الكربون النانوي.. محفز أقل تكلفة وأكثر استدامة لإنتاج الهيدروجين الأخضر

وفقا للطريقة التقليدية، فإنه يتم الحصول على الهيدروجين عبر التحليل الكهربائي للماء، وتتم عادة هذه العملية بواسطة استعمال مادة محفزة تضاف بكميات قليلة إلى التفاعل الكيميائي بهدف تسريعه وتوفير الطاقة اللازمة لتقسيم الماء إلى أكسجين وهيدروجين.

وخلافا لأنواع المحفزات المعدنية التي يتم استخدامها في إنتاج وقود الهيدروجين، توصل فريق من الباحثين في جامعة "سوري" البريطانية إلى اكتشاف نوع من المحفزات الخالية من المعادن تقوم بتحويل مباشر للميثان إلى هيدروجين بدلا من تقسيم الماء.

ومن المتوقع أن يسهم هذا الاكتشاف في تطوير تقنيات إنتاج الهيدروجين الفعالة من حيث التكلفة والاستدامة، ويمكن أن تجعله وقودا بديلا عن الوقود الأحفوري التقليدي.

وقود الهيدروجين

ووفقا لما ورد في البيان الصحفي الصادر عن الجامعة، فإن وقود الهيدروجين -أو ما يعرف بالهيدروجين الأخضر- يعد مصدرا مهما من مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة التي تمتلك القدرة على تقليل انبعاثات الكربون من ناحية، وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التي يتم إنتاجها باستخدام الوقود الأحفوري من ناحية أخرى.

ويتم استخدام الهيدروجين المنتج وقودا في خلايا تعرف بخلايا الوقود الهيدروجينية لتشغيل المركبات وتوليد الكهرباء وتدفئة المباني.

وأضاف البيان أن من أبرز مزايا الطاقة المنتجة من الهيدروجين أن المنتج الثانوي الوحيد لوقود الهيدروجين هو بخار الماء، وليس ثاني أكسيد الكربون؛ مما يجعله وقودا صديقا للبيئة وبديلا عن مصادر الوقود الأحفوري.

ورغم الأهمية البيئية لاستخدام وقود الهيدروجين، فإن عملية إنتاجه ما زالت تعتمد على الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى انبعاثات كربونية في عملية إنتاجه، حيث إن العملية التقليدية لإنتاج الهيدروجين تتطلب طاقة تأتي من حرق الوقود الأحفوري -مثل الغاز الطبيعي- مما يعني أن الهيدروجين في هذه الحالة أخضر من الجانب الاستهلاكي فقط، لكنه يتسبب من جانب الإنتاج في تأثير بيئي سلبي كبير.

وانطلاقا من كل ذلك؛ يعد تطوير طرق إنتاج الهيدروجين والمواد التحفيزية المستدامة أمرا بالغ الأهمية لتحقيق الإمكانات الكاملة لوقود الهيدروجين كمصدر للطاقة النظيفة.

استخدام الكربون النانوي

حسب الدراسة التي نشرتها دورية الجمعية الكيميائية الأميركية "إيه سي إس أبلايد ماتيريلز آند انترفيسز" (ACS Applied  Materials & Interfaces)، فقد تم في هذا الاكتشاف استخدام الكربون النانوي بوصفه محفزا في عملية إنتاج وقود الهيدروجين.

وأظهرت الدراسة نتائج واعدة لاستخدام الكربونات النانوية كمحفزات خالية من المعادن لتحويل الميثان إلى هيدروجين، كما أظهرت أن مركبات الكربون النانوية قدمت أعلى مستوى من الأداء لإنتاج الهيدروجين في درجات حرارة عالية.

ومن ناحية أخرى، وجد الباحثون أن الكربونات النانوية المشبعة بالنيتروجين والفوسفور لديها مقاومة قوية لتوازن الكربون، ويقول الفريق إنها مشكلة شائعة مع المحفزات في هذه العملية.

لكن -وحسب الدراسة- فقد تم تحقيق تقدم كبير من خلال اعتماد الغرافين ومركبات الكربون النانوية الأخرى كركائز في صنع المحفزات.

فعلى سبيل المثال، تم الاعتماد في هذه الدراسة على تصميم وتوليف الأنابيب النانوية الكربونية بالاعتماد على مواد نانوية نشطة مزدوجة بواسطة مواد الكربون المسامية، التي تعرف اختصارا بـ"إن-دوبد" (N-doped)، وهي عبارة عن مواد متعددة الاستخدامات مع مجموعة واسعة من التطبيقات بما في ذلك أجهزة الاستشعار والمشغلات والعزل الحراري وتحويل الطاقة. ومن أمثلة مواد الكربون المسامية الغرافين والغرافيت والأنابيب النانوية الكربونية.

تغيير قواعد اللعبة

ويقول الباحث المشارك في الدراسة نوبي إجزافيه جونيور، من جامعة سوري، "تشير نتائجنا إلى أن استخدام الكربون النانوي بوصفه محفزا يمكن أن يغير قواعد اللعبة في صناعة الهيدروجين، حيث يقدم بديلا فعالا من حيث التكلفة والاستدامة للمحفزات المعدنية التقليدية، وفي الوقت نفسه تتخلص هذه العملية من الميثان الذي يعد وقودا أحفوريا متورطا في ظاهرة الاحتباس الحراري".

من جهته، يقول رئيس الفريق البحثي الدكتور ماركو ساكي -من جامعة سوري، وهو خبير في مجال الطاقة المستدامة والكيمياء الحاسوبية- "أحد أكبر التحديات التي تواجه محفزات إنتاج الهيدروجين أنها يمكن أن تتسمم بالكربون، لكن دراستنا وجدت أن الكربون النانوي المشبع بالفوسفور والنيتروجين مقاوم جدا لهذه المشكلة؛ وبالتالي تعد هذه خطوة كبيرة إلى الأمام لإنتاج الهيدروجين المستدام".