بعد قتل مصورة فيلم "راست" بالخطأ.. لماذا تصنف مهنة المصور الأخطر سينمائيًا؟

في السنوات العشر الأخيرة قتل 4 أعضاء من فريق التصوير وفي مواقع التصوير في الولايات المتحدة فقط، وهو ضعف عدد الوفيات في الممثلين البدلاء.

لا يوجد حاجز حماية بين فريق التصوير والمشاهد التي تتضمن أحداثا خطرة (بيكسلز)

قتلت مديرة التصوير هالينا هتشينز يوم الخميس 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن طريق الخطأ، أثناء تصوير فيلم "راست" (Rust) فالمسدس بيد البطل الممثل الشهير أليك بالدوين حيث كان من المفترض أن يلقم برصاصات فارغة.

هذه الوفاة تعتبر الأحدث في قائمة طويلة من أعضاء طاقم الكاميرا الذين قتلوا خلال العمل، ويرى محللون أن فريق التصوير هو المهنة الأكثر خطرًا في السينما، أكثر حتى من الممثلين البدلاء الذين يقومون بالمشاهد الخطرة بدلًا من الممثلين الأصليين.

الممثل الأميركي أليك بالدوين (الفرنسية)

الذخيرة كانت حية والسبب لعبة

وتم الإعلان تبعًا لموقع سي إن إن CNN أن طاقم فيلم "راست" استخدموا أسلحة وذخيرة حية لممارسة لعبة يسمونها (Plinking) قبل ساعات من قتل هالينا هتشينز، وفيها يطلق اللاعبون الرصاص الحي على زجاجات وعلب المشروبات الروحية، وأحد هذه الأسلحة هي ما وصل لاحقًا إلى يد الممثل أليك بالدوين، الذي أطلق الرصاصة التي قتلت المصورة، وأصاب المخرج جويل سوزا.

وتلك ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها الذخيرة الحية في مواقع التصوير، ولا المرة الأولى التي تؤدي إلى حوادث مأساوية، فعلى سبيل المثال عام 2019 تم إطلاق الرصاص في أركنساس بموقع تصوير "طريق الحرية" (Freedom’s Path)، وتسببت الحادثة في بعض الإصابات.

وأطلق المخرج السينمائي "بندر البليوي" (Bandar Albuliwi) "عريضة" لحظر استخدام الأسلحة الحقيقية، وقع عليها حتى الآن 28 ألف شخص، وجاء فيها "نحن بحاجة للتأكد من أن هذه المأساة التي كان من الممكن تجنبها لن تتكرر مرة أخرى. لا يوجد أي عذر لحدوث شيء كهذا في القرن الـ21. لم تعد هناك حاجة إلى بنادق حقيقية خلال إنتاج الأفلام. هذه ليست أوائل التسعينيات، عندما قُتل براندون لي بالطريقة نفسها. يجب أن يحدث التغيير قبل فقدان المزيد من الموهوبين".

بالإضافة إلى مطالبات لأليك بالدوين بدعم هذه العريضة واستخدام سلطته وتأثيره في صناعة السينما في هوليود لإحداث تغيير وحظر الأسلحة الحقيقية.

 

وبدأت تحركات بالفعل في هوليود لحظر استخدام الذخيرة سواء الحية أو غير الحية أو حتى المسدسات والبنادق الحقيقية داخل مواقع التصوير واستبدالها بنماذج مصنعة خصيصًا والمؤثرات البصرية المكملة لها، ويوم الجمعة، حظرت الدراما البوليسية "ذا روكي" (The Rookie) على قناة إيه بي سي ABC استخدام الأسلحة، وتضامن معها صناع مسلسل "الرفاق" (The Boys).

 

التصوير المهنة الأكثر خطرًا في السينما

في السنوات العشر الأخيرة قتل 4 أعضاء من فريق التصوير وفي مواقع التصوير في الولايات المتحدة فقط، وهو ضعف عدد الوفيات في الممثلين البدلاء أو ما يطلق عليه الدوبلير، يأتي هذا الخطر لأن أطقم الكاميرا تعمل مباشرة أمام الحدث، لا يوجد حاجز حماية بينها وبين سيارة مسرعة أو قطار متحرك أو رصاصة سوى الكاميرا، لذلك يصابون في حوادث تحطم طائرات أو مروحيات، أو غرقًا، أو بسبب سيارة هاربة خلال أحداث الفيلم، أو انقلاب الشاحنة التي تحمل الكاميرا.

فعلى سبيل المثال توفيت مساعدة التصوير سارة جونز في عمر الـ27 عام 2014 بسبب قطار شحن سريع خلال تصوير مشهد من فيلم "راكب منتصف الليل" (Midnight Rider)، واحتلت وفاتها عناوين الصحف بعد ذلك لفترة طويلة مع إدانة المخرج راندال ميلر الذي قضى عامًا في السجن، بعد إقراره بالذنب لارتكابه جريمة قتل غير متعمد، وأدت وفاتها إلى نشوء حركة تسمى "سلامة سارة" ( Safety for Sarah) والتي تسعى حتى اليوم لجعل أماكن التصوير أكثر أمانًا.

وحادثة سارة ليست الوحيدة، فعام 2013 قُتل المصور دارين ريدستروم واثنان آخران في مقاطعة لوس أنجلوس الشمالية، عندما تحطمت طائرتهم المروحية أثناء تصوير عرض واقعي بدون عنوان -لأنه لم يعرض- لقناة ديسكفري.

وعام 2011 قُتل المصور جريج جاكوبسن في حادث تحطم طائرة مروحية في ولاية بنسلفانيا أثناء تصويره لقطات للقناة التلفزيونية الرقمية للولاية.

وفي عام 2005، قتل المصور السينمائي نيل فريدريكس في حادث تحطم طائرة قبالة فلوريدا أثناء تصوير فيلم "عظمتان متقاطعتان" (CrossBones)، وهو فيلم رعب منخفض الميزانية. تمكن مخرج الفيلم والطيار واثنان آخران من أفراد الطاقم من الهروب من الحطام، لكن فريدريكس لم يتمكن من تحرير نفسه وغرق.

وبالعودة للماضي قليلًا إلى عام 1986، قتل المصور المساعد بروس إنغرام وأصيب 7 آخرون بجروح خطيرة أثناء تصوير مشهد مطاردة سيارة خارج توكسون لفيلم "الشبح" (The Wraith)، وقع الحادث عندما انقلبت السيارة التي تحمل الكاميرا على طريق جبلي.

ومن أشهر الحوادث خلال تصوير الأعمال السينمائية، مقتل المصور ألكسندر بنرود و26 فردًا من طاقم فيلم "الفايكنغ" (The Viking) عام 1931 أمام ساحل نيوفاوندلاند نتيجة انفجار الديناميت الذي يستخدم لكسر الجليد عن طريق الخطأ وفجر السفينة التي تحملهم، في حادث يعتبر من الأكثر دموية في عالم السينما حتى اليوم.

التصوير السينمائي لم يعد مجرد حمل كاميرا وتصوير المشاهد التي يحددها المخرج، بل أصبح خطرًا حقيقيًا على المصورين وفريق العمل بالكامل، وتجري في الوقت الحالي الكثير من الحركات الاعتراضية في هوليود التي تحاول تأمين سلامة المصورين والمصورات، والحفاظ على حياتهم كما يحدث بالنسبة لأبطال العمل من الممثلين المشاهير.

المصدر : مواقع إلكترونية