خبراء يحذرون من مخاطر غبار الجسيمات الدقيقة للبلاستيك في الغلاف الجوي

جسيمات البلاستيك الدقيقة تنتقل إلى المحيطات عبر الجو (شترستوك)
25 مليون طن من جسيمات البلاستيك الدقيقة تنتقل إلى المحيطات عبر الجو (شترستوك)

أظهرت دراسة جديدة قام بها فريق دولي من الخبراء أن "غبار" البلاستيك في الغلاف الجوي يسهم بنسبة كبيرة في تلويث البحار والمحيطات، ودعا الفريق إلى إنشاء شبكة مراقبة لرصد تأثير التلوث البلاستيكي المحمول جوا فوق المحيطات، مؤكدا أن الرياح يمكن أن تحمل الجسيمات إلى بعض أبعد زوايا الأرض بشكل أسرع من تيارات المحيطات أو الأنهار.

وحسب الدراسة المنشورة مؤخرا في دورية "نيتشر رفيوز إيرث آند إنفيرونمت جورنال" (Nature Reviews Earth & Environment Journal)، فإن الجسيمات الصغيرة والنانوية للبلاستيك منتشرة في كل مكان حول الأرض في التربة والمحيطات والغلاف الجوي كذلك، وهي متواجدة في أقصى الأماكن التي ظلت إلى حد الآن بعيدة نسبيا عن تأثير النشاط البشري مثل مناطق القطبين الشمالي والجنوبي.

جسيمات بلاستيك دقيقة (اللون الأزرق) تحت المجهر (جامعة كورنيل)
جسيمات بلاستيكية دقيقة (اللون الأزرق) تحت المجهر (جامعة كورنيل)

كيف تدخل جزيئات البلاستيك إلى الغلاف الجوي؟

ينتج العالم أكثر من 300 مليون طن من البلاستيك سنويا، وفقا للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، ويوظف نصف هذه الكمية تقريبا في صناعة أغراض تستخدم مرة واحدة مثل أكياس التسوق والأكواب.

وتحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية الشمسية والرياح والتيارات والعوامل الطبيعية الأخرى، ينقسم البلاستيك إلى جزيئات صغيرة تسمى اللدائن الدقيقة، وهي عبارة عن جزيئات لا يزيد حجمها على 5 مليمترات، وأخرى مجهرية تسمى البلاستيك النانوي بحجم أقل من 100 نانومتر (1 نانومتر يساوي جزءا من مليار جزء من المتر). ويسهل حجمها الصغير انتشارها في الغلاف الجوي وانتقالها بواسطة الرياح إلى جميع المناطق في العالم تقريبا.

ويقدر فريق الخبراء -المكون من 33 عضوا- حسب بيان صحفي لمعهد بوتسدام لدراسات الاستدامة المتقدمة الألماني بأنه يتم نقل ما يصل إلى 25 مليون طن من البلاستيك الدقيق والنانوي كل عام عبر الغلاف الجوي، هذا إضافة إلى كميات كبيرة من الجسيمات التي يتم نقلها أيضا عبر البيئة البحرية، إذ يشكل رذاذ البحر والرياح والأمواج على الشواطئ الملوثة فقاعات هواء في الماء تغلف اللدائن الدقيقة.

ويتم إطلاق هذه الجسيمات لاحقا في الغلاف الجوي عندما تنفجر الفقاعات؛ لذلك يعتقد المؤلفون أن نقل المواد البلاستيكية الدقيقة إلى المناطق النائية والقطبية ناتج عن مزيج من النقل الجوي والبحري.

الهواء وسيط أكثر ديناميكية في نقل الجسيمات الدقيقة للبلاستيك (جامعة يوتاه)

تداعيات على البيئة والإنسان

وتشير نتائج الدراسة إلى أن الهواء وسيط أكثر ديناميكية من الماء؛ مما يسهل نقل المواد البلاستيكية الدقيقة والنانوية إلى مناطق على الكوكب ظلت -نسبيا- بمنأى عن تأثيرات النشاط البشري، كما أن جسيمات البلاستيك الدقيقة يمكن أن تؤثر على المناخ وعلى صحة النظم البيئية؛ إذ يؤدي ترسب جزيئات داكنة على الثلج والجليد -على سبيل المثال- إلى التقليل من انعكاس الإشعاع الشمسي، ويسبب بالتالي ذوبان الثلج والجليد.

وتمتص أسطح المحيطات الداكنة بدورها المزيد من الطاقة الشمسية، مما يزيد من تسخين المحيطات. ويمكن أن تعمل جزيئات اللدائن الدقيقة الموجودة في الغلاف الجوي أيضا كنواة تكثيف لبخار الماء، مما يؤثر على تكوين السحب، وعلى المناخ على المدى الطويل.

ويؤثر وجود اللدائن الدقيقة والنانوية في الهواء أيضا على صحة الإنسان؛ ففي دراسة بريطانية حديثة تم اكتشاف جزيئات بلاستيكية دقيقة داخل الرئتين لدى 11 من بين كل 13 شخصا حيا.

يقترح الخبراء إرساء نظام لمراقبة لجسيمات البلاستيك في الجو (بيكسلز)
الخبراء يقترحون إرساء نظام لمراقبة جسيمات البلاستيك في الجو (بيكسلز)

إستراتيجية مراقبة

كل هذه التداعيات تجعل من المهم -حسب الباحثين- فهم التفاعلات بين الغلاف الجوي والمحيطات من أجل تحديد حجم وكمية جزيئات البلاستيك الدقيقة المنقولة بهذه الوسائل.

لذلك قام فريق الباحثين في هذه الدراسة -الذي ضم خبراء في الغلاف الجوي وعلوم المحيطات والتلوث البلاستيكي- بوضع إستراتيجية لتحديد الاتجاهات المستقبلية لدورة البلاستيك العالمية والبحرية.

وتقوم هذه الإستراتيجية -حسب بيان صحفي لجامعة "ستراتكلايد في غلاسكو"- على إنشاء منظومة علمية توفر مجموعة بيانات متماسكة وقابلة للمقارنة من شأنها أن تمكن من مراقبة تركيز الجسيمات البلاستيكية الدقيقة والنانوية في الغلاف الجوي.

وستمكننا الإستراتيجية المقترحة -وفقا للخبراء- فضلا عن تحديد كمية التدفقات البلاستيكية الدقيقة والنانوية في المحيطات والغلاف الجوي؛ من المساعدة في الوقاية من مخاطرها وتوفير إدارة أكثر فعالية للتلوث البلاستيكي.

المصدر : مواقع إلكترونية