الخطوات الأساسية لتربية الأطفال على الاستقلالية

يجب تدريب الطفل من عمر 3 أعوام فما فوق على الاعتماد على نفسه في تناول طعامه (بيكسلز)

بيروت- تربية الأبناء على المسؤولية هدف أساسي للأمهات، لذلك على كل أُم الحرص على تعليم طفلها خطوات أساسية لتحمل المسؤولية بما يشكل مصدر سعادة للطفل وليس عبئا عليه.

فالأطفال لا يرغبون في أن يكونوا محبوبين فحسب إنما يحتاجون مثل أي شخص منا أن يشعروا بأنهم مهمون في هذا العالم، أي أن وجودهم يترك أثرا إيجابيا، ولهذا فإن رفع حس المسؤولية لدى الأطفال منذ عمر صغير له تأثير إيجابي في نفسية الطفل وعلاقاته الاجتماعية.

وهنالك الكثير من الوسائل التي يمكن اعتمادها لتنمية هذا الحس لدى الطفل بما يجعله ناجحا في المستقبل.

يجب القيام بالواجبات المنزلية وكأنها نشاطات ممتعة، وتكون بالمشاركة ليشعر الطفل بالحماس أكثر (بيكسلز)

تحمل المسؤولية منذ الصغر

هنالك العديد من الدراسات والأبحاث عن تربية الأطفال على تحمل المسؤولية منذ الصغر من أجل مستقبلهم واتخاذ القرارات السليمة فيما بعد. وقدم موقع "اهابرينتنغ" (ahaparenting) بعض النصائح المهمة لتنشئة طفل مسؤول واثق من ذاته ومن اتخاذ اختيارات لها تأثير إيجابي على المجتمع.

وتاليا طرق إستراتيجية يومية مضمونة ليحصل الطفل على الدعم الكافي وليكون قادرا على تحمل كل المهام بإيجابية:

  1. تربية الطفل على القيام بتنظيف ما تسبب فيه، فمثلا، عندما يسكب الطفل الحليب يجب عدم الصراخ بوجهه وإنما القول له "لا بأس، يمكننا تنظيفه. نحن دائما نقوم بتنظيف ما تسببنا فيه"، وهكذا يعتاد على فكرة التنظيف بطريقة أسهل ودون فرض أوامر.
  2. الأطفال يحتاجون إلى فرصة للمساهمة لذلك يجب التعامل معهم بلطف وبسلوك لطيف وجيد. فمثلاً، يمكن الطلب من الأطفال بعمر 4 سنوات بوضع المناديل على الطاولة، ويمكنهم العناية بالحيوان الأليف أيضا، أما الأطفال في سن السادسة أو السابعة فيبدؤون بتنظيف الطاولة وري النباتات وطي الغسيل.
  3. يجب تذكير الأهل أنه لا يوجد طفل يحب القيام بالمهام المنزلية، لذلك يجب التعامل بذكاء والقيام بالواجبات المنزلية وكأنها نشاطات ممتعة وتكون بالمشاركة ليشعر الطفل بالحماس أكثر.
  4. لا تفرضوا أوامركم على الأطفال؛ إنما انتظروا حتى يقول الطفل أريد أن أفعل ذلك بنفسي وأرغب بالمساعدة، فقوموا بتشجيعهم بأنهم أنجزوا المهمة بطريقة مثالية، فهذا حافز مهم بالنسبة لهم.
  5. عدم إصدار الأوامر وجعلهم يفكرون بمهامهم بطريقة صائبة فمثلاً عند الاستيقاظ في الصباح الباكر يمكن السؤال "ما الشيء الذي عليك القيام به للاستعداد للذهاب إلى المدرسة؟".
  6. اعتماد الروتين اليومي والنظام سواء في المهام المنزلية أو في النظافة الشخصية.
  7. تعليم الطفل أن يكون مسؤولاً عن سلوكياته وتصرفاته وأنه يمكنه إصلاحها بنفسه ودون عقاب، فمثلاً يمكنه الاعتذار عما قام به من تصرف سيئ وهذا أفضل بكثير من معاقبته.
  8. ادعم طفلك في دفع ثمن البضائع التالفة، إذا حدث وسكب أو كسر شيئا خلال التسوق.
  9. لا تتسرع في إنقاذ طفلك من موقف صعب.
  10. كن صريحا بشأن المسؤوليات التي تتخذها فإذا أعطيت وعدا لطفلك لا تقدم له أعذارا فيما بعد.
  11. لا تصنف طفلك أبدا بأنه غير مسؤول.
  12. تعليم الطفل على وضع جدول يومي من أجل تنظيم الواجبات المدرسية والمهام المنزلية والنشاطات الترفيهية.
  13. يجب مكافأة الطفل مقابل العمل الذي يقوم به، فهذا يدفعه لتحمل المسؤولية أكثر، ويصبح أكثر وعيا وبأن لديه مصروفه الخاص.
  14. عندما تسوء الأمور نرغب بإلقاء اللوم على أحد ما وهذا يعفينا من المسؤولية، لذلك من المهم جدا عدم القيام بذلك بتاتا.
  15. علم أطفالك -كما قالت أليونور روزفلت- أنه "ليس لديهم اختيار في أن يكونوا أفرادا جيدين فحسب، بل يجب عليهم أن يكونوا كذلك".
    الأطفال في سن السادسة أو السابعة يبدؤون بتنظيف الغبار (بيكسلز)

