تحقيقات الجزيرة

رئيسة وزراء بنغلاديش وعصابة الأشقاء الأربعة

يكشف الفيلم الوثائقي “رجال رئيسة الوزراء” -الذي أعدته وحدة التحقيقات في شبكة الجزيرة- عن كيف أصبحت “عصابة مافيا” تهيمن على الدولة في بنغلاديش، بفعل علاقاتها الوطيدة مع رئيسة الوزراء الشيخة حسينة.

وحسب التحقيق، فقد باتت هذه "العصابة" تسخر الشرطة والوحدات شبه العسكرية لتحقيق مصالحها، حتى لو كان ذلك يتطلب اختطاف الخصوم وجني الملايين عبر الرشوة.

ووفقا للوثائق التي حصل عليها تحقيق الجزيرة، فإن الأمر يتعلق بـ4 أشقاء من عائلة أحمد، نشؤوا في بيئة فقيرة جدا، واختار أحدهم -ويدعى عزيز- الالتحاق بالجيش، في حين اختار أشقاؤه الثلاثة (حارس وأنيس وجوزيف) طريق الإجرام، وشكلوا عصابات للقتل والاستيلاء على المال العام، أما شقيقهم الخامس (تيبو) فقد قتل عام 1999 في تبادل لإطلاق النار مع عصابات.

كما حصلت وحدة تحقيقات الجزيرة على تسجيلات لمكالمات هاتفية يشرح فيها الجنرال عزيز كيف عمل أشقاؤه في فريق الأمن الخاص التابع للشيخة حسينة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ويصف الجنرال في المكالمة الهاتفية رابطة الولاء التي لا تنفصم بين أشقائه وزعيمة بنغلاديش.

وفي عام 1996، أدين الأشقاء الثلاثة بقتل معارض سياسي للشيخة حسينة، فحكم عليهم بالإعدام، غير أن الشقيق الأصغر جوزيف هو الوحيد الذي تم إلقاء القبض عليه، لكنه خرج بعد سنوات من السجن بعفو رئاسي أثار استغراب الجميع، في حين تمكن الشقيقان أنيس وحارس -بمساعدة شقيقهما عزيز الذي أصبح يتولى منصبا عاليا في الجيش- من الهرب إلى أوروبا، والتهرب من العدالة.

وهرب حارس، الذي ما يزال اسمه ضمن قائمة أكثر المطلوبين في البلاد، إلى بودابست في المجر، ولا يزال يعيش هناك بعد أن انتحل هوية أخرى باسم محمد حسن. في حين يعيش أنيس في كوالالمبور، التي فرّ إليها بعد تأييد إدانته بجريمة القتل عام 2007.

وأظهرت وثائق حصل عليها تحقيق الجزيرة كيف استخدم الجنرال عزيز -الذي عينته الشيخة حسينة قائدا للجيش- ضباط الجيش لمساعدة شقيقه حارس على انتحال هوية زائفة، استخدمت فيما بعد لتأسيس مشاريع تجارية في أوروبا وشراء عقارات حول العالم.

وكان حارس أحمد يعيش تحت هوية مزيفة في أوروبا. وكشف في محادثة سُجلت له خفية كيف أن أرباحًا طائلة يتم جنيها من الرشاوى التي يتقاضونها مقابل توفير معارف داخل الجيش أو ضمن الرتب العليا في سلك الشرطة في بنغلاديش.

ويزعم حارس أنه يشتغل بدعم كامل من السياسية التي كان يعمل حارسًا لها، وفي أحد التسجيلات ظهر وهو يقول لأحد معاونيه "حتى رئيسة الوزراء قالت إذا أراد حارس أن يفعل شيئًا فليفعله. وسوف نساعد".

واستطاع فريق الاستطلاع التابع لوحدة تحقيقات الجزيرة اكتشاف مقر إقامة أنيس الفار من العدالة، وذلك بعد تعقب الجنرال عزيز أحمد أثناء زيارة قام بها إلى ماليزيا، حيث اجتمع جميع الأشقاء الأربعة في لقاء للمّ الشمل، وانطلقوا في سيارات دبلوماسية لقضاء الأمسية في مقر المفوضية العليا لبنغلاديش في العاصمة الماليزية.

ومع أن أنيس وحارس مطلوبان للعدالة في بنغلاديش، فإنهما قاما بزيارتها في مارس/آذار 2019 لحضور زفاف نجل عزيز، حيث شارك الهاربان مع رئيس بنغلاديش عبد الحميد وعدد من كبار الضيوف الأجانب في حفل الزفاف البذخ.

وفي المكالمة الهاتفية المسجلة التي حصلت الجزيرة عليها، يستذكر الجنرال عزيز أحمد كيف دافعت حسينة عن الأشقاء في لقاء مع منتقديها، حيث قالت "اسمعوا، أنتم لا تعرفون أفضل مني من هم أشقاؤه. أين كنتم جميعًا (…) عندما أُلقيت القنابل داخل بيتي؟ تلك الأشياء كانت تحدث لبيتي، فأين كنتم؟ كان أشقاء القائد (الجنرال عزيز أحمد) جميعًا من حولي، كانوا حُماتي".

وبينما تعمل الشيخة حسينة على تقويض الديمقراطية وتقوم باعتقال المعارضين، يكشف التحقيق أيضًا عن أن بنغلاديش قامت مؤخرًا بشراء أنظمة اعتراض لاختراق أجهزة الهواتف النقالة من إسرائيل، رغم أنها لا تعترف بها رسميًّا، وقام خبراء تجسس إسرائيليون بتدريب ضباط من جهاز الاستخبارات العسكرية في بنغلاديش على المنظومة في موقع سري خارج مدينة بودابست.

وتكشف عقود الصفقة عن كيف عملت بنغلاديش على إخفاء الأصول الإسرائيلية لمنظومة التجسس من خلال الزعم بأنها صُنعت في المجر.

يذكر أن وحدة تحقيقات الجزيرة تواصلت مع جميع من ورد ذكرهم في التحقيق، بما في ذلك رئيسة الوزراء ووزير الداخلية والمفتش العام ومفوض الشرطة والأشقاء الأربعة من عشيرة أحمد، ودعتهم جميعًا للرد على ما توصل إليه الوثائقي من خلاصات، ولكن لم يستجب منهم أحد.

وقال اللواء حسنات بشار إنه لم يطلب منه إطلاقًا مساعدة الأشقاء. في حين قال جيمس مولوني إن "سافرين سيستمز" لم تكن الشركة التي تعاقدت مع الجيش في بنغلاديش. ولم يقل شيئًا حول دوره كوسيط في صفقة برنامج التجسس غير القانونية.

وبعد نشر التحقيق، أصدرت وزارة الخارجية في بنغلاديش بيانًا وصفت فيه ما توصل إليه التحقيق بأنه "حملة تشويه" يشنها معارضو النظام المقيمون في الخارج.

وقالت وزارة الدفاع إن الفيلم كان ملفقًا، وإن العديد من الأحداث تم تجميعها معًا لتشويه الحقيقة. وقالت الوزارة إن معدات اعتراض الهواتف النقالة تم شراؤها من المجر وليس من إسرائيل.