ما "تأثير الجزيرة" الغريب الذي يجعل أنواع الحيوانات أكثر عرضة للانقراض؟

"تأثير الجزيرة" هي قاعدة تصف بالأساس تغير الحيوانات التي تعيش على الجزر، فقد ثبت أن الثدييات والطيور والزواحف وبعض البرمائيات التي تعيش هناك تنمو في الحجم بطرق مختلفة جذريا عن فصيلتها في البر الرئيسي أو القاري.

تنين كومودو الضخم المعرض للانقراض أحد الأمثلة الواضحة على الثدييات الأصغر حجما التي تضاعف حجمها بسبب "تأثير الجزيرة" (بيكسل)
تنين كومودو الضخم المعرض للانقراض أحد الأمثلة الواضحة على الثدييات الأصغر حجما التي تضاعف حجمها بسبب "تأثير الجزيرة" (بيكسلز)

يكشف بحث جديد منشور في مجلة "ساينس" (Science) في التاسع من مارس/آذار الجاري، تم إجراؤه على 1500 نوع من الحيوانات عاشت على مدى 23 مليون سنة، عن سبب نمو الحيوانات التي تعيش في الجزر بشكل مختلف عن تلك التي تعيش في البر الرئيسي، وهو ما يعرف باسم "تأثير الجزيرة" (The Island Effect).

و"تأثير الجزيرة"، وفقا للدراسة الجديدة، هي قاعدة تصف بالأساس كيف تتغير الحيوانات التي تعيش على الجزر، فقد ثبت أن الثدييات والطيور والزواحف وبعض البرمائيات التي تعيش هناك تنمو في الحجم بطرق مختلفة جذريا عن فصيلتها التي في البر الرئيسي أو القاري.

ويشمل ذلك ميل الأنواع ذات الأجسام الكبيرة إلى تقليص حجمها بسبب القيود الغذائية بالجزر بينما تتضخم الأنواع ذات الأجسام الصغيرة بسبب نقص الحيوانات المفترسة هناك. إضافة إلى تعرض بعض الحيوانات للانقراض بسبب الصيد الجائر وتدمير الموائل.

الفيل القزم المنقرض كان بحجم مهر شتلاند (رويترز)
الفيل القزم المنقرض كان بحجم مهر شتلاند (رويترز)

ماذا يحدث على الجزر؟

ركز الباحثون في الدراسة الجديدة على الثدييات التي تعيش في الجزر، ودرسوا 1231 نوعا منها موجودة بالفعل، إضافة إلى 350 نوعا منقرضا على مدى 23 مليون سنة مضت.

وقد وجدوا أن أنواع الثدييات التي تعيش في الجزر وتكون أكبر أو أصغر من نظيراتها القارية أكثر عرضة لخطر الانقراض أو انقرضت بالفعل.

كما وجدت دراسة أخرى منشورة في مجلة نيتشر العلمية، أجريت عام 2021، أن مدى التقزم الحيواني أو العملقة يعتمد جزئيا على حجم الجزيرة وعزلتها. فقد أدت الجزر الأصغر والأكثر بعدا إلى تغيرات أكثر وضوحا في حجم الأنواع.

كما وجدت الدراسة أن عوامل مثل الموارد المحدودة والمساحة كانت سببا رئيسيا لتقليص حجم الحيوانات لأنها تكيفت مع الموائل الأصغر. ومن ناحية أخرى، فإن قلة المنافسة ونقص الحيوانات المفترسة تعمل على تحرير الأنواع صغيرة الحجم من القيود، فيصبح حجمها أكبر من الحجم الطبيعي.

يوجد جاموس صغير الحجم في جزيرة ميندورو الفلبينية يمثل 21% من حجم الجاموس الطبيعي (الفرنسية)

أمثلة لحيوانات "تأثير الجزيرة"

يذكر موقع ساينس ديلي العلمي (Science Daily)، أن القوارض يمكن أن تتضخم إلى 100 ضعف كتلة البر الرئيسي، في المقابل تقلص وزن الماموث "المنقرض" من 9072 كيلوغراما إلى 907 كيلوغرامات.

ووفقا لموقع يورونيوز (EuroNews)، فإنه منذ حوالي 10 آلاف عام، كانت الجزر في البحر الأبيض المتوسط مغطاة بأفراس النهر القزمية والفيلة. حيث تواجه الثدييات الأكبر حجما بعض العقبات، مثل وجود مناطق أقل للبحث عن الغطاء النباتي أو الفرائس مع توفر كميات وأعداد قليلة من كليهما مما يحد من نموها وحجمها النهائي.

