دراسة دولية حديثة: الرعي الجائر يهدد المراعي في الأراضي الجافة

تختلف آثار الرعي، وخاصة الرعي الجائر، حسب كل منطقة، لذلك من المهم مراعاة الظروف المحلية ونوع وعدد الماشية والحيوانات العاشبة البرية في المرعى

الرعي يمكن أن تكون له آثار إيجابية على النظام البيئي لا سيما في المراعي الغنية (شترستوك)

أشارت دراسة جديدة إلى نتائج أول تقييم ميداني عالمي للتأثيرات البيئية للرعي في الأراضي الجافة حول العالم، حيث وجد فريق بحثي دولي أن الرعي يمكن أن تكون له آثار إيجابية على خدمات النظام البيئي، لا سيما في المراعي الغنية بالأنواع الحيوانية والنباتية، لكن هذه الآثار تتحول إلى سلبية في ظل مناخ أكثر دفئا.

تظهر نتائج الدراسة التي قام بها فريق دولي، ونشرت يوم الخميس 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في دورية "ساينس" (Science) أن رعي الماشية والحيوانات العاشبة البرية في الأراضي الجافة يمكن أن تكون له آثار إيجابية على النظام البيئي، لكن هذه الآثار يمكن أن تصبح سلبية مع ارتفاع درجة حرارة الأرض.

الرعي يحافظ على سبيل عيش الملايين من الناس ويرتبط ارتباطا وثيقا بالعديد من أهداف التنمية المستدامة (شترستوك)

سبيل عيش للملايين

يعد الرعي أحد الاستخدامات الأساسية للأراضي، إذ يحافظ على سبيل عيش الملايين من الناس ويرتبط ارتباطا وثيقا بالعديد من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. والرعي مهم بشكل خاص في الأراضي الجافة، التي تغطي حوالي 41% من سطح الأرض -ومنها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- وتستضيف واحدا من كل 3 أشخاص يسكنون كوكبنا وأكثر من 50% من جميع الماشية الموجودة على الأرض.

وتبلغ القيمة الاقتصادية لمهنة الرعي قرابة تريليون دولار أميركي، وهي مهنة ذات أهمية كبيرة بشكل خاص في الأراضي الجافة والقاحلة، التي تغطي حوالي 41% من سطح الأرض وتدعم نصف الثروة الحيوانية في العالم. وتعتبر الثروة الحيوانية ضرورية للغذاء والمأوى ومصدرا لرأس المال، لكن تغير المناخ يهدد الإنتاج الحيواني وسبل عيش مليارات البشر في جميع أنحاء العالم.

وتشمل عناصر النظام البيئي المتأثرة بالرعي قدرة التربة على زراعة النباتات، وامتصاص المواد العضوية وإتاحتها للنباتات، وتخزين الكربون، وتكوين تربة خصبة، وتنظيم إمدادات المياه.

ووجد الباحثون أن الضغط البيئي الناجم عن الرعي الجائر أمر بالغ الأهمية لقيادة جميع خدمات النظام البيئي، لا سيما لتخزين الكربون، وتحلل المواد العضوية، وخصوبة التربة، وجودة وكمية العلف المنتج.

الفريق أجرى مسحا عالميا فريدا لـ326 أرضا جافة في 25 دولة (مواقع إلكترونية)

مراعاة الظروف المحلية

يقول فرناندو تي مايستري، من مختبر البيئة الجافة والتغيير العالمي في جامعة أليكانتي الإسبانية، والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن للرعي آثارًا إيجابية على خدمات النظام البيئي، لا سيما في النظم البيئية الغنية بالأنواع، لكن هذه الآثار الإيجابية تتحول إلى سلبية في ظل مناخ أكثر دفئا.

وقد "أجرى الفريق مسحا عالميا فريدا لـ326 أرضا جافة في 25 دولة، وجمعوا معلومات عن النباتات والتربة في مواقع يتراوح مستوى ضغط الرعي فيها من المنخفض إلى المرتفع. بعض المواقع ليس بها رعي، والبعض الآخر بها كثافة عالية من الأغنام والماشية. وكانت الحيوانات العاشبة البرية ترعى في البعض الآخر مثل الحمار الوحشي في أفريقيا واللاما في تشيلي"، كما يوضح مايستري في تصريح للجزيرة.

ووجد الباحثون أن العلاقات بين المناخ وظروف التربة والتنوع البيولوجي وخدمات النظام البيئي تعتمد على مستوى ضغط الرعي. كما تباينت استجابات بعض خدمات النظام البيئي للمناخ باختلاف ضغط الرعي المحلي، على سبيل المثال، انخفض مخزون الكربون في التربة وزاد تآكلها مع ارتفاع درجة حرارة المناخ، ولكن تحت ظروف الضغط المرتفع للرعي فقط.

لا يوجد معيار واحد يناسب جميع الأراضي عندما يتعلق الأمر بالرعي في الأراضي الجافة (شترستوك)

وتشير هذه النتائج إلى أن استجابة الأراضي الجافة لتغير المناخ المستمر قد تعتمد على كيفية إدارتنا لها محليا مع ارتفاع درجة حرارة المناخ، وفقا للبيان الصحفي للدراسة الصادر عن جامعة لشبونة (University of Lisbon) البرتغالية والمنشور على موقع "يوريك ألرت" (Eurek Alert).

كما وجد الفريق أن أي آثار إيجابية لزيادة ضغط الرعي في الأراضي الجافة الباردة مع انخفاض هطول الأمطار الموسمية وتنوع نباتي أكبر، تقابلها تأثيرات سلبية في الأراضي الجافة الأكثر سخونة، مع هطول الأمطار الموسمية العالية وتنوع النباتات المنخفض.

ويوضح المؤلف الرئيسي للدراسة أنه لا يوجد معيار واحد يناسب جميع الأراضي عندما يتعلق الأمر بالرعي في الأراضي الجافة، إذ ستختلف آثار الرعي، وخاصة الرعي الجائر، حسب كل منطقة، لذلك من المهم مراعاة الظروف المحلية ونوع وعدد الماشية والحيوانات العاشبة البرية في المرعى.

المصدر : مواقع إلكترونية + يوريك ألرت