ابتكار مادة بناء تغير لونها وحرارتها لتوفير الطاقة وتقليل الانبعاثات

المادة الجديدة تعد إحدى الوسائل الممكنة لمواجهة تأثيرات تغير المناخ وخفض انبعاثات الكربون في قطاع الطاقة (شترستوك)

يمثل تشغيل المباني وتدفئتها 30% من الاستهلاك العالمي للطاقة و27% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في قطاع الطاقة، وتسهم التدفئة والتبريد الداخليان إسهاما رئيسًا في ذلك.

ويمكن لمواد البناء الذكية التي تمكن السكان من تعديل الانبعاث الحراري للمبنى ديناميكيا، استجابة للتغيرات الموسمية أو بين الليل والنهار، زيادة كفاءة الطاقة بدرجة كبيرة، وفقا لدراسة جديدة.

وفي الدراسة التي نشرت يوم 26 يناير/كانون الثاني الماضي في دورية "Nature Sustainability"، صمم باحثون في كلية "بريتزكر" للهندسة الجزيئية (PME) بجامعة شيكاغو (University of Chicago) الأميركية مادة بناء تغير لون الأشعة تحت الحمراء وكمية الحرارة التي تمتصها أو تنبعث منها بناء على درجة الحرارة الخارجية للمبنى.

فعلى سبيل المثال، تستطيع مادة البناء المبتكرة أن تطلق ما يصل إلى 92% من حرارة الأشعة تحت الحمراء التي تحتوي عليها في الأيام الحارة، وذلك يساعد على تبريد الجزء الداخلي من المبنى. أما في الأيام الباردة فتطلق هذه المادة 7% فقط من الأشعة تحت الحمراء الكامنة داخلها، مما يساعد على إبقاء المبنى دافئا.

هذا النوع من المواد الذكية يتيح الفرصة للحفاظ على درجة حرارة المبنى من دون كميات هائلة من الطاقة (شترستوك)

مادة ذات استهلاك منخفض للطاقة

وقال المؤلف المشارك في الدراسة فينكاتاسوبرامانيان فيسواناثان أستاذ الهندسة الميكانيكية المشارك في جامعة كارنيجي ميلون "نحن هنا نطور تصميما "كهروكروميا" مرنا لاستخدامه في تغليف المباني، يعتمد على القطب الكهربي الموصل الشفاف العريض النطاق من الجرافين والترسيب الكهربائي للنحاس القابل للانعكاس".

وأضاف للجزيرة نت أن نماذج محاكاة طاقة المباني أظهرت أن التصميم المقترح يمكن أن يوفر في استهلاك الطاقة التشغيلية على مدار العام في جميع أنحاء الولايات المتحدة بما يصل إلى 43.1 ميغابايتا في المتوسط في مناطق محددة، كما يمكن أن تعمل هذه التقنية كحل تقني غير مدمر لتعديل المباني التاريخية أو المعزولة بشكل سيئ.

وصمم الفريق مادة البناء لتكون غير قابلة للاشتعال، حيث تحتوي على طبقة يمكن أن تتخذ شكلين: النحاس الصلب الذي يحتفظ بمعظم حرارة الأشعة تحت الحمراء، أو محلول مائي تنبعث منه الأشعة تحت الحمراء.

وفي أي درجة حرارة تشغيل مختارة، يمكن للجهاز استخدام كمية ضئيلة من الكهرباء تساعده على التحول الكيميائي بين الحالات؛ إما عن طريق ترسيب النحاس في غشاء رقيق، أو إزالة هذا النحاس. ويتيح هذا النوع من المواد الذكية فرصة الحفاظ على درجة الحرارة في المبنى من دون كميات هائلة من الطاقة.

تشغيل المباني وتدفئتها يمثل نسبة 30% من الاستهلاك العالمي للطاقة و27% من إجمالي الانبعاثات (شترستوك)

مواجهة تغير المناخ

تتطلب بعض المناخات تدفئة على مدار العام مثل بلدان وسط وشمال أوروبا، أو تكييف هواء على مدار العام مثل بلدان الخليج العربي وبلدان النطاقات الصحراوية. ولأن الاحترار العالمي يتسبب في تواتر وقوع أحداث مناخية متطرفة على نحو متزايد وطقس متغير، فهناك حاجة إلى أن تكون المباني قادرة على التكيف.

ويقول المؤلفون في البيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert) إن الطريقة المقترحة تعد إحدى الوسائل الممكنة لمواجهة تأثيرات تغير المناخ وخفض انبعاثات الكربون في قطاع الطاقة.

وحتى الآن، ابتكر معدّو الدراسة فقط قطعا من المواد يبلغ قطرها نحو 6 سنتيمترات. ومع ذلك، فإنهم يتوقعون أن العديد من هذه القطع الصغيرة يمكن تجميعها معا مثل الألواح في صفائح أكبر. ويقولون إن المادة يمكن أيضا تعديلها لاستخدام ألوان مخصصة مختلفة من دون التأثير في قدرتها على امتصاص الأشعة تحت الحمراء.

ويدرس الباحثون الآن طرائق مختلفة لتصنيع المادة، كما يخططون أيضا لاستكشاف كيف يمكن أن تكون الحالات الوسيطة للمادة مفيدة في غرض الدراسة نفسه.

المصدر : مواقع إلكترونية + يوريك ألرت