كتب الطبخ.. دليل للزوجة الصالحة وتأريخ لثقافات الشعوب

من أقدم الوصفات المكتوبة لبلاد ما بين النهرين القديمة إلى كتب أبرز الطهاة المعاصرين تعد كتب الطبخ جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية، كما تعد سجلا للماضي، حتى أن بعض كتب الطهي غيرت طريقة تناولنا للطعام وطريقة تحضيرنا له إلى الأبد.

تعزز كتب الطبخ ثقافة كل مجتمع وتعرفنا على عاداته الغذائية، وتنتقل الوصفات من جيل إلى جيل، لتصبح أكثر من مجرد قوائم بمكونات الوصفات.

يمكن القول إن بداية كتب الطهي تعود إلى البابليين القدماء منذ ما يقارب 4 آلاف عام، نقشت الوصفات على ألواح حجرية قديمة عرفها الباحثون منذ أوائل القرن العشرين، وتعد الألواح جزءا من مجموعة تاريخية في متحف الفن البابلي القديم، بالإضافة إلى قرص رابع نقش بعد الألواح الثلاثة بحوالي ألف عام، وتعود كل المجموعة إلى منطقة بلاد ما بين النهرين أو ما تعرف اليوم بتركيا وسوريا وإيران والعراق.

ويأتي كتاب "دليل الزوجة الصالحة" (Le Menagier de Paris) كأشهر كتب الطهي الفرنسية في العصور الوسطى، وهو ليس مجرد كتاب وصفات طعام، لكنه كما يظهر من اسمه دليل الزوجة الصالحة للتعامل مع زوجها، وكيف تكون لطيفة ومسالمة، بالإضافة إلى أنواع النباتات التي تنمو في باريس وقائمة بمحلات الجزارة واللحوم في باريس.

يظهر الكتاب الثقافة البرجوازية التي كانت سائدة في ذلك الوقت، خاصة أنه يقدم توجيهات حول الرعاية الطبية للخيول وطرق تدريب الصقور وقوائم الأعياد الباريسية بالتفصيل.

علم الطبخ وفن الأكل الصحي

ظهرت الطبعة الأولى من كتاب "علم الطبخ وفن الأكل الصحي" (La scienza in cucina e larte di mangier bene) عام 1891 في 790 صفحة، ومئات الوصفات التي جمعها المؤلف بشغف وصبر على مدى سنوات عديدة ورحلات لا حصر لها في أنحاء إيطاليا.

ولا يعتبر هذا الكتاب مجرد كتاب طهي، فهو مليء بالأفكار حول الطعام الصحي وطرق تقديم الطعام بالإضافة إلى لغته النثرية الرائعة، وتأتي أهميته أيضا من كونه يعرّف القارئ والطهاة بتراث إيطاليا الغذائي.

وعند العودة إلى الشرق مع المطبخ الهندي من المستحيل تلخيص كل ثقافة الهند الغذائية في كتاب واحد، حيث إنها دولة فيها 29 ولاية وعدد سكانها أكثر من 1.3 مليار نسمة، لذلك يرشح أكثر الكتب شمولا وهو كتاب بعنوان "660 نوعا من الكاري" (660 Curries) لراغافان أيير.

تشبه وصفات ذلك الكتاب دروسا صغيرة في الطهي، إذ توضح الفصول الأولى خلطات التوابل والصلصات المختلفة والفوارق بينها.

يناسب الكتاب كل النظم الغذائية تقريبا، سواء النباتيون أو محبو اللحوم والأسماك والدواجن بخلطات مختلفة من الكاري، ويناسب أيضا مستويات مختلفة من الطهاة، سواء المحترفون أو المبتدئون.

عندما ننتقل إلى المطبخ المصري نجد العديد من الوصفات وكتب الطهي الشهيرة، لكن يبقى كتاب "المطبخ الفرعوني" لعالمة الآثار ماجدة مهداوي واحدا من أهم كتب الطبخ المصرية الحديثة.

درست مهداوي في كلية الآثار بجامعة الإسكندرية إلى جانب شغفها بالطعام، وهي مؤلفة كتاب "مطبخ جدتي" الصادر عن منشورات الجامعة الأميركية بالقاهرة والحاصل على جائزة الأهرام التقديرية في نسخته العربية الأصلية.

يحتوي الكتاب على عدد كبير من الوصفات المصرية القديمة وتقاليد الطعام الراسخة عند المصريين القدماء، بالإضافة إلى مجموعة من الصور التوضيحية التي تصف المنزل والمطبخ المصري القديم وآداب المائدة وأواني الطبخ والمشروبات ومكونات كل وصفة، ونتعرف أيضا من خلال الكتاب على الاحتفالات التقليدية والمناسبات الدينية وبعض تقاليد الطهي القديمة التي استمرت حتى يومنا هذا.

وبالنسبة لإيران يعد المطبخ أحد العناصر الأساسية للثقافة هناك، حيث يعتبر الإيرانيون المطبخ وتناول الطعام جزءا من هويتهم وطريقة تعبيرهم عن فنونهم وإبداعهم، ويبذلون الكثير من الجهد والوقت لتجهيز الطعام، كما يشتهرون بكرم الضيافة، ويعتبر تناول الطعام هناك طريقة لجمع العائلة والأصدقاء معا.

وغالبا ما يكون طهي الأطباق الفارسية صعبا ومرهقا، خاصة بالنسبة للمبتدئين، لذلك تمثل كتب الطهي أهمية كبيرة لمعرفة المكونات والخطوات.

ويعد كتاب "الطبخ الفارسي السهل الساحر" (The Enchantingly Easy Persian Cookbook) كتابا مثاليا للمبتدئين، لأن الوصفات الفارسية تتميز أساسا بالرائحة والنكهة، مما يتطلب وقتا طويلا للإعداد، ومع ذلك يضمن الكتاب تحضير الوجبة في 15 دقيقة بطريقة مباشرة وغير معقدة دون الحاجة إلى الكثير من الأدوات.

كما يسلط الضوء على بعض النكهات التي تمثل جوهر المطبخ الفارسي، مثل الزعفران وحليب الورد، بالإضافة إلى حساب السعرات الحرارية الخاصة بكل وجبة.