في عدة ثوان فقط.. التقاط جزيئات البلاستيك النانوية من مياه الصنبور بواسطة ملقاط كهروضوئي

العلماء يخشون من تأثير البلاستيك النانوي على صحة الإنسان والبيئة بشكل عام (شترستوك)

يمكن أن تكون جزيئات البلاستيك الدقيقة (حجم الميكرو والنانو) صغيرة جدا لدرجة أنه يتعذر الكشف عنها في البيئة بأدوات التحليل المتاحة، ومؤخرا استخدم فريق بحثي كوري ملقاطا كهروضوئيا قادرا على الكشف عن كميات ضئيلة من جزيئات الميكروبلاستيك الدقيقة والتقاطها من خلال "تشتت رامان" المعزز بالسطح.

ويمكن للطريقة الجديدة التي ابتكرها الباحثون الكوريون، التي نشرت نتائجها في دورية "إيه إس سي نانو" (ACS Nano) يوم 14 فبراير/شباط الماضي، أن تسهم بشكل غير مباشر في تتبع التلوث البلاستيكي وتقليله، مما يساعد في تقليل تأثيره على صحة الإنسان والبيئة وتطبيقه كتقنية تأمين لموارد المياه.

Plastic particles
الكشف عن البلاستيك النانوي ما زال محدودا لأن تركيزه منخفض وحجم جزيئاته صغير (غيتي)

الجزيئات البلاستيكية الدقيقة

الجزيئات البلاستيكية الدقيقة هي مواد بلاستيكية تم التخلص منها من حياتنا اليومية وتدخل في النظم البيئية بمقياس أقل من 1 ميكرومتر بعد تفككها الفيزيائي والكيميائي.

وقد تم العثور على آثار مخلفات بلاستيكية في كل مكان تقريبا، في بحيرات وأنهار الأراضي المنخفضة الكبيرة، وفي مياه الأنهار الجليدية الذائبة وحتى حول جداول جبال الألب. وأظهرت الأبحاث الحديثة أن تركيز الجزيئات البلاستيكية الدقيقة في الأنهار الرئيسية في كوريا الجنوبية هو الأعلى في جميع أنحاء العالم.

ووفقا لتقديرات دراسة أجرتها جامعة نيوكاسل الأسترالية عام 2019 بتكليف من الصندوق العالمي للطبيعة، يصل البلاستيك من البيئة إلى موائدنا، وفي كل أسبوع نتناوله بمعدل 5 غرامات، أي ما يعادل وزن بطاقة ائتمان، ومعظم ما تمتصه أجسامنا من الجزيئات البلاستيكية يتم من خلال استهلاك المياه المعبأة والمحار والملح.

ومن المعتاد قراءة تقارير إخبارية بشكل متكرر في الآونة الأخيرة حول اكتشاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في أكياس الشاي البسيطة أو مياه الشرب، والبلاستيك النانوي (اللدائن النانوية) هو الأسوأ على الإطلاق، إذ يخشى العلماء من تأثيره على صحة الإنسان والبيئة بشكل عام تأثيرا كبيرا.

ويمكن أن تؤثر جزيئات البلاستيك النانوية على صحة الإنسان بطرق مختلفة، فهي قد تخترق الخلايا وتغير الميكروبيوم المعوي، مما قد تكون له آثار على جهاز الغدد الصماء والجهاز المناعي والجهاز العصبي.

ومع ذلك، فإن طرق الكشف عن البلاستيك النانوي ما زالت محدودة لأن تركيزها منخفض وحجمها صغير للغاية. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب عملية الكشف عنها من بضع ساعات إلى أيام، وتحتاج إلى تكاليف كبيرة في أثناء خطوة المعالجة المسبقة لتركيز جزيئات البلاستيك الدقيقة.

Plastic particles Microplastics
نتائج الدراسة الجديدة ذات مغزى كبير في الكشف عن وجود البلاستيك النانوي (غيتي)

التقنية الجديدة

ومن خلال الجمع بين تقنيتين: التقاط الجسيمات النانوية الكهربائية مع "مطياف رامان" في الوقت الفعلي، حقق فريق البحث -بقيادة الدكتور يونغ سانغ ريو في معهد أبحاث الدماغ التابع للمعهد الكوري للعلوم والتكنولوجيا (KIST)- الكشف عن البلاستيك النانوي باستخدام ملاقط كهربائية ضوئية مستندة إلى التحليل الطيفي لرامان، ومعززة بالسطح ثم بالتضخيم اللاحق للإشارات الضوئية، بالإضافة إلى تقليل وقت التراكم.

والتحليل الطيفي لرامان تقنية تستخدم ضوء الليزر لقياس أنماط اهتزاز الجزيئات. ويمكن استخدامها لتحديد أنواع مختلفة من جزيئات البلاستيك بناء على تركيبها الكيميائي. ومع ذلك، فإن هذا التحليل الطيفي تمنعه بعض القيود من الكشف عن البلاستيك النانوي، مثل الحساسية المنخفضة وتحديات تحضير العينة.

وللتغلب على هذه القيود، استخدم الباحثون مطياف رامان المعزز بالسطح، الذي يستخدم الجسيمات النانوية المعدنية لتضخيم إشارة رامان لجزيئات البلاستيك.

وفصل فريق البحث الجسيمات النانوية عن العينة بسهولة عن طريق ظاهرة العزل الكهربائي. وبالتالي، فإن العملية بأكملها -بما في ذلك الجمع والفصل وتحليل الجسيمات النانوية- التي كانت تتطلب يوما واحدا على الأقل في السابق، تم تقليلها بشكل كبير إلى عدة ثوان.

ومن خلال استخدام التقنية الجديدة التي تفصل وتركز جزيئات الميكروبلاستيك النانوية متناهية الصغر مع الجسيمات النانوية المعدنية، استطاع الباحثون الكشف عن جزيئات البلاستيك عبر منصة واحدة في غضون فترة زمنية قصيرة باستخدام الضوء.

وأفاد الباحثون بأن "نتائج هذا البحث ذات مغزى كبير في الكشف عن وجود البلاستيك النانوي في الوقت الفعلي بحساسية فائقة، ويمكن أن يمتد النهج المقترح إلى قياس تركيز البلاستيك الدقيق في موارد المياه المختلفة وتطبيقه كتقنية تأمين لهذه الموارد".

ورغم أن استخدام التقنية الجديدة لا يحل مشكلة التلوث البلاستيكي الذي يتراكم في كل مكان حول العالم، فإنها من الممكن أن تفتح آفاقا جديدة للتعرف على كيفية انتشار المواد البلاستيكية الدقيقة والنانوية في الماء والتربة والكائنات الحية.

المصدر : مواقع إلكترونية