يوجد كذلك في جزيرة ميندورو الفلبينية جاموس صغير الحجم يمثل 21% من حجم أقرب نوع من فصيلته في مناطق أخرى. كما أن بعض الجزر تعد موطنا للغزال المرقط الذي يبلغ حجمه 26% من حجم الغزال في البر الرئيسي.

في المقابل، يعتبر طائر الدودو، الحمام العملاق الذي لا يطير في موريشيوس، وتنين كومودو الضخم والمعرض للانقراض، والفئران الضخمة، أمثلة على الثدييات الأصغر حجما التي تضاعف حجمها.

فهي تواجه عددا أقل من الحيوانات المفترسة عموما، كما أنه لا توجد أسباب كثيرة للاختباء أو الفرار، وهذا يؤدي إلى نسخ عملاقة مقارنة بالأنواع الموجودة في البر الرئيسي.

صيد
وصول الناس إلى الجزر رفع من معدلات انقراض الأنواع هناك إلى أكثر من 10 أضعاف (بيكسلز)

خطر الإنسان المفترس

توصلت الدراسة كذلك إلى أن وصول الناس إلى الجزر رفع من معدلات الانقراض أكثر من 10 أضعاف. فقد لعب البشر دورا كبيرا من خلال الصيد وتدمير الموائل وإدخال الأمراض والحيوانات المفترسة الغازية، مما أدى إلى زعزعة استقرار النظم الإيكولوجية للجزر البكر.

تقول كيت ليونز، عالمة الأحياء القديمة والمؤلفة المشاركة في الدراسة من جامعة نبراسكا، "إننا نجد كل الأنواع الغريبة في الجزر التي لا يمكن وجودها في البر الرئيسي".

وأضافت أن هذه الحيوانات تكون ساذجة في تعاملها مع الحيوانات المفترسة الجديدة التي تصل إلى الجزر، وكذا مع البشر، حيث يسهل اصطيادها وقتلها، ولأن الجزر معزولة فسيكون من السهل أن تتعرض هذه الحيوانات إلى الانقراض.

وتقول إنه من خلال ما نعرفه من التاريخ المسجل، فإنه عندما يصل البحارة إلى العديد من الجزر، يصطادون ويأكلون الحيوانات بسهولة ودون مشاكل.

تنين كومودو الضخم المعرض للانقراض أحد الأمثلة الواضحة على الثدييات الأصغر حجما التي تضاعف حجمها بسبب "تأثير الجزيرة" (بيكسل)
الجزر تعد نقاطا مهمة للتنوع البيولوجي إلا أن حوالي 50% منها معرض لخطر الانقراض (بيكسلز)

لماذا تنقرض الحيوانات على الجزر؟

يذكر موقع "إيه بي سي نيوز" (ABC News)، أن الجزر تعد نقاطا مهمة للتنوع البيولوجي، ورغم أنها تغطي أقل من 7% من مساحة اليابسة، فإنها تمثل ما يصل إلى 20% من الأنواع البرية.

تقول ليونز إنه "بسبب تأثير الجزيرة، يمكن العثور على جميع أنواع الحيوانات الغريبة والرائعة في الجزر، التي انقرض العديد منها بالفعل. وتؤوي الجزر نسبة كبيرة من الأنواع المختلفة على هذا الكوكب، إلا أن حوالي 50% منها معرض لخطر الانقراض، إنه أمر محبط للغاية".

وتضم حيوانات الجزر أنواعا مثل أفراس النهر والجواميس والذئاب، وهي تواجه خطرا متزايدا للانقراض، مما يعرض بعضا من أكثر الكائنات الفريدة على الأرض للخطر.

ووفقا لموقع ساينس ديلي العلمي (Science Daily)، فإن حيوانات الجزر تواجه خطر الانقراض الوجودي أكثر من غيرها. فما يقرب من 75% من حالات الانقراض الموثقة على مدى 500 عام مضت حدثت على بقع من الأرض محاطة بالمياه. كما أن حوالي نصف أنواع الحيوانات المدرجة الآن من قبل الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة على أنها مهددة بالانقراض تعيش في الجزر أيضا.

المصدر : مواقع إلكترونية