مهام منزلية وتقدير وامتنان

تقول الأخصائية في علم النفس التربوي نيرمين عزاقير، إن "هنالك شريحة واسعة من الآباء والأمهات لم يعطوا أولادهم التربية الصحيحة التي لها علاقة بالاعتماد على الذات والحس بالمسؤولية وذلك خوفا عليهم أو تدليلا مفرطا لهم. وهذا أمر خاطئ، إذ لا بد من تعويد الطفل سواء كان صبيا أو فتاة بالاعتماد على نفسه ابتداء من عمر الثالثة بما يتناسب مع قدراته ومراقبته وتوجيهه وتعليمه بشكل تدريجي".

وتضيف أن تعود الطفل على تحمل مسؤولياته في المنزل أولا يساعده في بناء شخصية مستقلة على أسس صحيحة وسليمة كما يجعل الطفل أقوى وقادرا على مواجهة المصاعب والمشاكل التي يتعرض لها في المستقبل.

ولهذا فمن الضروري أن يشعر الطفل بأن هناك بعض المهام التي عليه أن ينجزها بنفسه، و"على الأهل القول له إنه المسؤول عن القيام بهذه المهام، مثل ترتيب سريره بعد الاستيقاظ من النوم، ووضع ألعابه في الأماكن المخصصة لها وتناول طعامه بمفرده والمساعدة في بعض أعمال المنزل"، كما تقترح نيرمين عزاقير.

وتؤكد الأخصائية، أهمية توزيع المهام المنزلية أيضا ومن بعدها يجب إظهار التقدير والامتنان للطفل، كما من الضروري منحه حريته الشخصية كاختيار ملابسه وممارسة هوايته المفضلة والألعاب التي يفضلها في وقت فراغه، فليس مقبولاً من الأهل فرض الشروط أو الأوامر من دون السماح له بممارسة النشاط الذي يحبه وبعيدا عن الشعور بالاستقلالية التامة.

وتختم نيرمين بأنه يجب "التركيز في التعامل مع الطفل بلطف وود ومحبة وإلا سيكون الطفل غير متحمس للقيام بأي مهام ويشعر بالنفور وعدم القبول لدرجة أن شخصيته ستكون سلبية في المستقبل".

جداد وجدات يلعبون مع أطفال صغار.
مساعدة الأطفال للمسنين والمحتاجين -كالجد والجدة مثلا- ومؤانستهم يدفع الأطفال للتخلي عن الأنانية (شترستوك)

متى يبدأ تدريب الطفل على تحمل المسؤولية؟

بدورها، تقدم المرشدة التربوية فرح بدران بعض النصائح للأهل والتي تعلب دورا مهما في تعزيز الشعور بتحمل المسؤولية وغرس روح الاحترام وصولا لغرس الثقة في نفس الطفل.

فالطفل المسؤول هو مفتاح للنجاح في المدرسة والحياة العامة والسماح لطفلك بتأدية المسؤوليات على طريقته يشعره بالإنجاز والفخر وتعزيز شعور المسؤولية بداخله.

