"العزومة التشاركية".. حل يضمن بهجة رمضان بلا أعباء إضافية

الاتفاق على الأصناف من الضروريات في إعداد الولائم المشتركة (بيكسلز)

الولائم الرمضانية وتجمعات العائلة والأصدقاء على الإفطار أو السحور خلال الشهر الكريم هي ما يبقى في الذاكرة كلما استعدنا اللحظات الحميمة التي مررنا بها في الحياة. لكن تكلفة صناعة تلك الذكريات صارت أكبر من إمكانات غالبية العائلات العربية بسبب الظروف الاقتصادية الضاغطة.

وهكذا، صارت العادة الرمضانية الثابتة في معظم البيوت العربية أكبر من قدرة أي عائلة على تحمّلها. وإلى جانب العبء المادي، بات الجهد الذي تستلزمه كل وليمة يفوق طاقة سيدة المنزل، لا سيما بعد نهار طويل من الجوع والعطش.

لم تعد العزومات الرمضانية تقتصر على صنف رئيس واحد ونوعين من المقبّلات ومثلهم للسلطات ونوع من الحلوى الرمضانية، وإنما بات تجهيز أصناف العزومة يستلزم بضعة أيام، وتخصيص موازنة خاصة بها، بعيدا من الحاجات اليومية للعائلة. ومن أجل استمرار البهجة مع خفض التكلفة، صارت الولائم التشاركية الحل الأسهل الذي يضمن اجتماع العائلة والبهجة الرمضانية بلا تكاليف إضافية.

ما العزومة التشاركية؟

ترتبط الولائم التي تعتمد على روح المشاركة بنطاق العمل أو الدراسة، إذ يصبح التجمع هو الهدف، والجلسة المريحة واللقاء اللطيف هو المبتغى من الوليمة. لذا، يسعى الجميع إلى خفض التكلفة المادية وتقليل الجهد، حتى لا تتسبب الوليمة في إرهاق شخص واحد فقط، وهو ما تؤكده خبيرة الإتيكيت الدكتورة رضوى صفوت بقولها إن "العزومات التشاركية، أو ما يطلق عليها (ديش بارتي)، هو الأسلوب الأمثل المتّبع في المناسبات الاحتفالية. وتنتشر بشكل كبير في الدول الغربية، في احتفالاتهم بالأعياد والمناسبات، إذ تتجمع العائلة وتقوم كل أسرة بالمشاركة في التجمع بطبق من الأطباق المفضلة للجميع".

وترى صفوت، في حديثها إلى الجزيرة نت، أن المجتمعات العربية تنتشر فيها تلك الفكرة في الأيام العادية، بعيدا من رمضان، خصوصا بين الأصدقاء، وتجمّعات السيدات. لكن تجربة الوليمة التشاركية في رمضان تحتاج إلى مزيد من الوعي بالحالة الاقتصادية التي صارت عليها غالبية البيوت العربية هذا العام.

إذا طُلب منك إعداد الطعام بشكل معين في الطبق الذي ستقدمه، فيجب عليك الالتزام بهذا الطلب (بيكسلز)

ترتيب الوليمة التشاركية من دون خجل

الدعوة إلى العزومات غالبا ما تبدأ من الأسبوع الأول في رمضان، وعلى الأغلب تكون العزومات العائلية مرتّبة بشكل سنوي، فالأسبوع الأول يخصص للآباء، ثم تبدأ عزومات الأشقاء والأقارب ثم الأصدقاء.

تقول صفوت إن الفكرة ربما لا تقنع كبار العائلة، من الآباء والأمهات، لذا يمكن تدارسها بشكل منفرد مع الأشقاء، ووضعها حيز التنفيذ قدر المستطاع بالتخفيف عن كاهل الآباء، سواء بالمشاركة في إعداد الطعام أو بتحمل صنف أو أكثر من الحلويات أو الأطباق الرئيسة بحجة المهارة في صنعه.

وتضيف أنه "من الضروري ألا يشعر الآباء أو الأجداد بالإحراج أمام أبنائهم وأحفادهم، خصوصا أنهم يريدون تقديم أفضل ما لديهم في مثل هذه الوليمة السنوية. لذا، علينا فقط التخفيف، ما لم تكن هناك أسباب تجعل من المصارحة والمشاركة الجادة في الوليمة، ماديا ومعنويا، أمرا ضروريا".

الاتفاق على الأصناف وتقسيمها

الاتفاق على الأصناف من الضروريات في إعداد الولائم المشتركة، خصوصا إذا كان هناك أشخاص يتبعون حمية غذائية، أو كانوا نباتيين، أو لا يفضلون أنواعا معينة من الطعام تسبب حساسية لبعضهم. لذا، يجب الاتفاق على نوع الأصناف، وتقسيمها بحسب المهارة في الصنع، فيفضَّل أن يتولى كل شخص إعداد الصنف الذي يبرع فيه، مع حساب أن التكلفة تكون متساوية غالبا، وعلى الجميع مراعاة أن الأسرة المستضيفة -إذا كانت العزومة منزلية- لا تعد أكثر من طبق رئيس وأصناف الشوربة والسلطات.

ساعات الصيام الأقصر والأطول في رمضان2023
المتبقي من الطعام لا يجوز أن تطالب به، إلا إذا شاركته معك الأسرة المضيفة (شترستوك)

قواعد التجمّع

للتجمع في الولائم قواعد أساسية. وحتى لا تصبح الشخص المنفِّر في اللقاء السنوي، عليك مراعاة بضعة أمور:

  • أولها ألا تفرض حضور أشخاص إضافيين من دون أن تخبر المضيفين. فكونك تصطحب معك طعاما، لا يعطيك الحق في التحكّم بالمنزل.
  •  المتبقي من الطعام لا يجوز أن تطالب به، إلا إذا شاركته معك الأسرة المضيفة، فهو على سبيل الهدية، ولا يجوز أن تأخذ الهدية بعد الزيارة.
  •  لا تتحدث عن التكلفة أو الجهد الذي بذلته في إعداد الطبق الذي أحضرته معك إلى الوليمة، فهذا لن يجعلك الأفضل.
  •  إذا طُلب منك إعداد الطعام بشكل معين، أو استخدام مواد محددة في إعداد الطبق الذي ستقدمه، فمن الضروري الالتزام بهذا الطلب، لأنه ربما يكون أحدهم مصابا بحساسية من الألبان مثلا أو الغلوتين، أو حتى من الأسماك، وقد تسبّب له أذى إذا غيّرت المقادير المطلوبة. لذا، إذا لم تكن تستطيع الالتزام من البداية، فاختر صنفا آخر لا يحتاج إلى تعديلات خاصة.
  •  صلة الرحم والاقتراب من العائلة أو لقاء الأصدقاء والاستمتاع بتمضية الوقت معهم هو الهدف الذي من أجله تُعقد تلك الولائم الرمضانية، فلا تجعلها فرصة للاستئثار بالحديث وفرض مغامراتك وقصصك على الجميع طوال الوقت.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية