محمد منير.. تمرد على الشكل التقليدي للمغني وساهم في مشواره منيب ونجم ويوسف شاهين

نظرة الجمهور لمحمد منير تغيرت كثيرا بعد ثورة يناير (غيتي)

عبر بأغنياته عن العدالة والإنسانية والمساواة، ووقف في وجه الظلم، ففي أغنيته الشهيرة "حدوتة مصرية" غنى "لا يهمني اسمك، لا يهمني عنوانك، لا يهمني لونك ولا ميلادك.. مكانك، يهمني الإنسان ولو مالوش عنوان" وهي كلمات مكتشفه الشاعر الراحل عبد الرحيم منصور الذي اكتشف منير في بداياته وكان يناديه بـ "ولدي".

النضال الغنائي هو ما يميز مشوار منير عن باقي المطربين في جيله، فمنير الذي يحتفل اليوم 10 أكتوبر/تشرين الأول بذكرى ميلاده الـ 67 شكل حالة غنائية مختلفة، بكلمات أغنياته السهلة التي تحمل معاني عميقة في نفس الوقت، وأداؤه غير التقليدي، وتمرده على الشكل المألوف للمطربين على المسرح، حتى أصبح مطرب المثقفين الذين لقبوه "الملك" تيمنا بألبومه الشهير الذي حمل نفس الاسم.

ثقافة متنوعة

فميلاده في قرية دروا في منشية النوبة بمدينة أسوان، التي قضى فيها فترة طفولته قبل أن يهاجر مع أسرته البسيطة إلى القاهرة بعد غرق القرى النوبية بعد بناء السد العالي، كان له بالغ التأثير على حالة التمرد التي اشتهر بها منير في موسيقاه وحياته وتشكل وعيه وثقافته الواسعة، بجانب دراسته في قسم الفوتوغرافيا والسينما والتلفزيون في كلية الفنون التطبيقية.

وفي تلك المرحلة كان منير يغني لزملاء الدراسة وحتى بعد التحاقه بالجيش، فكان يتعامل مع الغناء كهاو، لم يحترف الغناء حتى استمع له الشاعر والأديب زكي مراد بالصدفة في سبعينات القرن الماضي، والذي عرفه بالشاعر منصور فذهب به إلى الفنان أحمد منيب والذي أخذ على عاتقه مهمة تدريب منير، ليس على ألحانه فقط ولكن على التراث النوبي.

انقلاب

التأثير لم يكن فقط من الفنان منيب والذي شكل الملامح الأولى لمسيرة منير الفنية، فمحطاته الفنية لم تكن أقل أهمية، سواء ارتباطه بموسيقى هاني شنودة في بداياته، مرورا بكمال الطويل وبليغ حمدي. أما الشعراء الذين تعاون معهم منير في مشواره: فؤاد حداد وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم فساهموا بكلماتهم في ارتباط منير بطبقة المثقفين والتعبير عن أفكارهم.

امتلك منير الوعي الكافي ليكون صاحب مشوار فني بعيد عن الصورة النمطية للمطرب الذي يتغنى بكلمات رومانسية، فأحدث انقلابا وشكل جديدا للأغنية في مضمونها.

قدم مع فؤاد حداد "الليلة يا سمرا" و"الجيرة والعشرة" التي حملت طابعا مختلفا في طريقة سردها. ومع الشاعر جاهين قدم "بعد الطوفان" والتي غناها بفيلم "الطوفان" مع المخرج الراحل يوسف شاهين، و"إيديا في جيوبي" التي تقول كلماتها "إيديا في جيوبي وقلبي طرب، سارح في غربة بس مش مغترب، وحدي لكن ونسان وماشي كدا"، و"المريلة الكحلي" ومع عبد الرحمن الأبنودي "مش جرئ، كل الحاجات، بره الشبابيك" وأغنيات مسلسل "جمهورية زفتى".

نجم والثورة

ارتبط صوت منير وأغنياته بهتافات ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 من خلال ما قدمه مع الشاعر الراحل والمعارض أحمد فؤاد نجم، خاصة أغنيات مسرحية "الملك هو الملك" والتي جعلت منير مطرب الثورة على الظلم والطغيان، حتى أن الجمهور لقبه بـ "الملك" بعد تقديمه شخصية الثائر الرافض للطغاة، فغنى "علي عليوة، شُرم برم، طفي النور، الله يا دايم، حادي بادي، طنوش".

دعائيات

غير أن نظرة الجمهور لمنير تغيرت كثيرا بعد ثورة يناير، خاصة وأنه اكتفى بتقديم أغنيات وطنية دعائية مثل مشاركته بأوبريت "مصر قريبة" والتي تم إنتاجها لدعم السياحة، ودويتو "القاهرة" مع عمرو دياب، فيبدو أنه قرر الابتعاد عن المعارك السياسية والاكتفاء بالأغنيات التي تمجد جمال الوطن واستقراره.

وفي 25 يناير/كانون الثاني طرح منير أغنية "أبطال رجالة" التي قدمها ضمن احتفالات عيد الشرطة الـ 69، وأشاد فيها بجهود رجال الشرطة وبطولاتهم متجاهلا ذكرى ثورة يناير وشهداءها.

اتهام بالتزييف

حالة التغيير الذي صاحبت مشوار منير في الغناء أثرت أيضا على تجربته بالتمثيل الذي قدمه على استحياء بتجارب قليلة، بدأها في الثمانينيات مع المخرج شاهين، وقدم من خلال أفلامه أيضا أغنيات تحمل قيما إنسانية وثورية مثل "حدوتة مصرية" وتقول كلماتها "منرضاش تدوس البشر بعضها، ومنرضاش يموت جو قلبى نداه.. منرضاش تهاجر الجذور أرضها"، و"علي صوتك بالغنا" في فيلم "المصير" مرورا بتجربته مع المخرج خيري بشارة في "يوم حلو ويوم مر".

ففي عام 2016 قرر منير تقديم مسلسل "المغني" الذي واجه انتقادات قاسية واتهاما بتزييف الحقائق لإرضاء السلطة، وقد اعترض أهالي النوبة على تناول العمل لأزمة تهجير القبائل من النوبة، وفي نفس الوقت قال الناقد السينمائي طارق الشناوي في برنامج "حكايات فنية" على قناة "سي بي سي" (CBC) إن أداء منير سيئ وتدخله في السيناريو أفسد العمل.

أزمات صحية

عقب المسلسل كان منير قد بدأ رحلة من العلاج بألمانيا بعد أن أصيب بوعكة صحية، واضطر إلى تدخل جراحي أكثر من مرة، منها تغيير مفصل الحوض، وظل تحت رعاية الأطباء فترة طويلة، وقد ظهر بأحد حفلاته التي أحياها بدار الأوبرا يغني على كرسي متحرك لتعرضه لانزلاق غضروفي. ورغم حالته الصحية فإن منير طرح قبل فترة ألبومه "باب الجمال" الذي ضم 5 أغنيات.

المصدر : الجزيرة