الصفائح الجليدية تتراجع بشكل غير مسبوق خلال 20 ألف عام

يعد هذا المعدل هو الأسرع حتى الآن، مما يخالف ما اعتقد العلماء سابقا أنه حدود السرعة القصوى لتراجع الغطاء الجليدي.

Landsat 8 image depicting the highly dynamic SCAR Inlet Ice Shelf, Antarctic Peninsula, and sea ice production offshore. ©NASA/USGS, processed by Dr. Frazer Christie, Scott Polar Research Institute, University of Cambridge
الصفائح الجليدية تتراجع لمسافة تصل إلى 600 متر في اليوم خلال فترات ارتفاع درجة الحرارة (فريزر كريستي-جامعة كامبردج)

وفقا لدراسة حديثة نشرت يوم 5 أبريل/نيسان في دورية "نيتشر" (Nature)، يمكن للصفائح الجليدية أن تتراجع لمسافة تصل إلى 600 متر في اليوم خلال فترات ارتفاع درجة حرارة المناخ، أي 20 مرة أسرع من أعلى معدل تراجع تم قياسه سابقا.

ويعد هذا المعدل هو الأسرع حتى الآن، مما يخالف ما اعتقد العلماء سابقا أنه حدود السرعة القصوى لتراجع الغطاء الجليدي، وهو الاكتشاف الذي قد يلقي الضوء على مدى سرعة ذوبان الجليد في جزيرة غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية، ورفع مستويات سطح البحر عبر العالم، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة.

جليد الشمال الأسرع ذوبانا

لتقدير حجم إسهام الثلاجات والأنهار الجليدية في ارتفاع منسوب سطح البحر عالميا، يراقب الباحثون معدلات تراجع الغطاء الجليدي. وأسفرت المراقبة عن نتيجة مفادها أن القارة القطبية الجنوبية وجزيرة غرينلاند فقدتا معا أكثر من 6.4 تريليونات طن من الجليد منذ تسعينيات القرن الماضي، وذلك أدى إلى ارتفاع مستويات البحار العالمية بما لا يقل عن 17.8 ملم، وهو ما يعني أن الغطاءين الجليديين في المنطقتين المذكورتين مسؤولان عن أكثر من ثلث إجمالي ارتفاع مستوى سطح البحر.

Sentinel-1 image composite depicting the highly fractured and fast-flowing frontal margin of the Thwaites and Crosson ice shelves. Image ©Copernicus EU/ESA, processed by Dr. Frazer Christie, Scott Polar Research Institute, University of Cambridge
القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند فقدتا معا أكثر من 6.4 تريليونات طن من الجليد (فريزر كريستي-جامعة كامبردج)

وأشارت المؤلفة الرئيسة للدراسة كريستين باتشلور، أستاذة الجغرافيا الطبيعية بجامعة نيوكاسل، إلى أن التراجع السريع في الغطاء الجليدي الأوراسي يفوق بكثير الأنهار الجليدية الأسرع حركة التي تمت دراستها في القارة القطبية الجنوبية، والتي سجلت معدلات التراجع بها 160 قدما في اليوم الواحد.

وقالت باتشلور -في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني- إن استمرار الارتفاع في درجات حرارة الهواء والبحار باطراد يمكن أن يجعل تراجع الجليد أمرا من الماضي، وإنما سيتحول الأمر إلى انهيارات جليدية مفاجئة في فترات زمنية قصيرة جدا تكون ضحيتها الأولى الأنهار الجليدية الحديثة التكوين.

أجرى المؤلفون تحليلا لطبقات سابقة من نهرين جليديين رئيسين عبر الجرف الجليدي القاري النرويجي يعود تاريخهما إلى ما بين 15 إلى 19 ألف عام، واستخدموا صورا عالية الدقة لقاع البحر للكشف عن مدى سرعة تراجع صفيحة جليدية سابقة امتدت من النرويج في نهاية العصر الجليدي الأخير، نحو 20 ألف سنة مضت. وقد قام الفريق بحساب معدلات التراجع من خلال دراسة أنماط التلال الجليدية التي تأخذ شكل الأمواج في قاع البحر.

تحذير من الماضي

ووجد الفريق أن معدلات التراجع تراوح بين نحو 55 مترا إلى قرابة 609 أمتار في اليوم، واستمرت المعدلات القصوى للتراجع على مقياس من أيام إلى شهور. ووفقا للباحثة، فإذا تراجع الغطاء الجليدي بحدود 600 متر يوميا لمدة عام، فمن المحتمل ألا يتبقى أي جليد في المستقبل القريب.

Landsat 8 image showing the heavily crevassed front of Thwaites Glacier, West Antarctica, and icebergs and sea ice offshore. ©NASA/USGS, processed by Dr. Frazer Christie, Scott Polar Research Institute, University of Cambridge.
الفريق وجد أن معدلات التراجع تتباين بين نحو 55 مترا إلى قرابة 609 أمتار في اليوم (فريزر كريستي-جامعة كامبردج)

في الماضي كان أحد أسرع معدلات التراجع التي اكتشفت للأنهار الجليدية في نهر ألبابا الجليدي في غرب أنتاركتيكا، وهو نهر جليدي صغير قريب جدا من نهر ثويتس الجليدي الهائل، الملقب "بنهر القيامة الجليدي"، لإسهام ذوبانه الكبير نسبيا في ارتفاع مستوى سطح البحر.

وفي عام 2017 تراجع نهر ألبابا الجليدي بسرعة نحو 32 مترا في اليوم، بناء على حسابات الأقمار الصناعية، وذلك وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert).

وقالت باتشلور إن الدراسة الجديدة تقدم تحذيرا للاعتبار من دروس الماضي بشأن السرعات التي يمكن للصفائح الجليدية أن تتراجع بها. وتظهر النتائج أن حالات التراجع السريع يمكن أن تكون أسرع بكثير من أي شيء رأيناه حتى الآن.

وأشار المؤلفون إلى أن المعلومات عن كيفية تصرف الصفائح الجليدية خلال الفترات الماضية من ارتفاع درجة حرارة المناخ تعدّ مهمة لإثراء عمليات المحاكاة الحاسوبية التي تتنبأ بالغطاء الجليدي وتغير مستوى سطح البحر في المستقبل.

وتظهر الدراسة قيمة الحصول على صور عالية الدقة للمناظر الطبيعية الجليدية المحفوظة في قاع البحر.

المصدر : مواقع إلكترونية + يوريك ألرت