرجين الشباب نظرا لقيمة هذا المهرجان ولتنوع جمهوره العالمي والأفريقي.

من جهته، يرى اللامين في قسم "رؤى ليبية" فرصة هامة للتشجيع على الإنتاج السينمائي الليبي، ويرجع غياب السينما الليبية في أيام قرطاج السينمائية طوال السنوات العشر الماضية إلى ندرة وقلّة الإنتاج السينمائي في بلاده.

لم تكن المشاركة الليبية في هذا المهرجان الدولي سهلة وكانت مهددة بالإلغاء، بحسب رزق؛ إذ "لم تتفاعل كل من وزارة الثقافة الليبية والهيئة العامة للخيالة والمسرح -على مدى أشهر- مع اتصالات إدارة مهرجان أيام قرطاج السينمائية بالسلب أو بالإيجاب، في حين تمكنت إدارة المهرجان من التواصل الفردي والمباشر مع صناع السينما الليبية لدعوتهم إلى الحضور".

منيرة حجلاوي_المخرج والمنتج الليبي أسامة رزق_تونس_خاص الجزيرة نت
المخرج والمنتج الليبي أسامة رزق (الجزيرة)

غياب الدولة الليبية

يستغرب أسامة رزق ما قال عنه "غيابا تاما للدولة الليبية"، ويشدد على أنه ليس لها دور في المشاركة السينمائية الليبية في هذه الأيام، حسب تعبيره.

ويوضح رزق -للجزيرة نت- أنه خلال فترة حكم معمر القذافي، استأثرت شركة الإنتاج الرسمية الوحيدة التابعة للدولة "الخيالة" بالإنتاج السينمائي في ليبيا، وأنتجت أكبر عمليْن سينمائيّيْن عربيّيْن وهما "عمر المختار" و"الرسالة"، وحارب القذافي القطاع الخاص لأنه رأى فيه خطرا يهدده ولم يتعد الإنتاج السينمائي الليبي 5 أفلام طويلة و20 فيلما قصيرا -بما فيها الأفلام الوثائقية- وهو رصيد "ضعيف جدا".

ووقع في ما بعد حل هذه الشركة، وتعويضها بعد الثورة الليبية بالهيئة العامة للخيالة والمسرح التي "لم تقدم شيئا للسينما الليبية رغم ضمها آلاف الموظفين، كما أن إنتاجات الأعوام العشرة الأخيرة وكل الأعمال التي تعرض حاليا في أيام قرطاج السينمائية هي مجهودات فردية لصناع هذه الأفلام بأموالهم الخاصة أو بدعم من المنظمات الأوروبية"، حسب المصدر نفسه.

كما يعزو قلة الإنتاج السينمائي خلال حكم القذافي إلى ارتفاع التكاليف المادية في إنتاج الأفلام خاصة قبل دخول التقنيات التكنولوجية الحديثة الجديدة على قطاع السينما.

منيرة حجلاوي_المخرج الليبي مهند اللامين_تونس_خاص الجزيرة نت
المخرج الليبي مهند اللامين (الجزيرة)

صعوبات فنية ومالية

ويعيب المخرج والمنتج الليبي أسامة رزق على الدولة "إهمالها السينما على مر السنين، وعدم اعتبارها جزءا من ثقافة وتاريخ الشعوب، ومرآة عاكسة لواقع المجتمع، مما جعلها تتذيل قائمة تصنيف السينما العربية والأفريقية والعالمية".

من جانبه، يرى المخرج مهند اللامين أن "استحواذ" الدولة سابقا على الإنتاج السينمائي إضافة إلى الصعوبات الفنية والمالية هي الأسباب الرئيسية والمباشرة لقلة الإنتاج السينمائي الليبي.

وعن نظرته لمستقبل السينما في بلاده، أبدى اللامين "تفاؤلا واقعيا" وشدد على ضرورة العمل على المزيد من تطوير قدرات التقنيين وتكثيف الشراكة والتجارب والتعاون السينمائي مع تونس للنهوض بالسينما الليبية.

وبالنسبة لرزق، فهو ينتظر تفاعل الحكومة الليبية "إيجابيا" مع مقترح تقدم به من أجل إنتاج 10 أفلام ليبية، معتقدا "استمرار صعوبة تبني الدولة للإنتاج السينمائي ومواصلة الشباب الليبي الكفاح بمفرده".

المصدر : الجزيرة