ويبدأ الطفل بتحمل المسؤولية من عمر 3 سنوات، ففي هذه المرحلة يريد تعلم الاستقلالية واكتشاف الطرق التي تتم بها الأمور ولهذا يجب تشجيعه، وأن لا نستعجله ونجعله يجرب أكثر مرة كي يتعلم ويستقل ويصبح متمكنا من فعل هذه الأمور الحياتية بنفسه، كما تقول فرح بدران للجزيرة نت.

  • مرحلة الروضة من عمر 3 إلى 6 أعوام: يمكن للطفل تقديم المساعدة في الطهي وإعداد وجبات الطعام وتنظيف الطاولة وإزالة الأعشاب الضارة من حديقة المنزل وري الزهور في الحديقة.
  • مرحلة الدراسة الابتدائية من عمر 6 إلى 11 عاما: الأطفال يعملون على الحفاظ على ترتيب ونظافة غرفهم والتخلص من القمامة ورميها في الحاوية وتأدية عدد من المهام في المطبخ مثل مسح الغبار وغسل الصحون وشطف الأرضية، ويمكنهم أيضا غسل ملابسهم وتجفيفها وترتيبها ووضعها في الخزانة، كما يؤدون مهام يراها الأهل مناسبة.
5يجب مشاركة أطفالك في زراعة النباتات و الأزهار وغرس شتلات الأشجار- (بيكسلز).
يجب مشاركة أطفالك في زراعة النباتات والأزهار وحتى غرسها إن أمكن (بيكسلز)

دور المدرسة في تعزيز الشعور بالمسؤولية

وبحسب المرشدة التربوية فرح، فالمدرسة تعلب دورا مهما في تعزيز الشعور بتحمل المسؤولية وغرس روح الاحترام وصولاً لتعزيز الثقة في نفس التلميذ من خلال مناهج معينة تقدم له وتظهر أيضا في الأنشطة المتعلقة في كل مادة سواء كانت بيئية أو تربوية أو غيرها، فالتلميذ عندما يشعر بالمهمة المكلف بها يحس بالمسؤولية أكثر ويسعى جاهدا لإتقانها وإنجازها على أكمل وجه.

وتعتبر فرح أن مكافأة الطفل والثناء عليه مهمان جدا، ومن الضروري عدم معاقبته عند عدم قيامه بالمهام فالهدف هو تعليمه بمحبة ودون ضغط.

نوبات غضب الأطفال
مكافأة الطفل والثناء عليه أمران مهمان جدا فالهدف هو تعليمه بمحبة ودون ضغط (شترستوك)

خطوات لتنمية حس مسؤولية الطفل

وتنصح فرح الأم بأن تكون قدوة لطفلها لأنه يقلدها في الكثير من الأمور وعليها تقديم المساعدة له دون توجيه الأوامر ودون نبرة حادة، وإنما بالمحبة والابتسامة والمشاركة، وتقول للأم "أشعريه (طفلك) بأنه يمكن الاعتماد عليه، فهذا سيعزز شعوره بالثقة بالنفس والشعور بالفخر".

ومن الخطوات الأساسية التي يجب اعتمادها لتنمية حس المسؤولية لدى الطفل:

تعليم الطفل الاعتماد على النفس

وهذا يخص القيام بالواجبات الدراسية والمنزلية ومنها: الاعتماد على نفسه في تناول الطعام وارتداء حذائه وملابسه بنفسه أيضا والاستحمام بمفرده إذا كان عمره 7 سنوات فما فوق.

معرفة قيمة الوقت واحترامه

تعليم الطفل الالتزام بالمواعيد والنظام وتقسيم الوقت ما بين الواجبات الدراسية والترفيهية وممارسة الأنشطة الرياضية وغيرها من الأمور لكي يعتاد على الشعور بالمسؤولية.

تعويد الطفل على مساعدة الآخرين

مساعدة المسنين والمحتاجين مثل الجد والجدة ومؤانستهما ومساعدتهما على الجلوس والسير، فهذا يدفع الطفل للتخلي عن الأنانية.

الابتعاد عن التدليل الزائد

التدليل الزائد يجعل الطفل مستهترا غير قادر على تحمل المسؤولية ومواجهة الحياة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية