خفض الانبعاثات وحده لا يكفي.. هذا ما خلص إليه تقرير حديث من جامعة أكسفورد

يفيد تقرير حديث صادر عن فريق من خبراء المناخ بجامعة أكسفورد بأن إزالة ثاني أكسيد الكربون أمر ضروري، إلى جانب خفض الانبعاثات، للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، فما إزالة ثاني أكسيد الكربون؟

جدوى احتجاز وإزالة ثاني أكسيد الكربون وخفض الانبعاثات
عمل على التقرير أكثر من 20 خبيرا عالميا في إزالة ثاني أكسيد الكربون (شترستوك)

يضعنا التغير المناخي في موقف يحتم علينا ألا نترك دربا للحد من ظاهرة الاحترار العالمي من دون أن نسلكه. فمع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، يتفق العلماء على أن إزالة ثاني أكسيد الكربون (CDR) أمر بالغ الأهمية لتحقيق هدف اتفاق باريس المتمثل في وضع حد لظاهرة الاحتباس الحراري كي يقل عن درجتين مئويتين.

وحذر أول تقرير عالمي لتقييم جهود إزالة ثاني أكسيد الكربون -صدر يناير/كانون الثاني الجاري عن جامعة أكسفورد- من أن وضع حد للاحتباس الحراري عند مستويات مناسبة للعيش سيكون مستحيلا من دون زيادة كبيرة في إزالة غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يتسبب في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض من غلافنا الجوي.

وفي ظل فشل خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري -التي تبلغ ما يقرب من 60 مليار طن سنويا- ينصح الفريق البحثي الذي أخرج التقرير باتباع ملف كامل وإجراءات شاملة حتى نصل سريعا إلى صافي صفر انبعاثات بدلا من التركيز على خيار واحد.

في بيان صحفي صادر عن جامعة أكسفورد، يقول المؤلف الرئيسي للتقرير ستيف سميث، المدير التنفيذي لمبادرة "أكسفورد نت زيرو" ومدير ومركز الأبحاث الوطني لإزالة الغازات الدفيئة في المملكة المتحدة: "للحد من الاحترار إلى درجتين مئويتين أو أقل، نحتاج لتسريع خفض الانبعاثات، إلى جانب زيادة إزالة الكربون، من خلال استعادة وتعزيز النظم البيئية وتوسيع نطاق أساليب إزالة الكربون الجديدة بسرعة".

جدوى احتجاز وإزالة ثاني أكسيد الكربون وخفض الانبعاثات
هناك حاجة إلى مزيد من التمويل والدعم لتقنيات إزالة ثاني أكسيد الكربون (شترستوك)

إزالة ثاني أكسيد الكربون واحتجازه

عند الحديث عن التخلص من الكربون، يتكرر مصطلح "إزالة ثاني أكسيد الكربون" ومصطلح "احتجاز الكربون".

يشير مصطلح إزالة ثاني أكسيد الكربون (CDR) إلى إزالة هذا الغاز من الهواء أو المحيطات، بينما "احتجاز الكربون" يعني التقاط انبعاثات الكربون من مصادر محددة مثل محطات الوقود الأحفوري والصناعة وعزلها تحت الأرض في ما تعرف بـ"بالوعات ثاني أكسيد الكربون".

وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (‎IPCC)‏، فإن إزالة ثاني أكسيد الكربون تعني الأنشطة البشرية لإزالة هذا الغاز من الغلاف الجوي وتخزينه بصورة دائمة في الخزانات الجيولوجية أو الأرضية أو المحيطية أو في بعض المنتجات القابلة للاستخدام.

وتشمل إزالة ثاني أكسيد الكربون التعزيزات البشرية الحالية والمحتملة لأحواض ثاني أكسيد الكربون البيولوجية أو الجيوكيميائية والتقاطه وتخزينه من الهواء مباشرة (DACCS)، لكنها تستبعد امتصاص ثاني أكسيد الكربون الطبيعي غير الناجم عن الأنشطة البشرية بشكل مباشر.

