ما الرموز غير القابلة للاستبدال؟ ولماذا يتجاوز سعرها ملايين الدولارات؟

أصبحت الرموز غير القابلة للاستبدال وجهة الكثير من المستثمرين.
الرموز غير القابلة للاستبدال تعد تقنية فعالة لإثبات من هو مالك المنتج الرقمي (شترستوك)

تساءلت تانفي البالغة من العمر 16 عاما من الهند عن الغرض من ابتكار "الرموز غير القابلة للاستبدال" (non-fungible token)، وما الذي يجعل ثمن بعضها باهظا للغاية؟

وفي مقاله الذي نشره موقع "ذا كونفرسيشن" (theconversation) الأسترالي، قال الكاتب فرانسيسك رودريغيز تو إن الرموز غير القابلة للاستبدال تعدّ تقنية فعالة لإثبات من هو مالك المنتج الرقمي، الذي قد يكون أغنية أو صورة أو مقطع فيديو أو تغريدة أو حتى قطعة أرض رقمية في لعبة عبر الإنترنت في العالم الافتراضي.

في الآونة الأخيرة، بيعت قطعة أرض رقمية في عالم افتراضي مقابل 6 آلاف دولار أميركي. وقد كان المستخدمون حريصين جدًا على شرائها لدرجة أنهم دفعوا آلاف الدولارات رسوما لإتمام المعاملة.

أوضح الكاتب أن الرموز غير القابلة للاستبدال هي أي شيء غير قابل للاستبدال ولا يمكن استبداله بشيء ذي قيمة مماثلة. فعلى سبيل المثال، تعتبر العملات الحقيقية من الأشياء القابلة للاستبدال مثل الجنيه الإسترليني وغيرها من العملات. في المقابل، تعد اللوحات من الأشياء غير القابلة للاستبدال لأنه لا يمكن نسخها. فإذا اشتريت لوحة يمكنك أن تعلقها في غرفة نومك، وستكون ملكك وحدك، مما يعني أنه لن يمتلك أي شخص آخر اللوحة نفسها.

امتلاك محتوى في العالم الرقمي أمر صعب للغاية لأنه يمكن نسخه بكل سهولة. فعلى سبيل المثال، إذا وجدت صورة أعجبتك عبر الإنترنت، فيمكنك النقر على زر الفأرة الأيمن فوقها وحفظها في جهاز حاسبوك الخاص واستخدامها كخلفية شاشة إذا كنت تريد ذلك.

أما إذا اشتريت رمزًا غير قابل للاستبدال للوحة رقمية من الشخص الذي صنعها، فسيتم الاحتفاظ بسجل عملية الشراء في "البلوك تشين" (Blockchain)، التي تعد بمثابة قاعدة بيانات عملاقة يكاد يكون من المستحيل تغييرها. بمجرد أن تحتفظ البلوك تشين بسجل للمعاملة، فإنها تظل موجودة هناك إلى الأبد. ويمكن للجميع رؤية أنك اشتريت ذلك الرمز غير القابل للاستبدال، وهذا يثبت أنك المالك الوحيد للرمز الرقمي.

قيمة عالية

ولكن لماذا يدفع شخص ما الكثير من المال مقابل شراء رمز غير قابل للاستبدال؟

ذكر الكاتب أن معظم الرموز غير القابلة للاستبدال تكون ذات سعر منخفض ونسمع عنها فقط عندما يكون هناك عملية بيع قياسية. وينطبق الأمر نفسه على الأعمال الفنية، إذ نسمع بخبر دفع أحدهم الملايين مقابل شراء لوحة لفنان مشهور مثل بيكاسو، بينما لم نسمع قط عن اللوحات التي بيعت مقابل مبالغ أقل من ذلك بكثير.

وكما هي الحال مع الأشياء المادية، تعتمد قيمة الفن الرقمي على المبلغ الذي يرغب شخص ما في دفعه مقابله، ويمكن أن يعود ذلك إلى العديد من العوامل. قد يعتقد الشخص الذي يشتري أحد الرموز الرقمية أنها جميلة جدًا أو مهمة، لذلك يكون سعيدا بدفع الكثير من المال من أجلها.

رسم لوحة الموناليزا فنان عصر النهضة ليوناردو دافنشي، وتعد واحدة من أشهر القطع الفنية في العالم، وهي معلقة في معرض اللوفر في باريس، الذي يقصده ملايين الأشخاص لرؤيتها في كل سنة.

فقاعة

أشار الكاتب إلى سبب آخر قد يكون وراء الثمن الباهظ للرموز غير القابلة للاستبدال، وهو ما يسميه الاقتصاديون الفقاعة. تظهر فقاعة في السوق عندما يشتري المستثمرون أصولا مع احتمال رئيسي لبيعها بعد فترة وجيزة بسعر أعلى، وهذا ما يدفع السعر للارتفاع.

تميل الفقاعات إلى الظهور كلما ظهرت تقنية جديدة. وقد راهن الكثير من المستثمرين بأموالهم بعد أن سمعوا عن السعر الخيالي لتكنولوجيا جديدة، أو سمعوا عن شراء المشاهير لها. وهم يشترونها دون فهم كامل لطبيعتها لأنهم منجذبون إلى الأموال التي قد يكسبونها من خلال بيعها مستقبلا. ويعتقد بعض الناس أن هذا ما يحدث مع الرموز غير القابلة للاستبدال.

وهذا لا يعني أن الرموز غير القابلة للاستبدال لا قيمة لها، ذلك أن الأشخاص الذين يشترونها يفعلون ذلك فقط لتحقيق الربح وليس لأنهم مهتمون بامتلاك صورة.

أما السبب الآخر الذي قد يجعل الرموز غير القابلة للاستبدال باهظة الثمن هو احتمال ارتباطها بـ"الميتافيرس" (Metaverse)، وهو عالم افتراضي يتم فيه تمثيل الأشخاص من خلال الصور الرمزية والمساحة الرقمية الخاصة، مثل الأرض الرقمية التي يتم بيعها في العالم الافتراضي "أذر سايد" (Other Side).

في المستقبل، يمكن عرض الرموز غير القابلة للاستبدال في هذا الفضاء الرقمي بالطريقة نفسها التي قد نعلق بها لوحة في منزل حقيقي. ومن المحتمل أيضًا أن يتم تحويل بعضها إلى صور رمزية فريدة يمكن للمالك استخدامها للتفاعل في ذلك العالم.

المصدر : ذا كونفرسيشن