"لا أهلا ولا سهلا بقتلة الزواري وأبو عاقلة".. طقوس الزوار اليهود تحيي جدل التطبيع بتونس

انتقدت قيادات تونسية ما وصفته "بازدواجية المعايير"؛ بالتصريح برفض التطبيع من جهة والسماح للإسرائيليين بدخول تونس "تحت غطاء ديني" من جهة أخرى.

صورة رئيسة الحكومة التونسية مع أحد المتهمين بالتطبيع فجرت غضبا عارما في تونس (مواقع التواصل)

تونس- أعادت الزيارة السنوية التي يؤديها اليهود لمعبد "الغريبة" بالجنوب التونسي الجدل بشأن قضية التطبيع، بعد اتهامات وجهها حقوقيون وأحزاب للسلطات بالسماح لشخصيات إسرائيلية متطرفة وأخرى داعمة لها بالحضور تحت غطاء ديني.

وبعد انقطاع استمر سنتين بسبب وباء كورونا، عاد نحو 5 آلاف يهودي إلى جزيرة "جربة" التونسية لأداء طقوس "حج معبد الغريبة"، وفق ما أكده للجزيرة نت رئيس الطائفة اليهودية في تونس بيريز الطرابلسي.

وانتقد الطرابلسي ما وصفه بـ"محاولة البعض توتير مناخات التعايش السلمي في البلاد بخلق الإشاعات"، مؤكدا أن "كل من قدم إلى الجزيرة هم يهود من أصول تونسية وحاملو جواز سفرها وليست لهم أية أفكار عنصرية أو متطرفة".

وفجّرت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن -خلال حضورها فعاليات هذه التظاهرة- الجدل بعد نشر حساب الرئاسة صورة لها برفقة أحد الشخصيات الدينية الفرنسية من أصول تونسية، ويدعى حسن شلغومي الذي يجاهر بدعمه الجيش الإسرائيلي، ويوصف "بعرّاب التطبيع"، لتضطر الحكومة لحذفها بعد ذلك.

رئيس الطائفة اليهودية في تونس نفى قدوم حاملي الجواز الإسرائيلي (مواقع التواصل)

بؤرة اختراق

واستنكر الأمين العام لحزب التيار الشعبي زهير حمدي ما قال إنه "تحول معبد اليهود بالغريبة التونسية إلى بؤرة للاختراق الإسرائيلي وللمطبعين" تحت ذريعة أداء طقوس دينية يهودية.

وشدد حمدي في حديث للجزيرة نت على وجود بون شاسع بين السماح لليهود التونسيين بممارسة شعائرهم الدينية، واستقدام مجاميع صهيونية وشخصيات تجاهر بدعمها الجيش الإسرائيلي.

وفي الوقت ذاته، وصف أمين عام التيار الشعبي اتهامات بعض الشخصيات السياسية المعارضة لرئيس الجمهورية بالنزوع نحو التطبيع والتخلي عن شعاراته السابقة؛ بأنها محاولات للركوب على الحدث وتسجيل نقاط سياسية.

وذكر حمدي أن تلك الأحزاب نفسها رفضت سابقا تمرير مشروع "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني" في البرلمان، مشددا على أن تونس تتعرض اليوم لعملية ابتزاز شديدة من قوى خارجية ومن "التجمع" (اللوبي) الصهيوني في العالم تدفعها نحو التطبيع، وتقايضها بأمنها الغذائي والاقتصادي.

وكان حزب التيار الشعبي كشف -في بيان رسمي- عن تحوّل زيارة اليهود لكنيس الغريبة إلى "مناسبة سنوية لتعميق التطبيع مع كيان العدوّ وفرصة لدخول أخطر عناصره الإرهابية"، وفق وصفه، وجدد الحزب في البيان ذاته تمسكه بقانون يُجرّم التطبيع مع إسرائيل لحماية الأمن القومي.

ومنذ سنوات، تحاول جمعيات وأحزاب تونسية مناهضة للتطبيع الضغط على السلطات، ودفعها نحو قانون يجرم التطبيع، وسط مخاوف من التحاق تونس بركب دول مجاورة أعلنت التطبيع السياسي والاقتصادي مع إسرائيل.

 

غطاء ديني

وقال أمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي إن "اليهود مرحّب بهم في تونس لأداء طقوسهم الدينية، لكن لا يجب أن يتخذ الأمر مطية ومدخلا للتطبيع واختراق الساحة التونسية من قبل المطبعين".

وتابع الشابي للجزيرة نت "نرحب بكل يهود العالم باستثناء الصهاينة، ولا أهلا ولا سهلا بقتلة الشهيد محمد الزواري وشيرين أبو عاقلة، ومن انتزعوا أراضي فلسطين ونكلوا بشعبها".

وانتقد الشابي ما وصفها بازدواجية المعايير وتضاربها؛ في إشارة إلى الموقف السابق الذي أعلنه الرئيس التونسي قيس سعيّد إبان حملته الانتخابية، حين أكد أن "التطبيع خيانة عظمى"، ليسمح بعدها بدخول شخصيات مطبعة للتراب التونسي.

ووجّه الأمين العام للحزب الجمهوري أيضا سهام نقده لبعض الأحزاب القومية في تونس التي -حسب قوله- لم تظهر أي موقف تجاه دخول شخصيات إسرائيلية إلى البلاد، و"هي التي طالما تاجرت بالقضية الفلسطينية في مناكفات سياسية".

يُشار إلى أن أحزابا تونسية ومنظمات عبّرت في وقت سابق عن إدانتها حادثة اغتيال مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، في حين وصف رئيس الجمهورية الراحلة بأنها "شهيدة الكلمة والفكر الحر".

المصدر : الجزيرة