سيناريوهات

خبراء يحلون اللغز.. لماذا لا تستفيد الدول العربية من القروض الخارجية؟ ولماذا يمنحها صندوق النقد أموالا أخرى؟

وسط ظروف اقتصادية صعبة وتوقعات باستمرار ارتفاع معدلات التضخم على الصعيدين الدولي والمحلي خلال الفترة المقبلة، أعلن في مصر عن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج إصلاح اقتصادي.

وتابع برنامج "سيناريوهات" (2022/11/3) حصول القاهرة بموجب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، ويأتي ذلك بعد اتفاق آخر لصندوق النقد مع تونس منتصف الشهر الماضي على قرض بقيمة تناهز ملياري دولار على مدى 4 سنوات مقابل إصلاحات موجعة قد تشمل رفع الدعم عن بعض المواد الأساسية وخصخصة بعض المؤسسات العمومية، في حين ينتظر لبنان الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار مقابل شروط ملزمة.

وفيما يخص الشأن المصري، رأى الصحفي والخبير الاقتصادي ممدوح الولي أن مصر لديها اتفاقات مسبقة مع صندوق النقد الدولي، ويعد الاتفاق الأخير هو السابع في تاريخ علاقتها به، موضحا أنه في كل المراحل لم يتم علاج "الأوجاع المزمنة" للاقتصاد المصري.

وأوضح أن الصندوق يقدم القرض بسبب عجز الموازنة وعلاج ميزان المدفوعات، وهذا ما يجعل القرض يصرف على تمويل الواردات وأمور جارية لا علاقة لها بالإنتاج، حيث وصلت القروض الخارجية إلى 156 مليار دولار، كما ستكون تكلفة الدَّين الخارجي لمصر 44 مليار دولار وهو عبء كبير على العجز المزمن في الميزان التجاري للبلاد.

وتوقع الولي أن تتجه الأمور نحو الأصعب، لأنه كانت هناك عوامل إيجابية ساعدت مصر سابقا على تحسين ظروفها خلال القرض السابق، ولكن الظروف الحالية لا تسمح بطرح سندات مصرية في الخارج ولا تشجع الاستثمارات الخارجية.

إنقاذ تونس

أما في تونس، فأكد وزير التجارة الأسبق والخبير الاقتصادي محسن حسن أن تونس تعرف أزمة خانقة غير مسبوقة وصندوق النقد الدولي كان هو الملاذ الأخير لإنقاذ الدولة من الإفلاس، مشيرا إلى أن هذه السنة يتوقع أن يصل فيها العجز في ميزانية الدولة إلى 10%.

وأضاف أن السوق الداخلية لا يمكن أن تلبي كل حاجيات الخزينة العامة، ولذلك لم يكن هناك مفر من اللجوء للديون الخارجية، مشيرا إلى أن كل مصادر التمويل الخارجي مغلقة في وجه تونس في انتظار حصول اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي.

وتوقع أن تكون سنة 2023 أصعب سنة اقتصادية تواجهها تونس في ظل ارتفاع خدمة الدَّين الخارجي بأكثر من 2.5%، وكذا تواصل ارتفاع أسعار المواد الأساسية التي يتم استيرادها لضعف منظومة الإنتاج الوطني، ولكنه عبّر عن تفاؤله المشترط بمراجعة تونس لخياراتها السياسية وكذا الحوار مع الشركاء للانطلاق في إصلاحات اقتصادية داخلية للاستغناء عن القروض الخارجية.

تسييس صندوق النقد

وبحسب رأى الخبير الاقتصادي والمدير التنفيذي السابق في صندوق النقد الدولي محمد فنيش، فإن المؤسسات المالية تعكس الفلسفة السياسية لمالكيها الكبار (أميركا والدول الأوربية)، مشيرا إلى أن صندوق النقد يأتي بإجراءات معينة من ضمنها تخفيض المداخيل والإنفاق العام والخاص عن طريق إجراءات تقشفية جديدة.

كما يلجأ الصندوق أيضا إلى تخفيض سعر الصرف بهدف زيادة المقدرة التنافسية للصادرات بغرض بعث الاطمئنان لدى المستثمرين، مشيرا إلى أن الصندوق لا يتعاطى مع المشاكل الحقيقية وهيكل اقتصاد البلدان بشكل عام لأنها لا تدخل ضمن اختصاصاته.

وتوجه اتهامات كثيرة لصندوق النقد الدولي وتجاربه مع العديد من الدول المستدينة، التي تغرق أكثر في أزمة تلو أخرى بعد أن تقع في فخ الديون المتراكمة وإعادة جدولتها.

وفي هذا السياق، أثير الكثير من الجدل حول الشروط التي تضمنها الاتفاق الأخير بين الصندوق ومصر، وما اعتبره البعض نوعا من فرض الوصاية الدولية أو الإقليمية على الاقتصاد المصري.

وكان المحللون قد قدموا تحذيرات كثيرة عن القروض المرتبطة بشروط وإجراءات صعبة، حيث يبدو أن الأوضاع المالية والاقتصادية لبعض الدول العربية ستشهد ترديا أكبر من خلال غرقها في أزمة الديون الأجنبية وتزايد حجم مديونيتها، خاصة في ظل استمرار انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي وارتفاع أسعار السلع الأساسية.