وتستعرض المقالة المراجِعة، التي أعدها فريق خبراء المناخ في أكسفورد، ونشرت في دورية "فرونتيرز إن كلايمت" (Frontiers in Climate) بتاريخ 19 يناير/كانون الثاني الحالي، آليات إزالة ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم وتركز على أسعارها وحجمها.

وتشير المقالة إلى أن هناك عديدا من التقنيات في المراحل الأولى من التطوير وتتطلب المزيد من الدعم، ويشدد الباحثون على عدم الاعتماد على سبيل واحد لتحقيق أهداف معاهدة باريس.

Smoking pipes of thermal power plant against blue sky
إزالة ثاني أكسيد الكربون ليست بديلا عن خفض الانبعاثات، على الرغم من الحاجة إلى زيادتها (شترستوك)

أساليب إزالة ثاني أكسيد الكربون

يمكن تصنيف طرق وأساليب إزالة الكربون إلى طريقتين أساسيتين، الأولى تعتمد على تعزيز قدرة الطبيعة على امتصاص الكربون وتخزينه، مثل استعادة غابات المانجروف، وعلاج الغابات المتدهورة، وزراعة الأشجار على نطاق واسع، وزيادة امتصاص الكربون في الصخور أو المحيطات.

أما الطريقة الثانية، فهي الالتقاط المباشر من الهواء، وتستخدم العمليات الكيميائية لنزع ثاني أكسيد الكربون، ثم إعادة تدويره للاستخدام الصناعي أو حبسه بعيدا في التكوينات الصخرية المسامية أو طبقات الفحم غير المستخدمة أو طبقات المياه الجوفية المالحة.

كما يمكن أن يجتمع كلا النهجين في تقنية واحدة، مثل الطاقة الحيوية المصحوبة باحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه (BECCS)، وهي تقنية مطبقة في منشآت الطاقة الحيوية، وتستخدم المواد العضوية مثل الخشب لإنتاج طاقة حيوية مثل الوقود الحيوي المستخدم لتشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء على سبيل المثال.

ويتم التخلص من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من تلك العملية عن طريق امتصاص النباتات له أو تخزينه تحت الأرض.

جدوى احتجاز وإزالة ثاني أكسيد الكربون وخفض الانبعاثات
نحتاج إلى نمو سريع في استخدام تقنيات إزالة الكربون بمعدل يقارب 1300 مرة في المتوسط بحلول 2050 (شترستوك)

حل واحد لا يكفي

تمتلك بعض أساليب إزالة الكربون شعبية قوية مقارنة بغيرها، مثل عملية التشجير، التي لاقت إقبالا واسعا، خاصة بعدما أكدت دراسة نشرت عام 2019 أنه يمكن خفض فائض ثاني أكسيد الكربون عن طريق زراعة تريليون شجرة، الأمر الذي جعل شركات الغاز والنفط تضع عمليات التشجير عنصرا أساسيا في جهودها للتوافق مع أهداف معاهدة باريس، في حين أن الخبراء انتقدوا الفكرة بشدة، وأشاروا إلى أن الأمر سيتطلب تحويل ضعف مساحة الهند إلى مزارع أشجار.

وأفاد التقرير الصادر عن جامعة أكسفورد بأن معظم جهود إزالة الكربون تتم حاليا من خلال طرق الإزالة التقليدية على الأرض -بشكل أساسي عن طريق زراعة الأشجار وإدارة التربة- بينما التقنيات الحديثة لإزالة الكربون مثل الالتقاط المباشر من الهواء، والطاقة الحيوية المصحوبة باحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، تشكل جزءا صغيرا فقط (0.1% تقريبا) من جهود الإزالة، في حين أننا نحتاج إلى نمو سريع في استخدام هذه التقنيات الجديدة بمعدل يقارب 1300 مرة في المتوسط بحلول 2050.

ويشدد الباحثون على أن إزالة ثاني أكسيد الكربون ليست حلا سحريا ولا تقلل من الحاجة إلى إجراء خفض كبير في الانبعاثات، كما يمكن الحد من اعتمادنا على إزالة ثاني أكسيد الكربون عن طريق تقليل الانبعاثات بسرعة واستخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة، وفق بيان جامعة أكسفورد.

المصدر : مواقع إلكترونية